حقوق الوالدين على الأبناء

منذ 2015-02-17

أمك التي حملتك في أحشائها وهنا على وهن، حملتك كرها ووضعتك كرها، ولا يزيدها نموك إلا ضعفاً وثقلاً، غذتك بصحتها، تجوع هي لتشبع أنت، وتسهر لتنام أنت، كم أماطت عنك الأذى ولم تضق بك ذرعاً.

قال - تعالى -: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)[الإسراء: 23-24].

روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن رسول الله -صلى الله وسلم- قال: ((رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف)) قيل: من يا رسول الله؟ قال: ((من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما فلم يدخل الجنة)).

عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: ((الصلاة على وقتها)) قلت: ثم أي قال: ((بر الوالدين)) قلت: ثم أي؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))[رواه البخاري].

من هما الوالدان اللذان جاءت نصوص الشرع بالبر والطاعة لهما؟

وأي حق أو تقدير للوالدين اللذين أمر الله بالإحسان إليها؟

هما أمك وأبوك.

- أمك التي حملتك في أحشائها وهنا على وهن، حملتك كرها ووضعتك كرها، ولا يزيدها نموك إلا ضعفاً وثقلاً، غذتك بصحتها، تجوع هي لتشبع أنت، وتسهر لتنام أنت، كم أماطت عنك الأذى ولم تضق بك ذرعاً.

هي أم الصبر، وحبل الشوق، وعنوان التضحية، ورمز الحنين، ومرفأ السلوى والشكوى.

- وأبوك يكد لك ويسعى، ويجوب الفيافي والقفار، ويتحمل الأخطار بحثاً عن لقمة العيش لك، ويدفع عنك صنوف الأذى، ويتعهدك بالحنان، والتربية.

- أنت محل تفكيره، وبك غالب همومه، هو الخادم المجهول، والمكافح المغمور.

هذان الأبوان هم اللذان قال الله فيهما: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)[النساء: 36].

وأمرنا الله - عز وجل - بالشكر لهما: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ)[لقمان: 14].

بل أمر بمصاحبتهما في الدنيا معروفا وإن كانا كافرين: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا)[لقمان: 15].

فظل برهما.

بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله:

جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليستأذنه في الجهاد فقال: ((أحيٌ والداك؟)) قال: نعم، قال: ((ففيهما فجاهد))[متفق عليه].

1- إيناسهما وإدخال السرور عليهما شرط للهجرة والجهاد.

جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان فقال: ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما))[رواه الترمذي بسند حسن صحيح].

وإذا كان هذا في عظائم الأمور فلا تسأل عما دون ذلك؟

2- بر الوالدين وفاء وقربة وهو طريق إلى الجنة.

- روى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ((رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف)) قيل: من يا رسول الله؟ قال: ((من أدرك والديه أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة)).

3- رضا الرب في رضاهما وسخط الرب في سخطهما ودعوتهما لك لا ترد وأين أنت من بسط الرزق والفسحة في الأجل.

- روى البخاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه)).

وهل هناك أقرب من الوالدين وأولى منهما بالصلة؟

4- الجزاء من جنس العمل.

جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((بروا آباءكم تبركم أبناءكم)).

5- بر الوالدين سبب لكشف الكربات، وزوال الهموم والملمات.

ففي الحديث المتفق عليه عن الثلاثة الذي آواهم المبيت إلى غار من الجبل، فسقطت على فتحة الغار صخرة من الجبل فأطبقت عليهم، ولم يستطيعوا الخروج منه فقام أحدهم يدعوا ويتوسل بطاعة والديه أن يبعد عنهم الصخرة …".

- قصة أويس القرني....

الخطبة الثانية:

- وبالمقابل تجد من يجحد حق والديه أول ما تسير النعمة في أيديهم.

روي أنه جاء شاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشكو والده أنه أخذ ماله، فاستدعى الرسول - صلى الله عليه وسلم - والد هذا الشاب، عندها نزل جبريل - عليه السلام - وقال: ((أسأل الرجل عما أسرّ في نفسه ولم يطلع عليه أحد)) فقال الرجل:

غدوتك مولوداً ومنتك يافعاً *** تُعلُ بما تجبى عليك نفسي وتنهل

إذا ليلة ذاقتك بالسهم لم أبت *** لسقمك إلا ساهر أتململ

كأني أنا المطروق دونك بالذي *** طرقت به وعيني تهمل

تخاف الردى نفسي عليك *** وإنها لتعلم أن الموت وقت مؤجل

فلما بلغت السن والغاية التي *** إليها مدى ما كنت فيها أؤمل

جعلت جزائي غلظة ومضاضة *** كأنك أنت المنعم المتفضل

فيا ليتك إذ لم ترعى حق أبوتي *** فعلت كما الجار للمجاور يفعلُ

فبكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال للشاب: ((قم أنت ومالك ملك لأبيك)).

- وهناك من تدفعه زوجته إلى معصية أمه.

- وهناك من يدفعه صديقه لمعصية أبيه.

كيف يكون بر الوالدين:

- يكون البر بلين القول وطيب الكلام وخفض الجناح رحمة وتقديرا.

- الدعاء لهما أحياء و أمواتا.

- تقديم الواجب والخدمات لهما ومؤانستهما.

قال أبو هريرة -رضي الله عنه- وهو يعظ رجلاً في بر أبيه: "لا تمشي أمام أبيك، ولا تجلس قبله، ولا تدعه باسمه".

- يكون بر الوالدين بتقديم حقهما على حقك.

- قصة زين العابدين مع أمه.

- من برهما بعد وفاتهما بر أصدقائهما.


أحمد بن علي معوضة

  • 46
  • 4
  • 81,289

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً