التقنية الحديثة والحاجز الذي تخلقه بين الآباء والأبناء
تعد الأسرة التقليدية بروابطها القديمة، أفضل نصيحة نسديها لمن يرغب بإعادة فتح أبواب التواصل بين الآباء والأبناء وذلك بداية بالابتسامة لأحباب الله واحتضانهم والحوار معهم، ويتم ذلك من خلال ترتيب الأولويات لاحتياجات الأطفال، ومن ثم يأتي الوقت المناسب للاستمتاع بالتقنية والأجهزة والحواسيب.
هل يمكنك تخيل مدى الحاجز الذي تخلقه التقنية والإنترنت بين الآباء والأبناء؟
هل أصبح الأمر صعبًا بحيث لا يمكن تجاوز الوضع الحالي لحياة الأسرة والأطفال؟
فاليوم كل شخص تقريبًا أصبح مهووسًا بالتقنية والإنترنت! كما أن هناك آباء أجهزتهم لا تفارق أيديهم، ناهيك عن المراهقين، فهواتفهم الذكية وأجهزتهم الأخرى أيًا كانت تمثل أول أمر يستفتحون به صباحهم، وكذلك الأمر الأخير الذي يختمون به ليلتهم، إلى جانب الاستخدام المتكرر خلال اليوم، فالآباء يقومون بزيارة صفحاتهم على الفيس بوك لمتابعة تحديثاتهم، ومن هناك يبدأ التغيير الجذري تدريجيًا للحياة اليومية.
فقد أصبح الآباء مرتبطين بالتقنية لدرجة كبيرة، تجعلهم غير مدركين تجاهلهم لأطفالهم الصغار الذين بدورهم يلاحظون كل ما يقوم به أهاليهم طوال الوقت، فهؤلاء الصغار يدركون اعتمادنا على الإنترنت والهواتف الذكية والأجهزة الحديثة. والأمر جلي في كون العديد من الناس أصبحوا يعيشون في عوالم افتراضية، متباعدين عن بعضهم البعض، والسبب يكمن كله في التقنية الحديثة والإنترنت، والأسوأ من ذلك كله وصول الأمر إلى مرحلة ينعدم فيها التواصل!
ولا عجب في أن الأطفال والمراهقين الصغار بارعين في استخدام برامج التواصل الحديثة وإرسال البريد والرسائل النصية، حيث تطور التقنية وتَوفر الاتصال الدائم بالشبكة جعل الأمر ممكنًا، كما أن للآباء دورًا في تدريب صغارهم على ذلك حتى من دون إدراك، فلا يمكن تجاهل أمور مثل رؤيتهم لمشاهد يومية من إدمان آبائهم على هواتفهم الذكية، أو أجهزتهم سواء بإرسال الرسائل النصية أو البريد أو المحادثات المباشرة.
ويا لها من مفاجأة عندما ندرك أن معظم الآباء اليوم فقدوا القدرة على التواصل فعليًا مع أطفالهم! فيقوم هؤلاء الآباء برمي المسؤولية وتجاهلها تحت عبارة: "إنهم الأطفال يحبون التقنية"! فمع هذا التطور التقني أصبحت السماعات لا تفارق آذانهم الصغيرة، كما أن عيونهم مُعلّقة على شاشات الحواسيب والأجهزة اللوحية، وكذلك الجوالات وهو الأمر الذي تعلموه من آبائهم! وتأتي مشكلة ضعف التواصل عند الأطفال بسبب فقدان تواصلهم مع والديهم أولاً، وتمثل التقنية السبب الرئيس في خلق هذا الحاجز منذ بداية الأمر.
ولا أحد ينكر أن الآباء لديهم رغبه قوية للتواصل مع أطفالهم بالحب والرعاية، لكن المشكلة تكمن في عدم معرفة الروابط التي يمكنهم التمسك بها للتواصل مع أطفالهم المولودين في زمن عصري طغت عليه التقنية، وللأسف فإن للمجال التقني المتناهي السرعة دورًا كبيرًا في التواصل المقطوع الحاصل بين الناس خاصة أفراد الأسرة.
وتعد الأسرة التقليدية بروابطها القديمة، أفضل نصيحة نسديها لمن يرغب بإعادة فتح أبواب التواصل بين الآباء والأبناء وذلك بداية بالابتسامة لأحباب الله واحتضانهم والحوار معهم، ويتم ذلك من خلال ترتيب الأولويات لاحتياجات الأطفال، ومن ثم يأتي الوقت المناسب للاستمتاع بالتقنية والأجهزة والحواسيب.
وقد يكون الأمر غير كاف لهؤلاء الصغار، حين يدركون أن آبائهم يعطونهم أهمية واهتمامًا تفوق ذلك الشعور الذي يحملونه لبرامج التواصل، التي لا يمر يوم دون القيام بتحديثات جديدة لها، والاطلاع على الجديد فيها، فليحذر الآباء من الوقوع في شباك هذه التقنية فإن الخلاص منها أمر صعب.
ولا أحد ينكر أن التقنية جذبت العالم، وساقت الأسرة في تياراتها الجارفة، سواء كانوا آباء أو أبناء، لكن رغم ذلك لا زالت الحياة تضم أمورًا لا يمكن القيام بها أو استبدالها باستخدام التقنية! إنها الطريقة الطبيعية للتواصل بين الآباء والأبناء بالعناق واللمس والتقبيل.
ترجمة: إيمان سعيد القحطاني