إحياء - (72) سُنَّة صيام ثلاثة أيام في الشهر

منذ 2015-01-13

ما أعظم عبادة الصيام! جزاؤها عظيم، ويباعد بيننا وبين النار؛ لذلك عَلَّمنا رسول الله سُنَّة بسيطة؛ وهي سُنَّة صيام ثلاثة أيام فقط من كل شهر..

ما أعظم عبادة الصيام! ويكفي في وصف قيمتها أن الله عز وجل قد اصطفاها من بين كل العبادات ليجعل جزاءها فريدًا عن بقية العبادات؛ فقد روى البخاري عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ».

وقد جعل الله عز وجل الصيام مُباعِدًا بين العبد وجهنم بدرجة لا يتخيَّلها أحد؛ فقد روى مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، بَاعَدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا». 

وقد أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا هذا البعد الهائل عن النار، فعَلَّمنا سُنَّة جميلة بسيطة يمكن لأكثر المسلمين أن يقوموا بها بغير عناء كبير؛ وهي سُنَّة صيام ثلاثة أيام فقط من كل شهر؛ فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: «صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ».

وحدَّد هذه الأيام الثلاثة في رواية الترمذي -وقال الألباني: حسن صحيح- عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه فقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِذَا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَصُمْ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ».

ومن الفضل العظيم أن يجعل الله عز وجل أجر صيام هذه الأيام الثلاثة في الميزان كأجر صيام الشهر كله، ولو كرَّرها المؤمن كل شهر كان له أجر صيام العمر كله؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ: {مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام:160] اليَوْمُ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ.

فلْنلتزم جميعًا بهذه السُّنَّة الرائعة، ولْيكن عَزْمُنا كعزم أبي هريرة رضي الله عنه حين قال: "لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ".

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54]. 

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 123
  • 0
  • 5,358
المقال السابق
(71) سُنَّة دعاء دخول المسجد والخروج منه
المقال التالي
(73) سُنَّة إعلام الأخ بحبه

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً