أتدرون ما الإيمان - (7) الشريعة

منذ 2015-01-14

لَقَدِ ابتُلِيَتِ الأُمَّةُ في زمانِنا هَذا -كَما ابتُلِيَتْ مِنْ قبلُ- بقَوْمٍ يحمِلُونَ معَاوِلَ هَدْمٍ لبُنْيانِ الإيمانِ في القُلوبِ، ومِنْ تِلْكَ الأصواتُ الّتي تَتَعالَى مُطالِبَةً بـ(تَنْحِيَةِ الشّرِيعَةِ) لأنّها: رَجْعِيَّةٌ وتَخلُّفٌ وعَوْدَةٌ لِعُصورِ الظُّلْمِ! ويُطالِبُونَ بِجَعْلِ الحُكمِ (للشّعبِ) هُوَ يختارُ ما يشاءُ، ويُقرِّرُ القانُونَ الّذي يألَفُهُ ويُعْجِبُهُ، وألَّا يلتَزِمَ شرعَ اللهِ، ولا يلتَفِتَ إليهِ ولا يرفعَ بِهِ رأسًا..!

قَبلَ أن أبدَأَ في طرحِ المِثالِ لا بُدَّ أن نعلَمَ أنَّ هذا الكلامَ لكِيْ ينظر في قلبِهِ هوَ، ويُصحِّحَ مسارَهُ معَ ربِّهِ، ولَيْسَ لكَي يُحاكِمَ الآخَرِينَ، أو يتكلَّمَ فيمَا لا يعرِفُ مِن مسائِلِ العِلمِ.

لَقَدِ ابتُلِيَتِ الأُمَّةُ في زمانِنا هَذا -كَما ابتُلِيَتْ مِنْ قبلُ- بقَوْمٍ يحمِلُونَ معَاوِلَ هَدْمٍ لبُنْيانِ الإيمانِ في القُلوبِ، ومِنْ تِلْكَ الأصواتُ الّتي تَتَعالَى مُطالِبَةً بـ(تَنْحِيَةِ الشّرِيعَةِ) لأنّها: رَجْعِيَّةٌ وتَخلُّفٌ وعَوْدَةٌ لِعُصورِ الظُّلْمِ! ويُطالِبُونَ بِجَعْلِ الحُكمِ (للشّعبِ) هُوَ يختارُ ما يشاءُ، ويُقرِّرُ القانُونَ الّذي يألَفُهُ ويُعْجِبُهُ، وألَّا يلتَزِمَ شرعَ اللهِ، ولا يلتَفِتَ إليهِ ولا يرفعَ بِهِ رأسًا..!

فإذا أرادَ الشَّعْبُ أن يُحِل الزِّنا والَخمْرَ، والشُّذوذَ فــ(يَجِبُ أن تُنَفَّذَ إرادَةُ الشَّعْبِ التّشريعيَّةَ، ولَو كانَ في ذلِكَ إلقاءُ حُكْمِ اللهِ وراءَ ظُهُورِنا! فمَا رأيُكُم في هذا الكلامِ؟ ما رأْيُكُم فيمَن يجْعُلُ التَّحليلَ والتَّحرِيمَ لِغَيرِ اللهِ ويجْعلُ أمرَ اللهِ (رجْعِيَّةً وتخلُّفًا وظُلمًا)؟!

إنَّ هذا قَدْ يصدر مِن إنسانٍ غيرِ مُسلِمٍ لأنَّهُ يعتَقِدُ أنَّ الإسلامَ ليسَ دينُ الحقِّ، ولكِنْ أخبِرُونِي كيفَ بِرأيِكُمْ يصْدُر مِن مُسلِمٍ؟ كَيفَ يعتقدُ المُسلِمُ أنَّ الإسلامَ حقٌّ، وأنَّ هذا القُرآنَ كلامُ اللهِ، وأنَّ أحكامَهُ هِيَ حُكمُ اللهِ، ويَعتَقِدُ أنَّ اللهَ عليمٌ حكيمٌ قادِرٌ مُحيطٌ بِكُلِّ شيءٍ، لا يظلِمُ أبدًا ولا مِثقالَ ذرَّةٍ، ثُمَّ يعتَقِدُ في نفسِ الوقتِ أنَّ الشَّريعة رجعِيَّة وتخلُّف وظُلم، وأنَّ ما أرادَ الشَّعبُ أولَى مِن حُكمِ اللهِ؟! إنَّ ذلكَ تناقُضٌ لا بُدَّ أن يَتَرَفَّعَ أحَدُهُما.. ما مَعْنَى ذلكَ؟

مَعْناهُ أنَّهُ إمَّا أن يَعْتَقِدَ الإنسانُ أنَّ الشّريعةَ حقٌّ مِن عندِ اللهِ، أو يعتَقِدَ أنَّها باطِلٌ، ولا يُمكِنُ أن يعتَقِدَ أنَّهَا حقٌّ وباطِلٌ في ذاتِ الوقتِ، فلَوِ اعتَقَدَ أنَّ الشَّريعةَ حقٌّ فلا بُدَّ أنْ يقولَ ذلكَ بِلِسانِهِ، ويُدافِعَ عَنها ويُحِبَّها ويَسْعَى لِأنْ تسود، لأنَّها حقٌّ!

ولَوِ اعْتَقَدَ أنَّ الشَّريعةَ باطل فَسَيَنْضَحُ ذلِكَ على لِسانِهِ بُغْضًا للشَّريعةِ، ومُحارَبَةً لها، وسَعْيًا ألَّا تسودَ وألَّا تحْكُمَ، قالَ تعالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [مُحمّد من الآية:9].

فانْظُر أيُّها القارِئ فِي قلبِكَ أنتَ، وفَتِّشْ في نفسِكَ أنتَ، هَلْ تَجِدُ أنَّ الشَّريعةَ حقٌّ أم باطل؟
وهَلْ تُريدُ أن يحكُمَ شرعُ اللهِ في أرضِكَ، أمْ تعتَقِدُ أنَّ الشَّريعةَ ظُلمٌ ورجعِيَّةٌ؟
وهَلْ تَعْتَقِدُ أنَّ اللهَ هُوَ المُنْفَرِدُ بالحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، أمْ أنَّكَ تعتَقِدُ أمَّه يُمكِنُ أن يكونَ لهُ شريكٌ في ذلِكَ مِن حاكِمٍ أو شعبٍ أو غيرِهِ؟ قالَ تعالَى: {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} [الكهف من الآية:26]، وفِي قراءَة ابنِ عامرٍ: {وَلَا تُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا}، فهَذا مِمَّا يدخُلُ فيهِ الشِّركُ.

فإذا كانَ مَعَهُ جحد الأمر، أو أبْغَضَهُ، أو كَذَّبَهُ، أوِ اسْتَكْبَرَ عنهُ كانَ داخلًا في الكُفرِ أيضًا!
أَيَعْنِي هذا أنَّ ثمَّةَ فرقٌ بينَ الكُفرِ والشِّرْكِ؟ {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} [النور من الآية:40]. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 1
  • 0
  • 767
المقال السابق
(6) ما هُوَ الشِّرْكُ؟!
المقال التالي
(8) تَّنبيهَ!

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً