مِنْ وحْيِ الهِجْرة

منذ 2014-10-24

ها قد أهلّ على الوجودِ (مُحَرّمُ) *** فالكونُ يزهو والحياةُ تَبسّمُ

ترنو إلى ركبِ النبي وقد مضى *** تَبْكيه مكةُ والمَقَامُ وزمزمُ

عوّدتُ نفسي الاحتفالَ بهجرةِ الْـ *** هادي الْبشيرِ، وعطرَها أتنسّمُ

لكنْ على الوجهِ الذي أبصرتُهُ *** عن حبِ خير المرسلين يُترجِمُ

 

فاخترتُ من شعرِ المديحِ قصيدةً *** أنشدتُها ووجدتُني أترنّمُ

وحَسِبتُ أني قد بلغْتُ ذرا التقى *** بل ليس مثلي في المحبة مسلمُ!!

وإذا بأعماقي دويّ صارخٌ *** يا غافلاً حتّى متى تتَوهّمُ!!

حتى متى والقولُ قد زخرفْتَهُ *** والفعلُ يفضحُ ما تقولُ وتزعُمُ

 

لمّا عَجزْتَ عن اتباعِ (محمدٍ) *** أَقنعْتَ نفسَكَ بالكلامِ ، ودُمْتمو!

ماذا اقترفتُ لكي تراني واهماً *** أَلأَنّنِي بهوى النّبيِ مُتيّمُ؟!

إني أرى حبّ النبي عبادةً *** ينجو بها يومَ الحسابِ المسلمُ

فأجابني: حبّ النبِي عبادةٌ *** فرضٌ على كل العبادِ محتّمُ

 

لكنْ إذا سَلَكَ المحبّ سبيلَهُ *** متأسّياً وَلِهدْيِهِ يَتَرَسّمُ

هل ضيّعَ الإسلامَ إلا قائلٌ *** أفعالُهُ تنفي المقالَ، وَتْهدِمُ؟

فالقدسُ ضاعت من كلامٍ دونما *** فعلٍ يؤيد قولَهم، ويُتَرْجِمُ

والطفلُ ملّ من الكلامِ؛ وليتهم *** يَدَعُونه يرمي اليهودَ، ويَرْجُمُ

 

والعدلُ ملّ من الكلامِ ؛ وقد رأى *** مَنْ يَدّعي عدلاً يجورُ، ويَظْلِمُ

والطهرُ ملّ من الكلامِ؛ وطالما *** زعمَ الطهارةَ داعرٌ لا يَرحمُ

حتى البطولةُ أَعْلنتْ إضرابَها *** لما ادّعاها من يَخافُ، ويُحْجمُ

فَصَرخْتُ: كُفّ القولَ؛ قد أَخْجَلْتَنِي *** وكلامُك الحقّ الذي لا يُكْتَمُ

 

تعني بهذا أن يجيء (محرمٌ) *** ويروحَ عنّا دونما يُستَلْهَمُ؟

فأجابني: كلاّ فهجرةُ (أحمدٍ) *** فيها الدروسُ لمن يُفيد، ويَفْهمُ

درسُ التوكلِ خالدٌ عنوانُهُ *** (الله ربي) يستجيبُ، ويعصِمُ

والأخذ بالأسبابِ درس مشرقٌ *** والعبقريّة باسم ربك ترسُمُ

 

فَهُنَا (عليّ) في الفراشِ مُدثرٌ *** يُلْهي عيونَ المشركين، ويوهِمُ

وهناك (أسماءُ) الأريبةُ أصْبَحَتْ ***  مَثَلاً لكُلّ المسلماتِ يُقَدّمُ

وشقيقُها الشّهمُ الأبيّ ، ودورُهُ *** يأتي النبيّ بما يُحَاك ويُبْرَمُ

ويجيءُ (عامرُ) بالشياهِ يسوقُها *** نشوانةً، تمحو الخطا، وتُعتّمُ

 

حتى الدليلُ[1] على الطريق أتى بهِ *** ما قال أمشي، ثم ربي يُلْهمُ

تَمْتمتُ: قد تعِبَ الرسولُ مهاجراً *** بأبي وأمي كم له أتألُم!

فأجابني: قد كان ربّكَ قادراً: *** أن يستجيبَ المشركون، ويُسْلموا! 

ما كان يُعْجِزُهُ انتقالُ رسولِهِ *** فوق الْبُراقِ؛ وأهلُ مكةَ نُوّمُ!!

 

لكنهُ الإسلامُ ليسَ بنزهةٍ *** دربٌ يُراقُ على جوانبهِ الدّمُ

ردّدتُ وَا أسفى على عمْرٍ مضى *** في غفْلةٍ؛ والآن كم أتندّمُ!

يا مسلمون: لهجرةِ الهادي ارجعوا *** واستوعبوا لدروسِها ، وتعلّموا

أحمد حسبو

-------

[1] الدليل: المقصود به عبد الله بن أريقط.

المصدر: مجلة البيان: العدد [137]، ص [78] المحرم 1420/ يونيو 1999
  • 0
  • 0
  • 7,209

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً