إحياء - (123) سُنَّة كظم الغيظ

منذ 2015-01-23

يحرص الشيطان على دفع الإنسان إلى إبراز غضبه عند الخصومات؛ فيسيطر عليه ويدفعه إلى الشرور, لهذا كانت سُنَّة رسول الله في كظم الغيظ وعدم إنفاذه..

يحرص الشيطان على دفع الإنسان إلى إبراز غضبه وحنقه عند المنازعات والخصومات؛ فهذا يُسَهِّل عليه السيطرة على الإنسان، وبذلك يدفعه إلى شرورٍ ما كان يتوقَّعها، وكان إبليس يعرف ذلك عن آدم عليه السلام وأولاده منذ بداية الخليقة؛ فقد روى مسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَمَّا صَوَّرَ اللهُ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَتْرُكَهُ، فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ، يَنْظُرُ مَا هُوَ، فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقًا لاَ يَتَمَالَكُ».

وكلمة "لا يتمالك" تحتمل معانيَ كثيرة؛ منها عدم القدرة على أن يتمالك نفسه عند الغضب، ومن هنا كان من سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يمنع كيد الشيطان بكظم الغيظ وعدم إنفاذه؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ».

ولقد عظَّم الله كثيرًا من أجر الكاظمين الغيظ؛ فقال: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 133-134].

وروى أبو داود -وقال الألباني: حسن- عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُؤوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ»، فما أجملها مِنْ سُنَّة، تنفعنا في الدنيا بهدوء الحال، وتنفعنا في الآخرة بطيب المآل!

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 7
  • 0
  • 8,443
المقال السابق
(122) سُنَّة استفتاح قيام الليل
المقال التالي
(124) سُنَّة لبس الثياب البيضاء

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً