مبرأة السماء

منذ 2015-02-16

أَعَلَى عُرَى الأخلاقِ يجتمعانِ *** عَفُّ اللسانِ وباعثُ الْبُهْتانِ؟!

أَعَلَى عُرَى الأخلاقِ يجتمعانِ *** عَفُّ اللسانِ وباعثُ الْبُهْتانِ؟!

شتَّان بين موقِّرٍ لنبيهِ *** في عرضِه والناكثِ الخوَّانِ

أمَّاهُ يا حِبَّ النبي وعرضَهُ *** لا ضِيمَ طَرْفُ مُعَذَّبِ الأجفانِ

لم يبقَ منّا مؤمنٌ لم يصطلِ *** شرقُ الدُّنىَ والغربُ ينتفضانِ

غارت على عِرْض النبيِّ جحافلٌ *** أيلومُهم إلاَّ ذوو الطُّغيانِ؟

مَا صامَ يومَ الدّفع منّا ناطقٌ *** والنفسُ يقتُلها فحيحُ الجَانِي

قد نَبْتغي موتًا على كَفِّ العِدَا *** عِزًّا ولكن لا نَنِي لِجَبَانِ

ونُذِلُّ بالإيثارِ شُمَّ أنوفنا *** خَفْرًا لِذِمَّةِ مستجيرٍ وَانِ

عَرَبًا عرفنا الحُكم حين شفى بنا الْ *** قَهَّارُ دَاءَ الفُرْسِ والرومانِ

ما اختارنَا الرحمنُ حولَ رِحابِه *** لِنُقِيمَ أجداثًا على أضغَان

أُمَّاهُ - والعبراتُ كالجَمَراتِ - لا *** سَلِمَتْ أنوفٌ أذعنتْ لهوانِ

لا بشَّرَ اللهُ الحسودَ بنعمةٍ *** كلاَّ ولا رُدَّتْ إليهِ يدَانِ

ينهاهُ طهرُكِ والنبيُّ وآلُهُ *** والوحيُ ثم يثوبُ للشيطانِ

متوليِّاً كِبْرَ الكَذُوب فويْحَهُ *** طَلَبَ الجنانَ بِمَسلكِ النيرانِ

يا حسرةَ الأفَّاكِ ما بِعِقَالِهِ *** شُدَّتْ سوى خِرَقٌ على هَذَيانِ

غطَّى بها عجْزَ الحِجَى مُتَعالِمًا *** فَرَعَتْ غُثاءَ الْحِقْدِ والْبُطلان

أُمَّاهُ يَهْنِيكِ افتضاحُ عَدوّنا *** وكفاكِ نَصرًا مُحكَمُ القرآنِ

الوالغون المقْذِعُونَ هُمُ الأذى *** وَلأَنتِ - يا صدِّيقَةُ - الطُّهرانِ

أَهنا بِكِ الْرَّحمنُ قَلْبَ "محمَّدٍ" *** تَاللهِ مَا ضِدّان يأتلفانِ

نورٌ إلى طُهْرٍ يحنُّ وأيُّما *** نبأٍ سَرَى شَرُفَتْ بِكِ الأُذُنَانِ

بِكِ لا بأقوالِ الدَّعِيِّ تشرَّفتْ *** وعليكِ لا يتنازعُ الْقَمَرَانِ

فضحتْ براءَتُكِ الشكوكَ فَأَدْبَرَتْ *** ظُلَمًا وأَنتِ منارةُ الإيمانِ

وتهلَّلتْ عَيناكِ بِشرًا فالْمُنى *** لا تُنْكِرَنَّ وفودَها عينانِ

فالصُّبْحُ لا كالصبحِ عندَ حَلِيلَةٍ *** أَطيارُهُ والوحيُ يعْتنِقَانِ

والروضةُ الغنَّاءُ مِلْءُ رحابِها *** ذِكْرٌ يرفرفُ حولَهُ ملَكَانِ

سَلْ في المدينة كُلَّ بيتٍ عنْهُمَا *** هلْ باتَ مثلَ ودَادِهمْ زوجَانِ؟

غرَسَا على وجْهِ الزمانِ سُرُورَهُ *** يا سُعْدَهُ إذْ خُصَّ من أزمانِ

فكأنّما مَرُّ النسيمِ وطَرْقُهُ *** بالْبابِ سَجْعُ الطيرِ بالأفْنَانِ

في روضةِ الجناتِ نازعَهَا البَلا *** والمبتلَى المشمولُ بالرِّضوانِ

يُبلى النبيُّ وخيرةٌ من بعدِه *** ويُغَرُّ باقي الخلقِ بالإحسانِ

من نالَ حُبَّ الله - يومًا - يُبْتلَى *** وضعيفُ إيمانٍ يَرَى الحدثانِ

هَيْهَاتَ تَبْقى بَعدَنَا الدُّنْيا ولم *** تأخُذْ نَصِيبَ الظُّفرِ والأسنانِ

فتميلُ ضرَّاءُ البَلا وزناً ويا *** أسفَا على السرَّاءِ في الميزَانِ

رُحماكَ ربِّي - مَا لنا إيمانُهُمْ *** كَلاَّ ولا نقْوَى عَلى الأَحْزانِ

أيقظْ خِفافَ العقلِ من سَكَرَاتِهِمْ *** واغفِرْ عظيمَ الذنبِ والْهُجرَانِ

ما كنتُ في صمتِ الْمُرِيبِ مُصَفَّدًا *** كَلاّ ولا سارَعْتُ في بُهتانِ

مُذْ لامستْ قلبي الشفيفَ براءةٌ *** تُتْلَى بِآيِ "النُّورِ" عِبْتُ بياني

وَتَضَعْضَعَتْ أوزانُ شعريَ بعدَها *** فبأيِّ تبيانٍ يفيضُ لساني

رَبَّاهُ إني قَدْ برِئْتُ فبرِّئَنْ *** قلَمَيَّ مِنْ عِيٍّ ومنْ إِذعانِ

وارفعْ بيارقنَا على منْ أرجفُوا *** مَا أَقبحَ استِنْسَارَةَ البُغثانِ

لو لا "أبا حسنٍ" توارَى نالهمْ *** من سيفهِ البتّارِ حَرْبُ الجاني

قد كان نِعْمَ الهدْيِ حينَ دعَاهُمُ *** فشرَوا أذاهُ بأبخسِ الأثمانِ

ونَمَوا إليه الزورَ ما شبعتْ لهمْ *** بِطَنٌ ولا أرواهمُ النهرانِ

قالوا: "عليٌّ" قلتُ: حاشا إنّمَا *** طُهْرٌ نما من طُهْرِهِ "الحسنانِ"

قالوا: و"فاطمةٌ" فقلتُ: أجِيرُهَا *** أترونها لهجَتْ بفُحْشِ لسانِ؟!

بنتُ الرسولِ وبضعةٌ من رُوحِهِ *** وفؤادُها مِن سورةِ "الفُرقانِ"

وفِدًا "لزينِ العابدينَ" شِرَارُكُمْ *** ما لاذَ منكُمْ "رافضٌ" بِضِغَانِ

أجعلتموها سُبَّةً لخيارِكمْ؟  *** تاللهِ ما بخيارِكُمْ منْ شَاني

لا والّذي جَعَلَ السيادةَ فيهمُ *** ما السادةُ الأحبابُ باللُّعَّانِ

عُودُوا إلى أخلاقِ "أهلِ البيتِ" لَنْ *** تجدوا سِوى التوقيرِ والإحسانِ

واسترشِدوا الأشياخَ من عُقلائكمْ *** رَتْقُ انفتاقِ الجمعِ بالأعيانِ

قدْ شَقَّ صفَّ الأمةِ اللاَّغُونُ حَتَّى *** عَاث بالأزمانِ شرُّ مَكانِ

نَهض الدّعيُّ به فبئسَ مقامه *** ولبئسَ ما يجني على الأوطانِ

تُلْجِيْهِ "مَاُسُونٌ" وتجمَعُ حَولَهُ *** منْ كلِّ منبُوذٍ وشَرِّ مُدانِ

يَثِبُونَ بِالتاريخِ منْ أطرافِهِ *** يتَتَبَّعُونَ مَزَالِقَ الشَّنَآنِ

ودُعاتُهمْ أنصافُهُمْ واحَسْرَتَا *** تَئِدُ العُقولَ حَدَاثةُ الأسْنانِ

لِلأمةِ الثكْلى جِراحٌ غضَّةٌ *** ولفِتنةِ التفريقِ ألفُ سِنَانِ

فَبِأَيِّ ثَائِرةٍ تُرَاقُ دماؤنا *** ولأيِّ حربٍ يُجْمَعُ الأَخَوَانِ

عَوْدًا إلى هدي الرسولِ "محمدٍ" *** عَفِّ الحديثٍ مُنَزَّهِ الأَرْدَنِ

جمَعَ الرحيمُ به النفوسَ عَلَى الهُدَى *** صَفًّا فكَانوا أوثقَ البنيانِ

فجَلَوا غُبَار العقلِ في صَلَواتهم *** حتى كأنَّ الغيبَ رهنُ عيانِ

وَتَرَاحَمُوا حَتَّى سَمَتْ أَخْبَارُهُم *** مَا ذَابَ مثْلُ حدِيثهمْ بجَنانِ

وَتنَزَّهَتْ أخلاقهُمْ عنْ فاحشٍ *** متخَلِّعٍ أو فاسقٍ طَعَّانِ

فكأنَّمَا جَهْلُ السَّفِيهِ مَنَاكِرٌ *** وكَأَنَّمَا صَفْحُ الْكَرِيمِ مثَاني

وكأَنَّهُمْ في الفتنةِ الأقسى يدٌ *** شُدَّتْ بأجْمعِهَا علَى الأذْقانِ

عَادُوا وَأَنْفُسُهُمْ تَذُوبُ مَدَامِعًا *** والْخِلُّ يأْسُو عَبْرَةَ الْخُلاَّنِ

إنْ تِلْكَ إلا أُمَّةٌ مِنَّا خَلَتْ *** وحِسَابُهُم في ذِمَّةِ الدَّيَّانِ

تنْحو بخيرِ فِعَالِهِمْ أفعالُنا *** ونَرى بِحُسْنِ الظَّنِّ كلَّ الشانِ

إن كانَ ربي اختارَهُمْ لِنبيِّهِ *** صَحْبًا، فنِعْمَ تَخَيُّر الرَّحمنِ

وَإنِ اصْطَفَى أزْواجَهُ وحْياً، فهل *** في آخرِ الأزمانِ وحيٌ ثانِ؟!!

يَهواكِ أُمَّ المُؤمنينَ النورُ، والْ *** فُجَّارُ تهواهُمْ يدُ الشَّيطانِ

دونَ النبيِّ وعِرْضِهِ أرْواحُنا *** وفِدَاهُما طُولَ المدَى الثَّقَلانِ

عبده بن علي الفيفي

  • 0
  • 0
  • 621

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً