قراءة في كتاب (أفكار على ضفاف الانكسار)

منذ 2015-02-04

وإلى زمن قريب كنتُ أعتقد أن التأليف أمر عسير وشديد، فأيقنتُ بعد فترة أن صعوبة التأليف تلازمها صعوبة في التوزيع، فبَعْد مشقة الإنجاب، يجد الكاتب المُبتدئ نفسه وحيدًا تتقاذفه الرياح وهو يَحمل فوق كاهله همَّ التعريف بوليده الذي أتاه بعد عسر.

في عصر (الإسهال في التأليف) تُطالعنا كلَّ حين كتبٌ تقتحم شتى المجالات الإنسانية، وتتنوع تنوع الأجناس الأدبية، بين أقلامٍ ألِفها القارئ ودأَبَ على النَّهَل من قريحتها وترقُّبِ جديدها، وأقلامٍ حديثة تبحث عن موطئ قدمٍ لها في الساحة الأدبية، بَيْدَ أن الأدباء الناشئين مهما ارتقت إبداعاتهم لا تجد صدًى يُوازي ذاك الجهد الذي بذلوه ليبزغ فجر وليدِهم الجديد، فتتكسَّر مَجاديفُهم ويَعلو الصدأ أقلامهم؛ لأنه لم يَأبه لهم إلا شرذمة من الناس، بخلاف الأقلام التي صادقت الإعلام؛ فإن إبداعاتها تتلقَّفها الأيدي مهما كانت سطحية أو اعتراها الكثير من الشطط، فغالبًا ما نُطالع كتابات لأقلام لها ثقلها في الساحة الأدبية، لكن سرعان ما تفتر همَّة القارئ إما لزيغ في التوجه الفِكري للكاتب، أو رتابة في الأسلوب، أو سطحية في معالجة الموضوع.

وإلى زمن قريب كنتُ أعتقد أن التأليف أمر عسير وشديد، فأيقنتُ بعد فترة أن صعوبة التأليف تلازمها صعوبة في التوزيع، فبَعْد مشقة الإنجاب، يجد الكاتب المُبتدئ نفسه وحيدًا تتقاذفه الرياح وهو يَحمل فوق كاهله همَّ التعريف بوليده الذي أتاه بعد عسر، وبدل أن تُسارع القنوات الإعلامية لاحتضان هذه الأقلام المبدعة، نجدها تتهافت على التوافه في كل مجال، فتخسَر الأمَّة بذلك الكثير من مُبدعيها الذين يغرقون في لُجة هذا اليَمِّ متلاطمِ الأمواج دون رأفة بدقة عُودِهم وحداثة أقلامهم، مع أن بعضها يبدأ شامخًا كما هو حال الأديب المغربي المبدع ربيع السملالي؛ إذ إنَّ المتتبع لكتاباته في الملتقيات الأدبية، وكذا صفحاته الأدبية على (الفايس بوك)، يلاحظ سَعة اطِّلاع الرجل على شتى المعارف الأدبية، وامتلاكه لناصية الإبداع من خلال سبره أغوار الكثير من الكتب، سواء في اللغة أو النحو أو البلاغة أو الأدب، بل حتى العلوم الشرعية؛ إذ إنَّ دراسته للعلوم الشرعية سبقَت تفرغه للأدب، فضمِن بذلك حصانةً جميلة لقلمه تمنعه من الزيغ في الإبداع كما حدَّث عن ذلك بنفسه في مقالته الجميلة (أسباب تعلقي بالأدب): "ورغم ما واجهت من نتوءات في طريقي وأنا أطالع بعض كتب المنحرفين الذين يَنتسبون للأدب، فإنَّني بحمد الله لم أتأثَّر بما يلقون من شبهات وأفكار خطيرة من خلال كلامهم الناعم، وأسلوبهم الخلاب، فأيقنتُ أنَّ الله تعالى قد أحسن إليَّ الإحسانَ كلَّه؛ إذ لم يَجعلني أتوجَّه لعالَم الأدب مباشرة وأنا أجهلُ مِن الحُمُر الأهلية، ولو وكلني إلى نفسي هذه الأمَّارة بالسوء لكنت الآن أسبِّح بحمد الزنادقة والكافرين بكرة وأصيلاً بدعوى الإبداع وحريَّة الفكر والتعبير، كما هو حال الكثيرين من أبناء جِلدتنا الذين تُرهبُهم الأسماء الرنانة، التي تملأ الساحة الأدبية فسقًا وفجورًا، واستهزاءً وسُخريةً بديننا الحنيف".

وقد أنصفه الكاتب رياض الدحايرة حين قال:

"نصوص ربيع عمومًا تشي بثقافة أدبية واسعة، واطِّلاع متين على دُرَر الأدب العربي؛ ويبدو ذلك واضحًا في التناصات العديدة في نصوص ربيع، تناصَّات تفضحُ سعة باعِه الأدبي، وهَوسِه في حفظ الدرر الأدبية وتوظيفها في قلمه، وإذ نتعمَّق أكثر في هذه النصوص لتروعنا هذه التراكيب السليمة الفصيحة الجميلة، وتأسرنا التصاوير البديعة التي يُحسِن قلم ربيع خبزها في فرن الإبداع؛ لتخرج لنا شهية بهية، رائقة الحسن والجمال، ومبتكرة"!

وقد رأى النورَ مؤخرًا إصدارُه الأدبي الأول (أفكار على ضِفافِ الانكِسار)، فكان فاتحة خير استبشر بها كل متتبِّعيه بالفضاء الأزرق، وسارع الكثير لاقتنائه، وهو كتاب بديع بأفكاره وأسلوبه وتنوع مواضيعه، سلك فيه الأديب مسلكًا يواكب طبيعة القراءة في عصرنا -التي تميل إلى الاختصار، وتنفرُ من الإطالة المُمِلة- مقتديًا بمنهج السلف في بعض تآليفهم؛ إذ إنَّ الكتاب يشبه في تنسيقه كتاب (صيد الخاطر) للعلامة ابن الجوزي، سلك فيه صاحبه نفس المسلك، فساق مجموعة من الخواطر اقتنصها قلمه في لحظات متفرقة من حياته (تُوحي بحسٍّ رهيف، في كبرياء شريف)، كما صرَّح بذلك شيخه الشاعر الأديب محمد بن إدريس بلبصير في تقديمه للكتاب.

وقد ضمَّ الكتابُ بين دفتيه خواطرَ جمعت بين جمال اللغة الذي افتقدتْه الكثيرُ من الإبداعات النثرية المعاصرة، وصدقِ المعالجة للمواضيع المطروحة، مع دقة في الوصف، وبراعة في انتقاء المفردات، وتميُّز في عرض الصور البلاغية التي تُناسِب كل مقام، ووعي بخبايا الحياة يجعلك تتخيَّل أن الرجل قد جاوَز سن الكهولة، وتمرَّسَ في كل شِعب من شُعَب الحياة، وما هو إلا ابن الثلاثين ربيعًا، خواطر راقية عبرتْ ممرات شتَّى قبل أن تُصافحها عين القارئ؛ إذ الكتابة عند ربيع عملٌ مقدَّسٌ تواكبه طقوسٌ خاصة كما يعترف بذلك: "إذا خطرت لي الفكرة، أجعلها تنمو في رأسي بهدوء، حتى إذا أحسست باكتمالها ألبستها ثوبًا لغويًّا يليق بها، بعدما أطهرها بقليل من مياه البلاغة والبديع على نهر الواقعية الذي لا غموض فيه ولا التباس، معطرًا إياها بعبير الصدق وشذا الإخلاص".

ولأن الحرف غالبًا ما يكون مرآة لصاحبه، فقد عكست (أفكار على ضفاف الانكسار) كثيرًا من شخصية هذا الكاتب المبدع؛ إذ إنَّ ذاته حاضرة بقوة في كثير من خواطره، فتراهُ تارة يتحدَّث عن ذكريات طفولته وحيِّه الذي ترعرع فيه بين (أصدقائه الصغار الأشاوس، الذين كانوا قليلًا من الليل ما يهدؤون)، وتارة عن مواقفه التي تعْرض له في الحياة، سواء في عالمه الواقعي أو الافتراضي، وطورًا يَسمح لنا بالولوج إلى أعماق نفسه، فيَحكي تذمُّره من واقع يَسبح ضد تياره الإبداعي فيغرقه في دوامة من الحزن والكآبة؛ "أحسُّ بالمرارة وأنا أتجرَّع من كأس الحياة ثمالتها، وأشعر بهذا الواقع الجاف يلتهم ويأكل بنهم إرادتي.. همتي.. وطموحي".

بَيْنَا تلمحهُ متفائلًا ينظر للحياة نظرة محب عاشق، ويكاد يُعانق كل الكائنات بروحه قبل قلمه؛ "قلبي مُترع بالآمال، مُفعَم بالتفاؤل، مليء بالأحلام، عامر بالأماني، ولا مكان فيه للون الرمادي"، وتارة يبدو كئيبًا قد أسكنت الهمومُ فيه كلَّ متحرِّك، وخَبَتْ جذوة الفرح في كل نبضٍ من نبضات قلبه؛ "جلست على عتبة الوقت أترنَّح منتظرًا بزوغ فجر صادق يَنتشلني من ضياعي الآثم وانصياعي الأحمق للفراغ الكئيب الذي يتسلَّق جدران رتابتي والملل كطيور النورس التي لا يطيب لها التحليق إلا في سماء الشواطئ المهجورة".

وبين ثنايا هذه الحروف تلمس شموخًا واعتزازًا بالذات "أحب في كل أموري أن أكون أنا، وأكره أن أكون أنت، ولكل وجهة هو مولِّيها"، وثباتًا على قيَم الإبداع الحر الذي يأبى الخنوع للآخر؛ "لا ولن ألتمسَ مواطن الرضا من قلوب القراء وأنا أكتب وأذيع بنات أفكاري بينهم، يَكفيني التزام الصدق وإيصال المعلومة كما هي، لا ولن أنافق على حساب ديني ومبادئي".

وتلمح وأنت تتفيَّأ ظلال هذه الخواطر الربيعية ذاك الأب الرحيم، الذي يحدب على أولاده، ويكاد يتمزَّق قلبه كلما ألمَّ بهم أذى، فيقول: "عندما يَمرض أحد أبنائي أستحيل إلى كومة من المشاعر المضطربة.... تفرُّ مني خشونتي المعهودة فرارها من غريم، تحتلني رقة لا عهد لقلبي بها من قبل"، وقد خصَّ لكل فِلْذة من فلذات كبده خاطرة تكشف عن مكانته في قلبه، وإن كان آخر العنقود (أسامة) قد استأثر بنصيب الأسد من مشاعره، بل أضحى وقود حياته الذي يُحفِّزه على الصبر وتحمُّل كل المشاقِّ.

ولأن عشق ربيع السملالي للكتاب فاق كل وصف، ولِيَقينه أن نهضة الأمة لن تستقيم إلا بالقراءة، فستلاحظ كثرة تحفيزِه للناس على التحصيل العلمي من خلال رسم تلك العلاقة الحميمية بين الكاتب والكتاب؛ إذ الكتاب بالنسبة له يأتي في مقدمة اللذَّات التي تبهج فؤاده، وهو من أجمل الهدايا التي يمكن أن تصادف هوى في فؤاده، وَوَلَهُه به عجيب فريد في عصرنا، خصوصًا بالنسبة لشاب في مقتبل العمر: "عندما أرى كتابًا لا يوجد عندي أفقد حاسة السمع والبصر، بل أفقد حاسة الزمان والمكان، وأصير كريشة في مهب الريح لا أنصرف عنه إلا وقد تأبطته ولو بجدع الأنف"، ويقول في موضع آخر: "فللورق في قلبي محبة لا يعدلها إلا محبة قيس لليلاه، أو جميلٍ لبُثيناه"، بل إن ظفره بالكتاب يجعل قلبه يرقص بشكل طفولي كما هو الحال يوم اقتنائه لفتاوى ابن تيمية أو الجوهرة الأدبية الراقية "صيد الخاطر"، ولأن عشقه للكتاب جنوني، فهو يعتبر إعارته من لا يستحق نوعًا من السفه، وفي هذا المقام يقول محرِّضًا: ".. فتنبهوا يا معشر الطلاب، وكونوا حريصين على الكِتاب، كحرص العذراء على شرفها أو أشد؛ ففقد الكتاب كفقد الصواب"، وقد أبدى في كتابه أسفه الشديد لتقديم مشروع الزواج على التفرغ للعلم وطلبه؛ لأن مسؤولياته الكثيرة تقف حجر عثرة أمام كل عاشق للبحث العلمي، "لو استقبلت من أمري ما استدبرتُ، لما تزوجت قبل الانتهاء من التحصيل والإفادة.. ولكن قدر الله وما شاء فعل".

ولم يبخل الأديب على قرائه بالنصح والتوجيه، فوضَّح في بعض خواطره أنجح المسالك لكل طالب للعلم وراغب في التأليف، وحثَّ على كتب وروايات بعينها مثل: "ليل وقضبان" للرائع نجيب الكيلاني، و(كشف المحجوب) للدكتور الأديب فريد الأنصاري، ورواية (كوخ العم توم) للروائية الأمريكية (هارييت بيتشر ستو)، دون أن يغفل الحديث عن جهابذة العلم والأدب الذين تربى بين أحضان حروفهم الباذخة؛ كابن تيمية وابن الجوزي والعقاد والمنفلوطي والمتنبي.

كما حضَّ على نشر الكلمة الطيبة المنضبطة بضوابط الشرع والذوق السليم من خلال استنكاره لبعض الظواهر الشاذة في الكتابات الأدبية؛ كاستباحة قبيح القول بدعوى الإبداع، "لا تكن وقحًا وأنت تَكتب ما يُمليه عليك شيطان إبداعك، واستر عورة حرفك كما تستر سيئاتك، واجعل لباس التقوى سربالاً لموضوعاتك"، وانتقدَ كباحث بعض الكتب للتحذير من شرِّها ككتاب (طبقات الصوفية) وكشف ما به من ترهات.

وكان للُّغة العربية حظٌّ ونصيب في هذا الإصدار؛ حيث حثَّ الكاتب على تعلمها والغوص في بحورها الجميلة، وأثنى عليها الثناء كله، ومن أجمل ما أبدعه في هذا المقام قوله: "اللغة العربية كصَبِيَّة غضة الإيهاب، بارعة الجمال، وسامقة القوام، إن وجدتْ فحلاً كريمًا كانت به أجمل وأسعد، وإن وجدت عِنِّينًا فيا لضياع جَمالها وروعتها وقوامها في أحضان ركاكته وسوء أسلوبه".

أما المرأة، فقد كان لها حضور جميل بين دفتي الكتاب أمًّا، وبنتًا، وزوجة، وكائنًا خرافيًّا يغازل طيفه كلما جنَّ عليه ليل الكآبة، فتراه يبعث لها عبر حروفه الرقيقة أحاسيس تخرُّ لها العذارى وَلَهًا، فتارة يتحدث بلسان العاشق الذي ظفر بمحبوبته واستكان لها، فتحلق مع كلماته في سماء صافية قد لفتها طيور الفرح، وطورًا تبكي وأنت تتأملُ تصويره للحظات الفراق والوداع، فتحتويك تلك الكلمات الرقيقة، والنغمات الآسرة، والمشاعر الطافحة بالحنين والأشواق لمحبوبةٍ أبت الأقدار إلا أن تسرقها منه عَنوة: "امتطيت منذ يومين فرس الهجر والجفاء، أقطع به فيافي الوجد المُضني، وقِفار الشوق الآثم، وبَيْداء الأمل المستحيل، لا ألوي على شيء ولا يلوي عليَّ شيء، متجاهلاً تلك الأيام الذاهبة الضائعة في الأبعاد، لا أرغب في الازدياد منها...".

وقد كان للحب نصيب وافر في ومضات الكتاب، خاصة في صفحاته الأخيرة؛ إذ الحب عند ربيع السملالي متنفَّس للحياة، ومجال خصب للخيال الجميل، الذي يجعلك تعتقد أن الكاتب متيَّم حتى الثمالة، وما هو إلا عاشق لهذا الإحساس الجميل، وإن شئتَ اليقين، فتأمل قوله: "عندما أكتب عن الحب لا يعني أنني غارق في بحوره إلى أُذُني، فالحب يكون جميلاً رائعًا كما أتصوره (أنا) وأتخيله وأرسمه بريشة ذائقتي الشعرية".

ولأن الخواطر كانت متنوعة، فقد كان للجانب الاجتماعي حضور كذلك من خلال انتقاده لبعض الظواهر الاجتماعية؛ كالنظرة التعسُّفية للمرأة المطلَّقة، والنِّفاق في العلاقات الاجتماعية، والتفاوت الطبقي الذي يجعل الأغنياء يتقلَّبون في نعيم الدنيا غافلين عن إخوانهم الفقراء؛ "إن في مدينتي أدعياء التديُّن الأغنياء يذهبون إلى الحج والعمرة كل عام، وإخوانهم الفقراء يكابدون الضياع لا يُلْقُونَ لهم بالًا".

وتأبى دراسته الدينية الأولى إلا أن تفرض ذاتها في الكتاب؛ حيث يبدو جليًّا تأثر مصطلحاته وتعابيره التصويرية بلغة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، كما تطالعنا بين الحين والآخر نفحات إيمانية من خلال ردِّه على المُلحدين، وكشف انحرافات المتدينين وغلاة التكفير، واستنكار سقطات دعاة السلاطين، والدعوة للإخلاص في كل أمور الحياة، والتأمل في ملكوت الله بقلب المؤمن وقلم الأديب.

تِلْكُم قراءة بسيطة لهذا الكتاب الماتع، الصغير حجمًا، الكبير قدرًا، وتسليط لبعض الضوء على كاتبه القدير الأديب المغربي ربيع بن المدني السملالي، الذي أتمنى أن يحقق له المولى أمنيته التي بثها في ثنايا الكتاب: "أمنيتي أن أكون مجلدًا ضخمًا مليئًا بالفوائد والعِبَر، يجوس خلال الديار عبر السنين والأعوام المتطاولة، يزرع المحبة في القلوب العطشى، ويغرس أزهار السلام وورود الاطمئنان في أفئدة الحيارى".

ولئن لاحظ القارئ إعجابي بالكتاب وأسلوب صاحبه، فإني على يقين أن له مئات المعجبين الذين تأثروا بكتاباته، وأقبلوا على القراءة بنفسٍ نَهِمة اقتفاءً لأثره، وأسوق في هذا المقام شهادة للكاتب أنس سعيد محمد، الذي يقول: "أخونا الفاضل ربيع السملالي، مدمن الكتب والمدافع عن لغة القرآن، أعتبره من الشباب المغاربة الذين يساهمون في تجديد الصلة بهذه اللغة العظيمة التي تُهمَل وتُحارَب، وله في صفحاته الفيسبوكية ما يثلج الصدر وتقر به العين من النقولات الرائعة، والكتابات القيمة.

يتميز ربيع بمكتبته العامرة، وباعتنائه الشديد باقتناء الكتب وقراءتها بمختلف أنواعها، ثم إنه غواص فيها يَستخرج من بطونها عبارات ونقولاً ينشرها لنا ويفيدنا بها، وهذا من أفضل ما يفيد به الإنسان غيره عبر صفحاته (الفيسبوكية)؛ ولذلك صارت تلك الصفحات الربيعية واحات أدبية غنَّاء لكل محب للعلم والأدب.

وهو كاتب متميز له أسلوب متين، يُعيد إلينا ذلك الطعم المفقود للعربية الأصيلة، والتي صرنا نادرًا ما نراها في كتابات شباب هذه الأيام الذين غلب عليهم التأثر بالطابع الحداثي الردي".

ويقول أحد معجبيه -وهو سعيد عطاط:-

"بعدما كدت أصل درجة اليأس من الكتابات الأدبية المعاصرة بوطننا الحبيب؛ لِما اعترى معظمَها من هزالة المبنى، وضحالة المعنى، استطاع الأديب الفاضل: ربيع السملالي، بسرِّ بَنانه، وسِحر بيانه، أن يرسم فيها أملًا لامعًا في الأفق، رجل عاد بنا إلى النجر الجميل في أرقى صوره، يُقيم الوجد بين أنامله مآتمَ وأعراسًا، والوعظَ في درره شهقات وأنفاسًا، والوصف في رسمه حياة تنبعث إحساسًا."

ومسك الختام شهادة أخرى للكاتب رياض دحايرة في حق هذا الأديب الأريب: "إن ربيعًا لأديبٌ لبيب، فصيح العبارة، بليغ الإشارة، مَتينُ السَّبك، غيورٌ على العربية غيرةً محمودة، تتجلَّى في نصاعة حرفه، وتوخِّيه الفصاحة وسلامة اللفظ والمعنى، وكأننا نقرأ أدبنا القديم الرائع لابسًا ثوب هذا الزمان؛ فتأتينا نصوص ربيع على جزالتها وفصاحتها وقوتِها سلسةً مَليحة، ناضجةً تامَّة النضج؛ وهي في ذلك تصلح للنشر المتخصص في مصاف الأدب الجميل، بل تصلح في كثيرٍ منها لأن تُتخذ نماذج تُحتذى وتُدرس".

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

لطيفة أسير

باحثة إسلامية مغربية

  • 8
  • 0
  • 8,704

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً