العبودية - الفرق بين الخالق والمخلوق (5)

منذ 2014-08-20

وهذه الحقيقة التي دعا إليها القرآن، وقام بها أهل تحقيق الإيمان والكمل من أهل العرفان، ونبينا صلى الله عليه وسلم أمام هؤلاء وأكملهم، ولهذا لما عرج به إلى السموات وعاين ما هنالك من الآيات، وأُوحي إليه ما أُوحي من أنواع المناجاة، أصبح فيهم وهو لم يتغير حاله، ولا ظهر عليه ذلك بخلاف ما كان يظهر على موسى من التغشي صلى الله عليهم وسلم أجمعين.

وهذه الحقيقة التي دعا إليها القرآن، وقام بها أهل تحقيق الإيمان والكمل من أهل العرفان، ونبينا صلى الله عليه وسلم أمام هؤلاء وأكملهم، ولهذا لما عرج به إلى السموات وعاين ما هنالك من الآيات، وأُوحي إليه ما أُوحي من أنواع المناجاة، أصبح فيهم وهو لم يتغير حاله، ولا ظهر عليه ذلك بخلاف ما كان يظهر على موسى من التغشي صلى الله عليهم وسلم أجمعين.

وأما النوع الثالث مما قد يسمى فناء فهو أن يشهد أن لا موجود إلا الله، وأن وجود الخالق هو وجود المخلوق، فلا فرق بين الرب والعبد، فهذا فناء أهل الضلال والإلحاد الواقعين في الحلول والاتحاد، والمشائخ المستقيمون إذا قال أحدهم ما أرى غير الله أولا أنظر إلى غير الله ونحو ذلك فمرادهم بذلك ما أرى ربا غيره ولا خالقا غيره ولا مدبرا غيره ولا إلها غيره ولا أنظر إلى غيره محبة له أو خوفا منه أو رجاء له، فإن العين تنظر إلى ما يتعلق به القلب فمن أحب شيئا أو رجاه أو خافه التفت إليه، وإذا لم يكن في القلب محبة له ولا رجاء له ولا خوف منه ولا بعض له، ولا غير ذلك من تعلق القلب له لم يقصد القلب أن يلتفت إليه، ولا أن ينظر إليه وإن رأه اتفاقا رؤية مجردة كان كما لو رأى حائطا ونحوه مما ليس في قلبه تعلق به والمشائخ الصالحون رضي الله عنهم يذكرون شيئا من تجريد التوحيد، وتحقيق إخلاص الدين كله، بحيث لا يكون العبد ملتفتا إلى غير الله، ولا ناظرا إلى ما سواه لا حبا له ولا خوفا منه ولا رجاء له، بل يكون القلب فارغا من المخلوقات خاليا منها لا ينظر إليها إلا بنور الله، فبالحق يسمع وبالحق يبصر وبالحق يبطش وبالحق يمشي، فيجب منها ما يحبه الله ويبغض منها ما يبغضه الله، ويوالي منها ما والاه الله ويعادي منها ما عاداه الله، ويخاف الله فيها ولا يخافها في الله، ويرجو الله فيها ولا يرجوها في الله، فهذا هو القلب السليم الحنيف الموحد السلم المؤمن العارف المحقق الموحد بمعرفة الأنبياء والمرسلين وبحقيقتهم وتوحيدهم.
 

  • 0
  • 0
  • 2,289
المقال السابق
الفرق بين الخالق والمخلوق (4)
المقال التالي
الفرق بين الخالق والمخلوق (6)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً