حوار مع فضيلة الشيخ أ.د سعود بن عبدالله الفنيسان حول حادثة اغتيال الشيخ أحمد ياسين - رحمه الله -
أحمد ياسين أكد في حياته وبعد مماته تأكيداً عملياً بأنه لا يصح لأحد أن يقول لا أستطيع أن أشارك في الجهاد فقد استطاع-رحمه الله-وهو مقعد مشلول الجسم يدفع على كرسي متحرك أن يؤسس جبهة للجهاد وأن يربي جيلاً من المجاهدين يسيرون على دربه من بعده.
© ماذا يعني الشيخ أحمد ياسين لمن قام باغتياله؟
نعم ماذا يمكن أن يقال عن استشهاد الشيخ المجاهد رمز الأمة وعنوان الثبات في هذا العصر.
لقد أرعب الأعداء وأتباعهم في حياته وبعد مماته فأقلق اليهود في فلسطين والأوربيين والأمريكان في كل مكان وهو -رحمه الله- شيخ كبير يدفع في عربته من البيت إلى المسجد.
لقد أنشأ منظمة "حماس" تلك المنظمة الصغيرة في حجمها الكبيرة في أثرها التي ربت ولا تزال رجالاً أشاوساً أعادوا للمسلمين اليوم بعض تاريخهم الماضي النبيل.
- إن موت أحمد ياسين- رغم عظم المصيبة التي نزلت على المسلمين عامة والفلسطينيين خاصة- لم تتزعزع بها مدرسة "حماس" ولا طلابها المخلصون المجاهدون في حين ارتبكت دول العالم فيما يسمى "مجلس الأمن" والمؤتمرات الأوربية والعربية.
- أحمد ياسين الذي لا يملك رصيداً في بنك وإن ملك قوت يومه فلا يملك قوت غده يهتز لموته واستشهاده الاقتصاد والبورصة العالمية ولسان حاله يردد قول الله {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]، وقول رسوله -صلى الله عليه وسلم -: « ».
- أحمد ياسين الشيخ الأزهري أعطى في حياته ومماته دروساً للعلماء باتباع القول العمل وأن عليهم أن يتصدروا ميادين الجهاد والقتال كما يتصدرون مجالس العلم والذكر.
أحمد ياسين أكد في حياته وبعد مماته تأكيداً عملياً بأنه لا يصح لأحد أن يقول لا أستطيع أن أشارك في الجهاد فقد استطاع-رحمه الله-وهو مقعد مشلول الجسم يدفع على كرسي متحرك أن يؤسس جبهة للجهاد وأن يربي جيلاً من المجاهدين يسيرون على دربه من بعده.
أحمد ياسين أعطى درساً عملياً في الجهاد لكل المنظمات الشبابية في العالم ما دامت محدودة القدرات والموارد أمام عدوها المدجج بالسلاح والعتاد-أعطى هذي المنظمات درساً عملياً بأن تحصر جهادها ومقاومتها في محيطها الصغير وحذرها بالقول والعمل أن تنقل المعركة مع عدوها خارج أرضها ومحيطها مهما كان الأمر.
ولو أخذت كثير من المنظمات والحركات الجهادية -وليتها أخذت بهذه النصيحة الثمينة- لما خسرت خسائرها البشرية والمادية التي نرى ونسمع فداحتها.
- أحمد ياسين زرع روح الجهاد في سبيل الله في نفوس جميع الشعب الفلسطيني رجالاً ونساء وأطفالاً وشباباً حتى أصبحوا يتراكضون إلى الاستشهاد ولسان حالهم يقول:
ركضاً إلى الله بغير زاد * إلا التقى وعمل المعادي
- أحمد ياسين ذلك الرجل الذي ألجم العاطفة بلجام العقل وأتبع القول بالعمل ولم ترهبه خطط الأعادي وجحافلها يصدق عليه قول الله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمرن: 173-174].
© ما موقفنا كمسلمين أمام مقتل الشيخ أحمد ياسين؟
موقف المسلمين أمام مقتل الشيخ أحمد ياسين:
يجب عليهم أن يستلهموا من استشهاده الدروس والعبر العملية ومن ذلك:
- أن الجهاد في سبيل الله لا يقصر من عمر الإنسان ولا القعود عنه يطيل منه، وتذكرنا حالة هذا الشيخ المشلول والمقعد في جسمه المتقد في إيمانه وفكره بالصحابي الجليل عمرو ابن الجموح - رضي الله عنه - حين أراد بنوه أن يمنعوه عن الجهاد بنفسه لكونه مريضاً قد عذره الله في محكم كتابه ولكنه قال لهم: "يا بني إني أريد أن أطأ بعرجتي هذه الجنة".
- كما تذكرنا حال هذا الشيخ المسن الذي خاض ولا يزال-إلى آخر لحظة من حياته-كل المعارك السياسية بل هو الذي يديرها في كل الميادين يذكرنا بقول خالد بن الوليد - رضي الله عنه - يوم قال وهو على فراش الموت: "ما في جسدي قدر شبر إلا وفيه رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء".
فالدرس الذي يجب أن لا ينسى أن كل مسلم يستطيع أن يجاهد بنفسه بالجهاد والفكر السياسي حتى لو كان معذوراً عن حمل السلاح الحسي.
© الرؤى المستقبلية لمقتل الشيخ أحمد ياسين.
- لقد تنادى المسلمون في فلسطين للأخذ بالثأر - وحق لهم ذلك - {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج: 39-41]، ولعلنا نراه قريباً.
لقد علمنا ديننا أن المحنة تعقبها المنحة وأن الصبر يعقبه لنصر {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} [الشرح:5-6]، ولن يغلب عسر يسرين كما يقول عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما -.
وإننا بنصر ربنا لواثقون والأخذ بثأر شيخنا لمتفائلون وإن جريمة قتل الشيخ أحمد ياسين تلك الجريمة النكراء التي ضجت لها الكرة الأرضية كلها لهي إن شاء الله بداية النهاية لليهود ومن يدعمهم من الأمريكان وغيرهم لأن التجبر والاستكبار والطغيان من دول الكفر-اليهود والنصارى-قد جاوز الحد ومن سنن الله التي لا تتغير انتقامه من الظالم {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [يوسف:102].
وفي الحديث « ».
- نحن معشر المسلمين لا نعلم الغيب ولكننا نعلم أن وراء المصائب فوائد لا نبصرها إلا بعد حصولها ولله في ذلك حكمة فهذه حادثة الإفك التي زلزلت المسلمين من الداخل حيث اتهم النبي-صلى الله عليه وسلم-في عرضه الشريف يقول الله فيها: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنْ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11].
هذا والحادثة بين المسلمين ومنهم.
أما حادثة اغتيال زعيم حماس فهي خارج المحيط الإسلامي من اليهود مباشرة وتخطيطاً ولئن كان قتله أحزننا وآلمنا غير أننا يجب أن نعتقد أن فيه خيراً كثيراً إن شاء الله وكل من شارك من قريب أو بعيد في جريمة الاغتيال فضلاً عمن تولى كبره وهو (شارون) سيصيبهم وينزل قريباً بهم نكبة لم يتوقعوها تزلزل أركانهم وتشل أعوانهم وفي الآخرة لهم في جهنم العذاب العظيم.
وصدق الله {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[البقرة:216].
© الولاء والبراء أصل من أصول الدين -كما تعلمون- وقد واجه هجمة شرسة من قبل أعداء الدين هذه الأيام.
ونرى اليوم استماتة يهود وبذلهم الغالي والنفيس في سبيل عقيدتهم وديانتهم؛ فلم يهدأ لهم بال حتى حققوا ما أملوا، ويهددون بالمزيد.
فضيلة الشيخ: هل من ربط بين هذين الأمرين، وتعليق حول ما يريده أعداء الأمة؟
- ومن الدروس والعبر بهذه المناسبة أن يعلم الجميع أن الكفر ملة واحدة مهما تعددت دوله وتباينت أحزابه فالكفار في كل زمان ومكان خصوم ألداء للإسلام والمسلمين وإن أظهروا لنا يوماً ما المحبة والصداقة فقد أخبرنا الله عنهم في محكم كتابه: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217].
ويحذرنا الله من موالاتهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51].
ويحذرنا من الطابور الخامس "المنافقين" ممن يعيشون بين أظهرنا ومن جلدتنا ممن هم حزب لعدونا {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52].
لقد قتل هؤلاء المنافقون الشيخ أحمد ياسين وإخوانه-بالتجسس عليهم-قبل أن يباشر قتلهم (شارون) وأعوانه.
- ويجب أن لا ينسى المسلمون أن قضية فلسطين هي القضية الأولى للمسلمين كافة وكل قضية للمسلمين مع أعدائهم في العالم لها الصلة الوثيقة بقضية المسجد الأقصى وذلك في نظر اليهود.
وأقرب ما يكون لها في الزمان والمكان قضية احتلال الأمريكان للعراق فيجب دعم المسلمين في كل المجالات العلمية والثقافية والسياسية والاقتصادية وتوفير المال والإعانة اللازمة لأسر المجاهدين والشهداء وهذا نوع من الجهاد فإن "من خلف غازياً فقد غزى".
- إن اليهود والنصارى يريدون أن يجروا المسلمين في كل مكان -وفي منطقة الخليج خاصة- إلى حرب عسكرية صليبية غير متكافئة وقد أعلنوا ذلك أكثر من مرة فعلى أهل الرأي والفكر من المسلمين ألا يُزجوا إلى حرب غير متهيئين لها بل عليهم أن ينازلوا أعدائهم بحرب سياسية وثقافية واقتصادية لا غير حتى يتقوى المسلمون ويتحدوا ويأتي الله بالفتح أو أمر من عنده.
ولنتذكر الموقف المحكم لمنظمة "حماس" في مثل هذا مع أمريكا والمصالح الغربية عامة.
© تضعف النفوس وتتلاشى الهمم أمام مقتل القادة والزعماء.. فهل من كلمة تشد أزر المسلمين، وترفع معنوياتهم.
الرمم والقمم
نعم ماذا تساوي الرِممُ أمام القمم؟!
إنها لا تساوي شيئاً فكيف إذا كانت القمم زعماء وقادة وساسة؟
ألـم تـر أن الـسيف ينقص قدره * إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
إن القصاص العادل من القاتل الظالم شريعة الله {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:179].
والمعتدي قد يكون فرداً أو جماعة والمقتول كذلك.
والقاتل لأحمد ياسين وإخوانه ليس (شارون) وحده لكنهم كل اليهود وإن كان (شارون) هو المشرف والمتابع لعملية القتل.
- ففي شريعة الله إذا تمالأ جماعة على قتل فرد واحد قتلوا جميعاً، كما يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-في جماعة تمالؤا على رجل فقتلوه فكتب إلى واليه في اليمن قائلاً: "ولو تمالأ عليه أهل صنعاء فاقتلهم جميع".
هذا حكم الله ولا يعني هذا أن تتساوى رؤوس اليهود (وشارون) منهم برأس الشيخ أحمد ياسين-رحمه الله-أو واحد من إخوانه ؟
وما ذلك إلا لحرمة دم المسلم عند الله ففي الحديث "لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إهراق دم مسلم بغير حق" فكيف ببضعة رؤوس صغيرة أكبرها رأس (شارون) لا تساوي رأس مسلم من آحاد الناس فكيف بزعيم من زعمائهم وقائد من قادتهم.
موقع دعوة الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: