دماج قصة انتحار الحوثي سياسياً وشعبياً
لذا من باب النصيحة الأخوية لا أقل ولا أكثر أوجه رسالتي هذه إلى عقلاء صعدة وإلى السيد الحوثي: أرفعوا الحصار عن دماج، وعودوا إلى رشدكم، ودعوا الثورة تكمل أهدافها، وإذا كان لكم حق سوف تأخذونه بعد الثورة بالطرق السلمية، أما السلاح فلن يكون ذي جدوى، خاصة مع الشعب، فالشعوب لا تقهر، وصعدة قد نالها ما نالها من الخراب بسبب النظام أولا، والحوثي ثانياً، فاتركوا صعدة في سلام؛ لأنها مدينة السلام.
دماج قرية صغيرة تتبع مديرية الصفراء التابعة إدارياً لمحافظة صعدة، تسكنها قبيلة وداعة رجال الكرم والضياف، مشهورة بدار حديثها، وبشيخ العلم مقبل بن هادي آل راشد الوادعي -رحمه الله- المؤسس الأول لدار الحديث، الذي رحل الناس إليها من كل حدب وصوب، وأصبح مركزاً رئيسياً لبعض أتباع المنهج السلفي في اليمن، والذي في المجمل كان منعزلاً عن بقية المدارس الأخرى التابعة لأهل السنة، وهو أكثرها تشدداً والتزاماً بالسنة النبوية، خاصة في التقليد اليومي لحياة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأكثر ما تميزت به هذه المدرسة سلمية منهجها، ومبالغتهم في طاعتهم لولي الأمر، حتى ولو كان ظالما، مما عزلهم أكثر وأكثر عن باقي مذاهب أهل السنة والجماعة، وكان ذلك جلياً أثناء الثورة اليمنية المباركة.
دماج قرية سنية خالصة في محافظة زيدية خالصة ليس هنالك مشكلة، فالمذهب الزيدي مذهب متسامح وليس لديه حساسية في تواجد أهل السنة في أوساطهم، لكن حدث شيء طارئ بمساعدة من الرئيس اليمني المخلوع، وفي إطار سعيه للتوريث، وضرب القبائل، والمذاهب ببعضها، دعم حركة الحوثيين المتمثلة في الشباب المؤمن التي استمدت منهجها من خارج المذهب الزيدي المعتدل، واعتنقوا منهج الاثناعشرية المتشدد، والمدعي بالحق الإلهي في الحكم، مما سبب مشكله ليس لدماج فحسب، بل لصالح نفسه، فبعد أن قوية شوكة الحوثي أصبح يرنوا إلى الحكم، وهذا الشيء جعل صالح يشن عليه ستة حروب خرج منها الحوثي أقوى وصالح أضعف، وصعدة مدمرة…
ومع مرور تلك الحروب الست استطاع الحوثي أن يتوسع على الأرض، بل والأهم من ذلك كله حصوله على تعاطف شعبي واسع من جميع اليمنيين بدون استثناء، ومع تفجر الثورة اليمنية المباركة أعلن الحوثي انضمامه إلى الثورة، وتأييده لها وأصبحت صعدة أول محافظة تسقط بيد الثوار كما يتصور البعض ولكن الحقيقه بأنها سقطت بيد الحوثي الذي أصبح الحاكم الفعلي لها وبداء يتوسع أفقيا وحاول السيطرة على الجوف وحجه وعمران ولكن انصدم برد القبائل الحاسم مما اجبره على التراجع والانكفاء …
وقدر الله - سبحانه وتعالى - أن تتضح الحقائق لليمنيين وأن ينفضح الحوثي على رؤوس الأشهاد، فذلك الذي كان مظلوماً أصبح ظالما، وفي سابقة لم تشهدها اليمن من قبل، بل العالم تم فرض حصار مطبق على قرية دماج بسكانها التي تتراوح أعدادهم بين 10-15 ألف نسمة نساء رجال طلاب أطفال، وبدون سابق إنذار قرر الحوثي أن يرحل أبناء دماج من قريتهم لا لشيء إنماء لأنهم من أهل السنة والجماعة، وأصبح بأفعاله تلك يطعن الثورة في ظهرها، ويبرر ذلك بأن الحجوري أفتى بقتل المتظاهرين، ووقف مع صالح، وذلك عذر أقبح من ذنب، مع تحفظي الشديد على فتاوى الحجوري التي نختلف معها جميعاً…
كان الحوثي لا يزال محتفظاً بالتعاطف الشعبي حتى نزول الصحفيين من شباب الثورة، والذين جاءونا بالنبأ اليقين، فكان ذلك الزلزال الذي دك التعاطف الشعبي، وحوله إلى نقمة عليه، وانتقلت دماج من تلك القرية التي لم يعرفها أحد إلى غزة اليمن، وعرفها العالم، وأصبحت ترددها جميع القنوات الإعلامية، مسببة للحوثي انتحاراً سياسياً وشعبياً، كان آخر ما يتمناه السيد عبد الملك الحوثي ورئيس أركان حصاره أبو علي الحاكم ….
وفي ضل الأوضاع الراهنة إذا لم يتدارك الحوثي وجماعته الموقف، ويفك الحصار عن دماج، فإن هنالك نار فتنه طائفيه سوف يكون المتضرر الأكبر منها والمسئول الأول والأخير عنها السيد الحوثي، وسوف يتحول حصار دماج إلى حصار لصعدة بالكامل من قبل السلفيين، بل وأهل السنة جميعاً، وأنا هنا لا أهدد إنما قراءة واقع، فالناس لن يسكتوا على حصار الأطفال والنساء والطلاب في دماج، وليست من شيم اليمنيين أن يسكتوا على ذلك، ولا من أخلاق آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يحاصروا أحد.
لذا من باب النصيحة الأخوية لا أقل ولا أكثر أوجه رسالتي هذه إلى عقلاء صعدة وإلى السيد الحوثي: أرفعوا الحصار عن دماج، وعودوا إلى رشدكم، ودعوا الثورة تكمل أهدافها، وإذا كان لكم حق سوف تأخذونه بعد الثورة بالطرق السلمية، أما السلاح فلن يكون ذي جدوى، خاصة مع الشعب، فالشعوب لا تقهر، وصعدة قد نالها ما نالها من الخراب بسبب النظام أولا، والحوثي ثانياً، فاتركوا صعدة في سلام؛ لأنها مدينة السلام.
وافي مانع عتيق المضري
- التصنيف:
- المصدر: