النبي صلى الله عليه وسلم أول من يدخل الجنة على الإطلاق

منذ 2015-02-15

لا يدل على أن أحدًا يسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجنة، وأما تقدم بلال بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة: فلأن بلالاً كان يدعو إلى الله أولا في الآذان، فيتقدم أذانه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم دخوله بين يديه، كالحاجب والخادم، فتقدمه بين يديه: كرامة لرسوله صلى الله عليه وسلم، وإظهار لشرفه وفضله، لا سبقًا من بلال رضي الله تعالى عنه، بل هذا السبق من جنس سبقه إلى الوضوء، ودخول المسجد ونحوه..

السؤال:
من يدخل الجنة أولاً، النبي صلى الله عليه وسلم أم بلال الحبشي؟ أرجو التفصيل.

الجواب:
الحمد لله
أولا: النبي صلى الله عليه وسلم أول من يدخل الجنة، وهذا مما فضله به ربه على العالمين.
روى مسلم (197) عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ».

وروى الإمام أحمد (12469) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنِّي لَأَوَّلُ النَّاسِ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأُعْطَى لِوَاءَ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا فَخْرَ» (قال الألباني في الصحيحة:4/ 100: سنده جيد، رجاله رجال الشيخين).

ثانيًا: روى البخاري (1149)، ومسلم (2458) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الفَجْرِ: «يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ»، قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا، فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ"، دف نعليك: يعني حركة نعليك وصوتهما في الأرض.

وروى الترمذي (3689) عن بُرَيْدَةَ، قَالَ: «أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بِلَالًا فَقَالَ: يَا بِلَالُ بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الجَنَّةِ؟ مَا دَخَلْتُ الجَنَّةَ قَطُّ إِلَّا سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي، دَخَلْتُ البَارِحَةَ الجَنَّةَ، فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي، فَأَتَيْتُ عَلَى قَصْرٍ مُرَبَّعٍ مُشْرِفٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِرَجُلٍ مِنَ العَرَبِ، فَقُلْتُ: أَنَا عَرَبِيٌّ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقُلْتُ: أَنَا قُرَشِيٌّ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدٌ لِمَنْ هَذَا القَصْرُ ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ»، فَقَالَ بِلَالٌ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلَّا تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا وَرَأَيْتُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِهِمَا»" (وصححه الألباني في صحيح الترمذي).

قال ابن القيم رحمه الله:
"نتلقاه بالقبول والتصديق، ولا يدل على أن أحدًا يسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجنة، وأما تقدم بلال بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة: فلأن بلالاً كان يدعو إلى الله أولا في الآذان، فيتقدم أذانه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم دخوله بين يديه، كالحاجب والخادم، فتقدمه بين يديه: كرامة لرسوله صلى الله عليه وسلم، وإظهار لشرفه وفضله، لا سبقًا من بلال رضي الله تعالى عنه، بل هذا السبق من جنس سبقه إلى الوضوء، ودخول المسجد ونحوه، والله أعلم" (انتهى من حادي الأرواح، ص 116).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"وَمَشْيه بَيْن يَدَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ مِنْ عَادَته فِي الْيَقِظَة، فَاتَّفَقَ مِثْله فِي الْمَنَام، وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ دُخُول بِلَال الْجَنَّة قَبْلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُ فِي مَقَام التَّابِع، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَقَاء بِلَال عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَال حَيَاته، وَاسْتِمْرَاره عَلَى قُرْب مَنْزِلَته، وَفِيهِ مَنْقَبَة عَظِيمَة لِبِلَالٍ" (انتهى من فتح الباري:3/35).

وقال القاري رحمه الله تعالى:
"وَهَذَا مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْخَادِمِ عَلَى الْمَخْدُومِ، وَلَعَلَّ فِي صُورَةِ التَّقْدِيمِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ عَمِلَ عَمَلًا خَالِصًا، وَلِذَا خُصَّ مِنْ بَيْنِ عُمُومِ الْخُدَّامِ بِسَمَاعِ دَفَّ نَعْلَيْهِ الْمُشِيرِ إِلَى خِدْمَتِهِ، وَصُحْبَتِهِ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الدَّارَيْنِ وَمُرَافَقَتِهِ.
قَالَ ابْنُ الْمَلكِ: وَهَذَا أَمْرٌ كُوشِفَ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ عَالَمِ الْغَيْبِ فِي نَوْمِهِ، أَوْ يَقَظَتِهِ، أَوْ بَيْنَ النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ، أَوْ رَأَى ذَلِكَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، وَمَشْيهِ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَبِيلِ الْخِدْمَةِ كَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِتَقَدُّمِ بَعْضِ الْخَدَمِ بَيْنَ يَدِيِّ مَخْدُومِهِ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِمَا رَآهُ لِيَطِيبَ قَلْبُهُ وَيُدَاوِمَ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ وَلِتَرْغِيبِ السَّامِعِينَ إِلَيْهِ" (انتهى من مرقاة المفاتيح:3/ 984).

وينظر أيضا: (تحفة الأحوذي، للمباركفوري:10/ 120)، (دليل الفالحين لابن علان:6/ 614-615).
وذهب بعض العلماء إلى أن ذلك على سبيل التمثيل، فلا يتعدى كونه رؤيا منامية، رآها النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا، ولا يلزم أن يكون الأمر على ذلك يوم القيامة.

قال بدر الدين العيني رحمه الله:
"وَأما سبق بِلَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الدُّخُول فِي هَذِه الصُّورَة: فَلَيْسَ هُوَ من حَيْثُ الْحَقِيقَة، وَإِنَّمَا هُوَ بطرِيق التَّمْثِيل، لِأَن عَادَته فِي الْيَقَظَة أَنه كَانَ يمشي أَمَامه، فَلذَلِك تمثل لَهُ فِي الْمَنَام، وَلَا يلْزم من ذَلِك السَّبق الْحَقِيقِيّ فِي الدُّخُول" (انتهى من عمدة القاري:7/ 208).

وقال العراقي رحمه الله:
"إنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى رُؤْيَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلَالٍ أَمَامَهُ فِي الْجَنَّةِ كُلَّمَا دَخَلَ، مَعَ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ؛ فَكَيْفَ مَعْنَى تَقَدُّمِ بِلَالٍ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الرُّؤْيَا؟

فالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي هَذِهِ الرُّؤْيَا إنَّهُ يَدْخُلُهَا قَبْلَهُ فِي الْقِيَامَةِ، وَإِنَّمَا رَآهُ أَمَامَهُ فِي مَنَامِهِ، وَأَمَّا الدُّخُولُ حَقِيقَةً: فَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُهَا مُطْلَقًا، وَأَمَّا هَذَا الدُّخُولُ فَالْمُرَادُ بِهِ سَرَيَانُ الرُّوحِ فِي حَالَةِ النَّوْمِ؛ فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ" (انتهى من طرح التثريب:2/ 58).
والله تعالى أعلم. 

الإسلام سؤال وجواب

موقع الإسلام سؤال وجواب

  • 1
  • 0
  • 9,566

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً