ماذا يريدون بليبيا؟
لقد رحب هؤلاء بقرار المحكمة الدستورية في مصر بحل أول برلمان منتخب بشكل نزيه عقب ثورة يناير رغم أن الدعوى كانت تطعن في ثلث المجلس فقط واعتبروا محاولة إعادته للحياة نوعا من التحايل على القانون, زاعمين أن الإسلاميين لا يحترمون القضاء! أما الآن فبما أن الإسلاميين في الجهة المخالفة فيحيا برلمان طبرق ولا عزاء لقرار المحكمة الدستورية!..إن ما يحدث في ليبيا واليمن كالذي حدث في مصر وما كان يخطط له في تونس كا هذا يصب في النهاية في إشعال نيران العنف والتطرف في المنطقة وعلى الفاشيين الجدد في عالمنا العربي أن يعتبروا قبل فوات الأوان.
هل تذهب ليبيا ضحية التآمر على الربيع العربي؟ هذا هو السؤال الذي يتردد على ألسنة الكثيرين في هذه الآونة مع مطالعة مجريات الأحداث في ليبيا وسط حالة من الاضطراب والقتال وتضارب التصريحات وإصرار المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة والدول الكبرى على الاعتراف بمجلس النواب المنحل بقرار من المحكمة الدستورية وهو أمر يثير الجدل ويدل على أن ما يسمى بالمجتمع الدولي يكيل بمكاييل عديدة على حسب الأهواء والمصالح.
في الوقت الذي تدعو فيه بعض الجهات الدولية من أجل المصالحة والحوار والخروج من دائرة القتال تجدها تدعم أحد الأطراف وبالتالي تفقد حياديتها ومصداقيتها تجاه الطرف الثاني وهو ما يؤدي إلى فشل جميع محاولات الوساطة حتى الآن في ليبيا..وما يثير الدهشة أن دولا إقليمية تدعو للحوار في ليبيا مع أنها تعتبر بعض الأطراف المخالفة لها "إرهابية" ويجب القضاء عليها ومع ذلك لا تمانع في التحاور معها! وفي نفس الوقت تدعو للقضاء عليها فكيف إذن يستقيم الحوار؟!..إن محاولات القضاء على الثورة الليبية عن طريق دعم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المتعاون مع اللجان الثورية الموالية لنظام القذافي والمتورطة في ذبح الشعب الليبيي إبان ثورة فبراير, وتجاهل قرار المحكمة الدستورية بحل مجلس نواب طبرق يزيد من حدة الأزمة وسيجعل الشعب الليبي يشعر بأن الغايات من وراء التدخل ليست إلا من أجل النفط وبالتالي لن يستجيب لهذه الدعوات التي تريد وضع النتائج قبل المقدمات والعربة قبل الحصان.
المتعارف عليه أن يعترف المجتمع الدولي بالمؤسسات القانونية وأحكامها وبمن يفرض سيطرته على العاصمة وفي هذه الحالة فالاعتراف أولى هنا بعملية فجر ليبيا ولكن ولأن حفتر هو رجل الغرب وبعض الدول المجاورة التي ترتبط بمصالح مع القوى الكبرى فإن الاعتراف جاء لمن لا يستطيع دخول العاصمة ويتمسك بمجلس منحل!.
قبل أشهر أكد حفتر وداعموه أنهم على وشك حسم المعركة ودخول طرابلس ومع ذلك لم يفلحوا بل تعرضوا لخسائر كبيرة وتراجعوا بشدة, وأكدت وسائل إعلام غربية وشهود من الثوار على وجود دعم عسكري لقوات حفتر من مصر والإمارات ورغم نفي الدولتين إلا أن سياستهما المعلنة تجاه الأحداث تثير الريبة خصوصا مع تصريحات مسؤولين غربيين بشأن وجود تدخل خارجي واضح في ليبيا...لقد استطاعت تونس تجاوز مأزق السقوط في دوامة العنف بشكل مؤقت نتيجة لاحترام آليات العملية السياسية المتفق عليها ورغم وجود بعض التدخلات إلا أنها ظلت في نطاق محدود وغير مباشر أما ما يجري في ليبيا فهو محاولة لتدميرها وليس تفتيتها فقط.
لقد أعلنت جماعات شرقي البلاد تضع يدها على آبار بترول كبيرة استعدادها للاستقلال ووقف تصدير النفط وأعلنت تأييدها للبرلمان المنحل اعتمادا على الموقف الدولي وهو ما سيوسع حدة المعارك لتشمل مناطق جديدة..موقف القوى العلمانية مما يجري في ليبيا يؤكد انتهازيتها وعدم إيمانها بما تدعو إليه من مبادئ وقيم بشأن احترام القانون واستقلال القضاء, واتهامهم للمحكمة الدستورية بأنها وقعت تحت التهديد اتهاما جزافيا يمكن أن يقال أيضا على البرلمان المنعقد في طبرق تحت سيطرة قوات حفتر فلماذا يعترفون بقرارات برلمان طبرق بينما لا يعترفون بقرارات المحكمة الدستورية.
لقد رحب هؤلاء بقرار المحكمة الدستورية في مصر بحل أول برلمان منتخب بشكل نزيه عقب ثورة يناير رغم أن الدعوى كانت تطعن في ثلث المجلس فقط واعتبروا محاولة إعادته للحياة نوعا من التحايل على القانون, زاعمين أن الإسلاميين لا يحترمون القضاء! أما الآن فبما أن الإسلاميين في الجهة المخالفة فيحيا برلمان طبرق ولا عزاء لقرار المحكمة الدستورية!..إن ما يحدث في ليبيا واليمن كالذي حدث في مصر وما كان يخطط له في تونس كا هذا يصب في النهاية في إشعال نيران العنف والتطرف في المنطقة وعلى الفاشيين الجدد في عالمنا العربي أن يعتبروا قبل فوات الأوان.
خالد مصطفى
- التصنيف:
- المصدر: