رأي المربي في المتربي له أثر على شخصيته

منذ 2014-07-19

ينبغي على الوالدين أن يشجعوا أطفالهم ويمدحوهم ببعض الصفات الحسنة -حتى لو لم تكن فيهم- باعتدال؛ لعلهم يتصفوا بها مع الوقت، كما ينبغي عليهم أن يتجنبوا وصفهم ووصمهم بالصفات الذميمة، حتى وإن كانت متحققة فيهم؛ لأنهم بذلك يؤصلونها فيهم ويحكمون عليهم بها.

إن فكرة الفرد عن نفسه هي انعكاس مباشر لفكرة الآخرين عنه، فالأبناء يتأثرون بأقوال وآراء الأبوين فيهم، ويبنون كثيرًا من مواقفهم وعلاقاتهم على أساسٍ من الرأي السائد فيهم.

ينبغي على الوالدين أن يشجعوا أطفالهم ويمدحوهم ببعض الصفات الحسنة -حتى لو لم تكن فيهم- باعتدال؛ لعلهم يتصفوا بها مع الوقت، كما ينبغي عليهم أن يتجنبوا وصفهم ووصمهم بالصفات الذميمة، حتى وإن كانت متحققة فيهم؛ لأنهم بذلك يؤصلونها فيهم ويحكمون عليهم بها.

أحيانًا وفي حدود ضيقة ينبغي على الوالدين أن يعرِّضوا ببعض الصفات الذميمة في أطفالهم ليتجنبوها ويحذروا منها، ما أجمل أن يمزج المربي بين التنبيه على الخطأ والقصور وذكر شيء من المحاسن! فذلك أدعى لقبول المتربي.

روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رؤيا رآها في المنام على حفصة رضي الله عنها فقصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «نِعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل، فكان بعدُ لا ينام من الليل إلا قليلًا» (صحيح البخاري، رقم:1121).

المتأمل في هذا الحديث يجد أن المربي العظيم مدح الصحابي الجليل عبد الله بقوله «نعم الرجل» مما عزَّز فيه الثقة بالنفس، ثم قال: «لو كان يصلي من الليل»، هنا جعل المكمّل لمدحه عملًا بسيطًا، ولم يجعله عملًا شاقًا في قوله: «من الليل»، ولم يذكر الليل كله! بحيث يكون النقد حافزًا للتميز.

يقول أحدهم وهو يتحدث عن موقف من مواقف الطفولة: "في يوم من الأيام تحدثت إلى أمي وعندها بعض النسوة فقالت إحداهن: "إنه يكذب"، فقالت أمي: لا! ولدي لا يكذب عليَّ أبدًا".
يقول: "فلم أزل بعد ذلك أتحاشى الكذب، ولا تطاوعني عليه نفسي, ولم أكن قبل ذلك كذلك".

إن الأبوين إذا شجَّعا ابنهما على الترحيب بالضيوف واستقبالهم، وتقديم القهوة والشاي لهم، وأتاحا له الفرصة لدعوة أصدقائه وإكرامهم داخل المنزل فإنه يكوِّن فكرة جيدة عن نفسه في باب الكرم والجرأة والمبادرة.

وإذا كلَّف الأب ابنه ببعض المهام المالية، بحيث يشتري الأشياء ويختارها، ويفاوض في شأنها، وشجعه على مثل هذا، وأتاح له الفرصة، وغض الطرف عن بعض أخطائه المتوقعة في ذلك، فإنه يكوِّن فكرة جيدة عن نفسه، من حيث القدرة على الاختيار، والتفاوض، والأمانة، وتحمل المسؤولية.

وإذا كلَّف الأستاذ تلميذه بقيادة مجموعة طلابية، وتوزيع المهام عليهم، وتكليفهم ببعض الأدوار، والقيام بعملية الضبط والمتابعة، فإنه يكوِّن فكرة عن قدراته الإدارية والقيادية.

 

نايف القرشي

  • 0
  • 0
  • 1,886

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً