في المطار: فقراء لكنهم إن شاء الله أولياء
أمتعة كثيرة يحملونها وصدور تمتلئ سعادة وعيون تتلألأ بالانبهار، وكأنهم ولأول مرة يرون أقاربهم وذويهم، لا يطيقون انتظارًا حتى يخرجوا من المطار فيبدأوا بقص القصص والحكايا عما رأوه من أنوار جلية في زيارتهم لبيت الله الحرام، ومسجد رسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم.
"خد يا ابني ده بلح من عند الرسول عليه الصلاة والسلام"، كانت تلك كلمات منه استعظامًا لتمر من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أذهلتني تلك الكلمات من رجل بسيط يرتدي الزي الريفي الجميل العمامة والطاقية البنية المصنوعة من صوف الخراف، والجلباب الواسع ذو الأكمام الواسعة، وتحته الصديري المخطط بين الأبيض والأسود، ونور وجه الرجل يكاد يغطي نور الصالة كلها، ياله من إيمان فطري! فكما سمعنا: (كم لله من أتقياء أخفياء).
أمتعة كثيرة يحملونها وصدور تمتلئ سعادة وعيون تتلألأ بالانبهار، وكأنهم ولأول مرة يرون أقاربهم وذويهم، لا يطيقون انتظارًا حتى يخرجوا من المطار فيبدأوا بقص القصص والحكايا عما رأوه من أنوار جلية في زيارتهم لبيت الله الحرام، ومسجد رسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم، أمتعتهم مليئة منفوشة منفوخة تغريك من منظرها وكأنهم ما ذهبوا إلا ليتسوقوا..
وفعلاً ذهبوا ليتسوقوا لأنفسهم مغفرة من الله وفضل، ثم رأوا أن يتبضعوا ببعض ما يدخل السرور على أحبتهم من بضائع الدنيا، فأخذوا يشترون الألبسة الرياضية -ترينينج- والأثواب والسراويل وبعض من أغطية الرؤوس من (الغتر والقبعات البيضاء والمسبحات) وبعض الحلي الزائف الذي تحسبه ذهبًا خالصًا وهو -فالصو- الزهيد القيمة العالي المقام لعظمة ما جلب منه ومن جلب لأجله..
لكنهم لا يملكون أموالاً طائلة تجعلهم يشترون الأثواب الفاخرة من الماركات العالمية أو ذهبًا خالصًا وعلتهم في ذلك: "أن كفانا أن تلك الهدايا اشتريناها من بلد الله الحرام، إذًا فقد تنفست تلك البضائع هواء مكة، ووضعت في حقائب لتنتقل وتتمشى من محلها إلى حقيبة السفر فاستظلت تحت سماء مكة وسارت في شوارعها".
تلك البساطة الفطرية التي قلما تجدها إلا عند الطيبين الأصفياء الأنقياء الأولياء..
بارك الله فيهم وفي متاعهم وفي من جلبوه إليه، وفيما جلب له.
أحمد سليمان
- التصنيف: