هل ترضي بأن تحتفل بعد هذا ؟
فإن النصارى في هذه الأيام يحتفلون بأعياد رأس الميلادية، و إن مما يدمي القلب ويحزن النفس أن ترى كثيرا من المسلمين يشاركون هؤلاء النصارى في تلك الأعياد، وهم متفاوتون، فمنهم من يفعل ذلك بدافع الشهوة، ومنهم من يفعل ذلك لأغراض أخرى.
فإن النصارى في هذه الأيام يحتفلون بأعياد رأس الميلادية، و إن مما يدمي القلب ويحزن النفس أن ترى كثيرا من المسلمين يشاركون هؤلاء النصارى في تلك الأعياد، وهم متفاوتون، فمنهم من يفعل ذلك بدافع الشهوة، ومنهم من يفعل ذلك لأغراض أخرى.
وغاب عن هؤلاء أن مشاركتم في أعيادهم هو أمر متعلق بالدين، وأنه يترتب عليه أمور خطيرة.
أخي الحبيب:
اعلم إن الله بعث لنا خير رسله، وخاتم أنبيائه، وجعلنا من خير الأمم كنتم خير أمة أخرجت للناس، وجعل الله هذه الشريعة هي خاتمة الشرائع، وجعلها كاملة وشاملة على مر العصور، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، ليس ذلك في مجال المعاملات والعبادات حسب، بل في الأعياد وجميع شؤون الحياة، (اليوم أكملت دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، ومن الأمور العظيمة التي جاءت بها الشريعة تمييز المسلم عن سائر أهل الملل الكافرة، فكانت من أصوله العظيمة، مخالفة الكفار فيما هو من خصائصهم.
هذا الأصل المتعلق بأوثق عرى الإيمان؛ الحب في الله والبغض في الله.
يقول الشيخ السعدي - رحمه الله تعالى -: " أصل التوحيد وروحه إخلاص المحبة لله وحده، وهي أصل التأله والتعبد له، بل هي حقيقة العبادة، ولا يتم التوحيد حتى تكتمل محبة العبد لرب، وتسبق محبته جميع المحاب وتغلبها، ويكون الحكم عليها بحيث تكون سائر محاب العبد تبعا لهذه المحبة التي بها سعادة العبد وفلاحه، ومن تفريعها وتكميلها؛ الحب في الله، فيحب العبد ما يحب الله من الأعمال والأشخاص ويبغض العبد ما يبغض الله من الأعمال والأشخاص، ويوالي أولياءه، ويعادي أعداءه، وبذلك يكمل إيمان العبد وتوحيده" ا. هـ
ولما كان الايمان له باطن وظاهر، فباطنه هو الحب في الله والبغض في الله وظاهره هو الولاء و البراء، فالحب والبغض هما الاصل وهما أمران قلبيان باطنيان والولاء والبراء أمران لازمان لهما.
يقول ابن تيمية (الفتاوى 14/280): " أصل المولاة المحبة كما أن أصل المعادة البغض، فإن التحاب يوجب التقارب، والتباغض يوجب التباعد والاختلاف".
فإذا علم هذا كان بغض الكفار أيّن كانوا داخل في أصل الأيمان وبالتالي بغض ما هم عليه من الدين وشعائره كالأعياد ونحوها يعتبر من الدين.
أخي الحبيب: أن حضور أو مشاركة النصارى في أعيادهم محرم في شريعة الله والأدلة على هذا كثيرة منها:
1- قال - تعالى-: ( والذين لا يشهدون الزور) قال غير واحد من السلف: " الزور هو أعياد الكفار"، ومن فسر الزور بأنه هم شهادة الزور والتي هي الكذب، فإن هذا فيه نظر؛ لأن الله يقول: ( لا يشهدون الزور)، ولم يقل: (لا يشهدون بالزور) فالعرب تقول: (شهدت كذا إذا حضرته، و أما إذا قالوا: (شهدت بكذا) فالمراد أخبرت بكذا.
فتسمية هذه الأعياد (زورا) دليل على تحريم حضورها فكيف و قد جعل الله ترك شهود أعياد الكفار وصفا يمدح به عباده الصالحين، والله لا يمدح إلا بما هو محبوب إليه، ولهذا قال الله - تعالى -: (واجتنبوا قول الزور) ففعل الزور أولى بالاجتناب.
2- عن أنس بن مالك قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - و لهم يومان يلعبون فيهما فقال: (( ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نعلب فيهما في الجاهلية، فقال: قد أبدلكما الله بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر)) رواه أبو داود و هو على شرط مسلم.
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقر الصحابة على العيدين الجاهليين، ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة بل قال: ((إن الله أبدلكم بهما يومين آخرين))، والإبدال يقتضي ترك المبدل منه إذ لا يجتمع البدل والمبدل، ولذلك مات ذلك اليومان في الإسلام فلم يبق لهما أثر، فلولا قوة المانع من الرسول - صلى الله عليه وسلم - لكانت تلك الأعياد باقية ولو على وجه ضعيف لأن عادة الناس في أعيادهم لا تتغير بسهولة لقوة مقتضاها في النفوس وتوفر همم الجماهير على اتخاذها، فعلم أن المانع من الرسول كان ثابتا قويا لتلك الأعياد، وكل ما منعه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكان منعه قويا يدل على أن الممنوع وهو أحداث عيد ليس في الإسلام محرما.
3- وقصة الرجل الذي أراد أن ينحر إبلاً ببوانة فاستفسر الرسول - صلى الله عليه وسلم - منهم: ((هل بها وثن من أوثان الجاهلية؟ فقالوا: نعم، فقال: هل كان بها عيد من أعيادهم فقالوا: لا، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أوف بذرك، فإنه لا وفاء في معصية و..)) فالرسول حرم الوفاء بالنذر في مكان كان به عيد من أعياد الجاهلية وسمى ذلك معصية فكيف بمن يحضر أعياد الكفار.
4- عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) أخرجه أبو داود وأحمد.
قال ابن كثير: "فيه دلالة على النهي الشديد والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار في أقوالهم و أفعالهم و لباسهم و أعيادهم و عبادتهم و غير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا و لم نقر عليها".
5- ذكر ابن تيمية مفاسد كثيرة تنتج عن حضور المسلمين لأعياد الكفار منها:
أ- أنه إذا سوغ فعل القليل من ذلك أدى إلى فعل الكثير ثم إذا اشتهر الشيء دخل فيه عموم الناس، وتناسوا أصله حتى يصير عادة بل عيدا فيُضاهى بعيد الله، بل يزيد عليه.
وصدق - رحمه الله تعالى- فنحن نرى المسلمين الذين يشاركون النصارى في عيد رأس السنة لا يعلمون أن النصارى يحتفلون بولادة عيسى من الله، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
ب- أن الأعياد لها- في الجملة- منفعة في الدين والدنيا وقد شرع الله لنا على لسان نبيه أفضل الأعياد التي بها أعظم الصلاح لنا، فإذا أخذنا بأعياد غيرنا؛ قلة الرغبة في أعيادنا وانتفاعنا بها بقدر ما أخذنا من تلك الأعياد.
وصدق أيضاً - رحمه الله - فإننا نشاهد ونعرف من كثير من شبابنا من لا يحرص على حضور أعياد المسلمين ولكنه يسعى بل وينفق ويسافر من أجل المشاركة في أعياد النصارى.
ت- أن المشابهة في الظاهر توجب المشابهة في الباطن، والمشابهة إذا حصلت في الباطن أورثت مودة ومحبة ومولاة، فهذا نقص في أصل الولاء والبراء.
أخي الحبيب:
هل بعد هذا تطيب نفسك بحضور هذه الأعياد.
هل ترضى أن تحل عليك اللعنة وأنت معهم تشاركهم في أعيادهم، يقول عمر رضي الله: " لا تدخلوا على المشركين في أعيادهم، فإن السخطة تتنزل عليهم" رواه البيهقي بإسناد صحيح..
هل ترضى أن تحتفل بنسبة الولد إلى الله، هذه الفرية العظيمة التي افتراها النصارى اسمع ما ذا يقول الله عن مخلوقات عظيمة - هي أعظم منك - حيال هذه الفرية.
(وقالوا اتخذ الرحمن ولدا * لقد جئتم شيئا إدا * تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا * أن دعوا للرحمن ولدا * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا * إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا).
أخي الحبيب:
وإليك بعض الفقرات من فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
1- لا يجوز لمسلم التعاون مع الكفار بأي وجه من وجوه التعاون في أعيادهم، ومن ذلك: إشهار أعيادهم وإعلانها.. ولا الدعوة إليها بأية وسيلة سواء كانت الدعوة عن طريق وسائل الإعلام أو نصب الساعات واللوحات الرقمية أو صناعة الملابس والأغراض التذكارية أو طبع البطاقات أو الكراسات المدرسية أو عمل التخفيضات التجارية والجوائز المادية من أجلها أو الأنشطة الرياضية أو نشر شعار خاص بها.
2- لا يجوز لمسلم اعتبار أعياد الكفار ومنها الألفية المذكورة ونحوها مناسبات سعيدة وأوقاتا مباركة، فتعطل فيها الأعمال و يُجرى فيها عقود الزواج.
3- لا يجوز لمسلم التهنئة بأعياد الكفار؛ لأن ذلك نوع رضى بما هم عليه من الباطل، وإدخال للسرور عليهم، قال ابن القيم: " وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو: تهنأ بهذا العيد، ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله و أشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير من لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنّأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه..".
اللهم إنا نسألك الثبات على الحق ونعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
- التصنيف:
- المصدر: