إحياء - (189) سُنَّة توقير الصحابة رضي الله عنهم أجمعين

منذ 2015-02-05

يكفي صحابة رسول الله فخرًا أن الله أثنى عليهم في كتابه وهو ثناء مستمر إلى يوم القيامة؛ فلماذا كان الرسول يطمئن على الأمة ما دام فيها أصحابه؟

يكفي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرًا أن الله عز وجل أثنى عليهم في كتابه في أكثر من موضع، وهو ثناء مستمرٌّ إلى يوم القيامة؛ وذلك مثل قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح:29].

فأيُّ شيء أعظم من ذلك؟! ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّهم حبًّا جمًّا، ويحرص على توصيل هذا الشعور إلى عامة المسلمين؛ ومن ذلك ما رواه البخاري عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»، -قَالَ عِمْرَانُ: فَلاَ أَدْرِي أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا".

وروى مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ».

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطمئنُّ على الأُمَّة ما دام بقي فيها أصحابُه، فإذا ذهبوا جاءت الفتن التي وُعِدَت بها الأُمَّة؛ لذلك كان التمسُّك بهَدْي الصحابة حافظًا للأُمَّة من شرٍّ كبير، وأخطر الأمور أن يظهر جيلٌ من المسلمين يتعدَّى على الصحابة؛ فيفقدوا بذلك الأمان الذي يحفظهم من الفتن، وهذا ما حذَّر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ».

وقرأ هذا الأمرَ عبدُ الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال -كما روى ابن ماجه، وقال الألباني: حسن-: "لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَلَمُقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً، خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمُرَهُ".

فلْنوقِّر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولْنقرأ سيرهم، ونُعَلِّمها أبناءنا، ولْنعلم أن حبَّنا إياهم يُسعد قلب رسولنا صلى الله عليه وسلم.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 0
  • 0
  • 10,186
المقال السابق
(188) سُنَّة الصدقة الجارية
المقال التالي
(190) سُنَّة الصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً