الشيعة والزيارة الأزهرية المريبة

منذ 2014-12-08

وانقلبت الأمور وتغيرت الأوضاع السياسية في مصر، وتحول موقف بعض القائمين على الأزهر الشريف الآن بمعدل مائة وثمانين درجة، بصورة قد تكون مفاجئة للشيعة أنفسهم، وانتهت عند هؤلاء فجأة مخاطر المد الشيعي على الأمن القومي، بل وقدمت الدعوات للشيعة كي ينظموا فعالياتهم في مصر كما يشاءون. فما الذي حدث في أشهر قليلة؟؛ ولماذا زيارة جس النبض الأزهرية على كافة الأصعدة في هذا التوقيت تحديداً؟ ولما اللعب بهذه الورقة الحارقة الآن؟.

طالعتنا وسائل الإعلام بخبر زيارة وفد مصري من جامعة الأزهر برئاسة الدكتور أحمد كريمة لإيران، وذلك للتباحث حول سبل التعاون بين الأزهر والحوزات الشيعية في إيران؛ وتعزيز وتعميق العلاقة بين الطرفين واقتراحات بمؤتمرات وبعثات دراسية مشتركة وبرامج للزيارات المتبادلة، وغير ذلك من وسائل التعاون التي قد تبدو للبعض أنها بريئة المظهر، ولكن الشواهد والتجارب لا تعفيها من أن تكون فاسدة المخبر. وعلى الرغم من أن مشيخة الأزهر قد نفت أن تكون الزيارة (رسمية)، إلا أنها لم تبرر هذه الصور المتداولة للوفد الأزهري المصري المعمم، والزائر للحوزات الشيعية، والعتبات والمقامات والأضرحة المقدسة عند الشيعة بإيران، بل والتحدث باسم الأزهر فيما يعمق سبل التعاون بين الطرفين؛ ولم نسمع تحويل أطراف الزيارة إلى التحقيق أو التقاعد عقاباً على هذه الجريمة النكراء في حق أهل السنة والجماعة. الأمر الذي يستدعي وقفة حازمة من كل غيور على منهج أهل السنة والجماعة؛ فلا ينكر أحد من المراقبين حجم المطامع الفارسية والشيعية في مصر قلب العالم الإسلامي بصفة عامة، وشعور الشيعة بأحقيتهم في الأزهر الشريف وأن صلاح الدين الأيوبي حرمهم منه، بقراراته التي استهدف من خلالها تطهير مصر من معتقداتهم الفاسدة.
 
إنه حقاً تناقض عجيب ومحير بين موقف الأمس واليوم، فبالأمس القريب وفي ظل أوضاع سياسية لم ترق لبعض علماء الأزهر، تعالت صرخات البعض في مصر ومنهم علماء بالأزهر  للتحذير من المد الشيعي الذي يغزو البلاد، بصورة بدت فيها المبالغة واضحة، وأعطي الأمر أكبر من حجمه بكثير، مما دفعنا حينها لتناول الموضوع بصورة بحثية بعيداً عن التهوين والتهويل، واضعين للأمة استراتيجيات وآليات  المدافعة وسد ثغرات التغلغل الشيعي إلى مصر.
 
وانقلبت الأمور وتغيرت الأوضاع السياسية في مصر، وتحول موقف بعض القائمين على الأزهر الشريف الآن بمعدل مائة وثمانين درجة، بصورة قد تكون مفاجئة للشيعة أنفسهم، وانتهت عند هؤلاء فجأة مخاطر المد الشيعي على الأمن القومي، بل وقدمت الدعوات للشيعة كي ينظموا فعالياتهم في مصر كما يشاءون. فما الذي حدث في أشهر قليلة؟؛ ولماذا زيارة جس النبض الأزهرية على كافة الأصعدة في هذا التوقيت تحديداً؟ ولما اللعب بهذه الورقة الحارقة الآن؟.
 
تساؤلات رئيسية تفتح لنا مزيد من التساؤلات الفرعية التالية:
1-    هل زيارة هذا الوفد الأزهري (غير الرسمية) ذات دوافع علمية دعوية أم أن دوافعها سياسية في ظل تفاعلات ومعطيات دولية وإقليمية معينة؟.
 
2-    السؤال الذي يفرض نفسه بقوة فيما يتعلق بتلك الزيارة المريبة هو: من تحمل تكاليف رحلة سفر أعضاء الوفد الأزهري المصري المعمم (غير الرسمي) من سفر بالطيران، وإقامة فندقية في إيران، وتنقلات داخلية، وزيارات للمشاهد المقدسة عندهم، وبدلات يومية، وغيرها من الامتيازات؟ هل هي على نفقة الوفد الخاصة فليعلنوا ذلك وليخرجوا الأزهر من الموضوع؟ وإن كانت النفقات من ميزانية الأزهر فينبغي محاسبة المسئولين عن إهدار هذه الأموال، وأسباب انفاقها في هذا الجانب المريب،  وإن كانت الدعوة للرحلة إيرانية فينبغي المكاشفة والمحاسبة في ضوء التطبيع مع الكيانات التي تتربص بدول المنطقة. وإن كان التمويل من جهة ثالثة فينبغي أيضاً معرفتها، لأنه في ضوء التمويل سيتم التعرف على كثير من أهداف الزيارة، وستقترب مسافات الفهم والإدراك لدى المراقب والمحلل.
 
3-    لماذا لم تتخذ الجهات الرسمية في مصر موقفاً حاسماً من أعضاء هذا الوفد الأزهري المعمم على غرار ما تم مع بعض مقرئي القرآن الكريم الذين رفعوا الآذان الشيعي في إيران؟.
 
4-    إذا مرت زيارة وفد الأزهر غير الرسمي هذا بسلام دون عقوبات رادعة، فمن يضمن لنا ألا يقوم مكتب رعاية المصالح الإيرانية في مصر بتنظيم برامج للزيارات يختارون فيها بعناية فائقة أساتذة من الجامعات المصرية لزيارة الحوزات الشيعية، والعتبات الشيعية المقدسة بإيران، ويكون ذلك مدخلاً جديداً لخلخلة العقيدة السنية في مصر؟.
 
5-    إذا كان من بين أعضاء الوفد الأزهري المصري أساتذة بالكليات الشرعية بجامعة الأزهر، ويحملون بين صدورهم كل هذا الود والانبهار  بالشيعة كما وضح من الصور المسربة، وكذلك التصريحات العقدية الخطيرة المنسوبة لهم، والكاشفة عن جوانب من اعتقاداتهم في الفرقة الشيعية؛ فكيف تأمن مشيخة الأزهر على عقيدة طلابها من تدريس هؤلاء الأساتذة لهم مستقبلاً؟ ولماذا لا يتخذ شيخ الأزهر قراراً بمنعهم من التدريس حفاظاً على عقيدة أبنائنا في الأزهر الشريف؟.
 
6-    وفي السياق التوجيهي ذاته؛ إذا كان من بين أعضاء الوفد الأزهري المصري الزائر لإيران من يتصدر للفتوى والتحليل بوسائل الإعلام العربية، فمن يضمن لنا ألا يسقط أرائه ومعتقداته على فتاويه ويبثها لجمهوره من أهل السنة والجماعة فيحدث الافتتان، وتتخلخل عقائد البعض داخل المجتمعات السنية؟. وفي ضوء ذلك لماذا لا يكون هناك موقفاً حازماً من هؤلاء، وذلك بمنعهم من الظهور في الفضائيات حفاظاً على عقيدة المجتمع وأمنه؟.
 
7-     من يضمن لنا عدم تعرض أحد أعضاء هذا الوفد الأزهري المعمم للابتزاز الشيعي، على غرار ابتزاز الأسد العلوي لوفد جامعة الدول العربية بسوريا، لتكون الأزمة حينها كبيرة ومخجلة لمنسوبي الأزهر؟.
 
8-    لماذا لا تعقد جلسة طارئة لمجمع البحوث الإسلامية لمناقشة تداعيات هذه الزيارة المريبة والمسيئة للأزهر الشريف، واتخاذ قرارات حازمة ورادعة لأعضاء ذلك الوفد الأزهري الزائر للشيعة؟.
 
9-    لماذا لم تتعامل الكيانات الأهلية والدعوية والدعاة المهتمون بالشأن الشيعي في مصر مع هذه الزيارة المريبة بالقدر المتوازن مع خطورته على المجتمع المصري، وطلاب الأزهر ومنسوبيه؟.
 
10-    ماذا لو قام وفد شيعي من الحوزات الشيعية برد الزيارة كما وعد ووضع القائمين على الأزهر في حرج بروتوكولي، هل ستكتفي إدارة الأزهر حينها بالقول بأنها زيارة غير رسمية؟.
 
 
إن هذا الوفد الأزهري مطالب أمام أهل السنة والجماعة بأن يكشف أمامهم كافة ملابسات هذه الزيارة المريبة، بدءً من الدعوات واختيار الوفد ودوافع الرحلة، مروراً بتكاليف الرحلة والجهة الراعية، انتهاءً بفعاليات الرحلة، وما تم فيها من مشاورات وتحضيرات لتداعيات مستقبلية، فقد سمعنا من الجانب الإيراني الشيعي، ونريد أن نسمع من الجانب المصري الأزهري السني.
 
بقي أن نؤكد في الختام على أنه قد كثرت في الآونة الأخيرة الزيارات المصرية لإيران وبخاصة في قطاعات قارئي القرآن الكريم، والإعلامين والكتاب ومن يطلق عليهم مثقفين وغيرهم، والآن تقوم إيران بتسريب زيارة هذا الوفد الأزهري لها، ومؤكد أن الخفي أكثر من المعلن في هذه الزيارات المتكررة، الأمر الذي يجعلنا نشدد على ما ذكرناه مراراً وتكراراً بالتحذير من الأفخاخ الإيرانية المتربصة بمصر، ونؤكد على أنه إذا أردنا معية الله في مدافعة المد الشيعي فينبغي أن تكون المنطلقات عقدية، أما محاولة إدارة الملف بمنطلقات سياسية فقط واستبعاد الشق العقدي من المعركة، فأحسب أن موازين القوة والمصالح الدولية والإقليمية والضغوط المكثفة في المرحلة الراهنة ستصب جميعها في صالح الكيان الفارسي الذي يتخذ المنهج الشيعي غطاءً لأغراضه الدنيئة، خاصة وأن الغرب فاطن مبكراً إلى أن أفضل ورقة لتقويض أهل السنة والجماعة ،هي الورقة الشيعية الماكرة. 

الهيثم زعفان

  • 0
  • 0
  • 3,060

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً