ترتيب الأحداث يوم القيامة

منذ 2015-09-28

تفصيل وشرح ترتيب أحداث يوم القيامة، وما يتعرّض له المحتضِر قبل موته من فتنة الشيطان.

"الذي قرَّرَهُ المُحقِّقون من أهل العلم أنَّ ترتيب ما يحصل يوم القيامة كالتالي:

1- إذا بُعث الناس وقاموا من قبورهم ذهبوا إلى أرض المحشر، ثم يقومون في أرض المحشر قيامًا طويلًا، تشتد معه حالهم وظمؤُهُم، ويخافون في ذلك خوفًا شديدًا؛ لأجل طول المقام، ويقينهم بالحساب، وما سيُجري الله عز وجل عليهم.

2- فإذا طال المُقام رَفَعَ الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم أولًا حوضه المورود، فيكون حوض النبي صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة، إذا اشتد قيامهم لرب العالمين، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.

فمن مات على سُنّته، غير مُغَيِّرٍ ولا مُحْدِثٍ ولا مُبَدِّلْ: وَرَدَ عليه الحوض، وسُقِيَ منه، فيكونُ أول الأمان له أن يكون مَسْقِيًَا من حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، ثم بعدها يُرْفَعُ لكل نبي حوضه، فيُسْقَى منه صالح أمته.

3- ثم يقوم الناس مُقامًا طويلًا، ثم تكون الشفاعة العظمى -شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم- بأن يُعَجِّلَ الله عز وجل حساب الخلائق، في الحديث الطويل المعروف: أنهم يسألونها آدم ثم نوحًا ثم إبراهيم، إلى آخره، فيأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون له: يا محمد، ويصِفُونَ له الحال، وأن يقي الناس الشدة بسرعة الحساب، فيقول صلى الله عليه وسلم بعد طلبهم اشفع لنا عند ربك، يقول: «أنا لها.. أنا لها»، فيأتي عند العرش، فيخر فيحمد الله عز وجل بمحامد يفتحها الله عز وجل عليه، ثم يقال: «يا محمد ارفع رأسك، وسل تُعْطَ واشْفَعْ تُشَفَّعْ»، فتكون شفاعته العظمى في تعجيل الحساب.

4- بعد ذلك يكون العرض -عرض الأعمال-.

5- ثم بعد العرض يكون الحساب.

6- وبعد الحساب الأول تتطاير الصحف، والحساب الأول من ضمن العرض؛ لأنه فيه جدال ومعاذير، ثُمَّ بعد ذلك تتطاير الصحف، ويُؤْتَى أهل اليمين كتابهم باليمين، وأهل الشمال كتابهم بشمالهم، فيكون قراءة الكتاب.

7- ثم بعد قراءة الكتاب: يكون هناك حساب أيضًا لقطع المعذرة، وقيام الحجة بقراءة ما في الكتب.

8- ثم بعدها يكون الميزان، فتوزن الأشياء التي ذكرنا.

9- ثم بعد الميزان ينقسم الناس إلى طوائف وأزواج؛ أزواج بمعنى كل شكل إلى شكله، وتُقَامْ الألوية -ألوية الأنبياء- لواء محمد صلى الله عليه وسلم، ولواء إبراهيم، ولواء موسى إلى آخره، ويتنوّع الناس تحت اللواء بحسب أصنافهم، كل شَكْلٍ إلى شكله.

والظالمون والكفرة أيضًا: يُحْشَرُونَ أزواجًا، يعني متشابهين كما قال: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ . مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ . وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} [الصافات:22-24]؛ يعني بأزواجهم: أشكالهم ونُظَرَاءَهُمْ، فيُحْشَرْ علماء المشركين مع علماء المشركين، ويُحْشَرْ الظلمة مع الظلمة، ويُحْشَرْ منكرو البعث مع منكري البعث، وهكذا.

10- ثُمَّ بعد هذا يَضْرِبُ الله عز وجل الظُّلمة قبل جهنم والعياذ بالله، فيسير الناس بما يُعْطَونَ من الأنوار، فتسير هذه الأمة وفيهم المنافقون، ثُمَّ إذا ساروا على أنوارهم ضُرِبَ السُّور المعروف {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ . يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [الحديد:13-14]؛ فيُعْطِيْ الله عز وجل المؤمنين النور، فيُبْصِرُون طريق الصراط، وأما المنافقون فلا يُعْطَون النور، بل يكونون مع الكافرين يتهافتون في النار، يمشون وأمامهم جهنم والعياذ بالله.

11- ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم أولًا ويكون على الصراط، ويسأل الله عز وجل له ولأمته فيقول: «اللهم سلِّم سلِّم، اللهم سلِّم سلِّم»؛ فَيَمُرْ صلى الله عليه وسلم، وتَمُرُّ أمته على الصراط، كُلٌ يمر بقدر عمله، ومعه نورٌ أيضًا بقدر عمله، فيمضي مَنْ غَفَرَ الله عز وجل له، ويسقط في النار، في طبقة الموحّدين، من شاء الله عز وجل أن يُعَذبه.

ثم إذا انتهوا من النار: اجتمعوا في عَرَصَات الجنة، يعني في السّاحات التي أعدها الله عز وجل لأن يقْتَصَّ أهل الإيمان بعضهم من بعض، ويُنْفَى الغل حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم غل.

12- فيدخل الجنة أول الأمر، بعد النبي صلى الله عليه وسلم: فقراء المهاجرين، فقراء الأنصار، ثم فقراء الأمة، ويُؤَخَّر الأغنياء لأجل الحساب الذي بينهم وبين الخلق، ولأجل محاسبتهم على ذلك" (شرح الطحاوية، ص: [542] بترقيم الشاملة؛ للشيخ صالح آل الشيخ، بتصرُّفٍ يسير).

ثانيًا:


لا نعلم حديثًا صحيحًا في أن الرجل عند الموت يقعد له شيطانان يتمثلان على هيئة أبويه فيأمرانه باتباع اليهودية والنصرانية، أما قول القرطبي رحمه الله في (التذكرة، ص: [185]): "روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: [أن العبد إذا كان عند الموت قعد عنده شيطانان: الواحد عن يمينه، والآخر عن شماله، فالذي عن يمينه على صفة أبيه، يقول له: يا بني إني كنت عليك شفيقًا ولك محبًا، ولكن مت على دين النصارى فهو خير الأديان، والذي على شماله على صفة أمه، تقول له: يا بني إنه كان بطني لك وعاء، وثديي لك سقاء، وفخذي لك وطاء، ولكن مت على دين اليهود وهو خير الأديان]، ذكره أبو الحسن القابسي في شرح رسالة ابن أبي زيد له، وذكر معناه أبو حامد في كتاب (كشف علوم الآخرة)" انتهى.

فهذا: لا نعلم له أصلًا؛ فلا يُحتج به.

ولكن قد يعرض الشيطان لابن آدم عند موته، فيأتيه بمثل هذا وغيره ليضله، فقد روى (أبو داود: [1552]، والنسائي: [5531]) عَنْ أَبِي الْيَسَرِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ، وَالْحَرَقِ، وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا» (وصحّحه الألباني في صحيح أبي داود).

قال الخطابي رحمه الله: "استعاذته من تخبُّط الشيطان عند الموت: هو أن يستولي عليه الشيطان عند مفارقة الدنيا فيضله، ويحول بينه وبين التوبة، أو يعوقه عن إصلاح شأنه، والخروج من مظلمة تكون قِبَله، أو يؤيسه من رحمة الله، أو يتكره الموت ويتأسف على حياة الدنيا، فلا يرضى بما قضاه الله من الفناء والنُّقلة إلى الدار الآخرة، فيختم له بالسوء، ويلقى الله وهو ساخطٌ عليه. وقد روي أن الشيطان لا يكون في حال أشد على ابن آدم منه في حال الموت، يقول لأعوانه: [دونكم هذا؛ فإنه إن فاتكم اليوم، لم تلحقوه]" انتهى من (معالم السنن: [1/296]، وينظر: التذكرة، ص: [185]).

قال صالح بن الإمام أحمد
: "حضرت أبي الوفاة، فجلست عنده وبيدي الخرقة، لأشد بها لحيته، فجعل يعرق، ثم يضيق، ويفتح عينيه ويقول بيده هكذا: لا بعد، لا بعد، ثلاث مرات! فقلت: يا أبتِ إيش هذا الذي قد لهجت به فِي هذا الوقت؟ قَالَ: يا بني ما تدري؟! قلت: لا. قَالَ: إبليس لعنه اللَّه، قائم بحذائي عاضًا عَلَى أنامله، يقول: يا أَحْمَد فتّني! فأقول: لا؛ حتى أموت!" انتهى من (طبقات الحنابلة: [1/175]).

وقال القرطبي: "سمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي بثغر الإسكندرية يقول: حضرت أخا شيخنا أبي جعفر أحمد بن محمد بن محمد القرطبي بقرطبة وقد احتضر. فقيل له: قل: لا إله إلا الله، فكان يقول: لا.. لا. فلما أفاق ذكرنا له ذلك؟ فقال: أتاني شيطانان عن يميني وعن شمالي، يقول أحدهما: مت يهوديًا فإنه خير الأديان، والآخر يقول: مت نصرانيًا فإنه خير الأديان. فكنت أقول لهما: لا.. لا. فكان الجواب لهما، لا لكما. قلت: ومثل هذا عن الصالحين كثير، يكون الجواب للشيطان، لا - لمن يُلقِّنه الشهادة" انتهى من (التذكرة، ص: [187]).

والله تعالى أعلم.

الإسلام سؤال وجواب

موقع الإسلام سؤال وجواب

  • 11
  • 1
  • 20,643

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً