إحياء - (292) سُنَّة منع المارِّ بين يدي المصلِّي

منذ 2015-04-15

من السُّنَّة أن يحافظ المسلمون على صلاة بعضهم البعض، فيحرص كلُّ مسلم على ألا يشغل إخوانه في صلاتهم أو يلهيهم؛ وذلك حتى لا يُفْسِد خشوعهم..

من السُّنَّة أن يحافظ المسلمون على صلاة بعضهم البعض، فيحرص كلُّ مسلم على ألا يشغل إخوانه في صلاتهم أو يلهيهم؛ وذلك حتى لا يُفْسِد خشوعهم، وقد عَلَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عدَّة أمور تُعِين على ذلك؛ منها عدم المرور بين يدي المصَلِّي؛ فقد روى البخاري عن أَبِي جُهَيْمٍ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ». قَالَ أَبُو النَّضْرِ: "لاَ أَدْرِي أَقَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً".

ولكن ماذا لو ترك مسلمٌ هذه السُّنَّة ولم يكترث بها، ومَرَّ أمام المصلِّي تمامًا؟ يأتي هنا دور سُنَّة منع المارِّ بين يدي المصلِّي من فعل ذلك؛ فقد روى البخاري عن أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، قَالَ: "رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رضي الله عنه فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ يُصَلِّي إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ شَابٌّ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَفَعَ أَبُو سَعِيدٍ فِي صَدْرِهِ، فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إِلَّا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعَادَ لِيَجْتَازَ، فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ أَشَدَّ مِنَ الأُولَى، فَنَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ، فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ: مَا لَكَ وَلِابْنِ أَخِيكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ».

وروى مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ».

وليلحظ المسلم أن يتدرج في المنع، فيُشِير بيده أولًا لتنبيه المارِّ، فإذا أَبَى فليدفعه دفعًا خفيفًا، فإن أَبَى زاد في دفعه، وعلى الأئمة في المساجد أن يُنَبِّهوا المصلِّين إلى ذلك الحُكْم حتى لا تحدث مشاحنات بين المسلمين، وليحرص كل مسلم على الصلاة إلى سترة قريبة كي يسمح للناس بالمرور أمامه من خلف السترة دون حرج.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

 

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 2
  • 0
  • 1,905
المقال السابق
(291) سُنَّة دعاء المنتبه ليلًا
المقال التالي
(293) سُنَّة قصر الخطبة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً