سددوا وقاربوا وأبشروا

منذ 2015-06-01

لنا أخوة في كل ساح، نحبهم ونجلهم بقربهم من الله، في القلوب لا تمحى محبتهم، وفي الدعاء ذكرهم لا ينقطع، فحافظوا على إخوانكم، اجبروا خواطرهم، بروهم والتمسوا الأعذار..

يقول صلى الله عليه وسلم: «سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة، القصد القصد تبلغوا» (البخاري).
وفي رواية مسلم يقول صلى الله عليه وسلم: «سددوا وقاربوا وأبشروا»، فساووا الصف، وسدوا الخلل، ولينوا بين أيدي إخوانكم، وكونوا كما قال صلى الله عليه وسلم: «وكونوا عباد الله إخوان» (البخاري).

يقول القرطبي رحمه الله تعليقًا على هذا الحديث:"أي اكتسبوا ما تصيرون به كإخوان النسب في الشفقة والرحمة والمواساة والمعاونة والنصيحة"، فتلاقت الأرواح وتعارفت وائتلفت على أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، تجاذبت قلوبكم وتقاربت وتجمعت من كل حدب وصوب كل على شاكلته للدين والتقوى.

يقول الإمام مالك رحمه الله: "الناس أشكال كأجناس الطير، الحمام مع الحمام، والغراب مع الغراب، والبط مع البط، وكل إنسان مع شكله"، ترنوا نحو كمال الإيمان بأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك كما في صحيح الجامع، يقول صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير».

تسامت نفوسكم للعلا مجدًا ولو كان بكم خصاصة، روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي»، فألف الله بينكم فالمؤمن إلف مألوف، ولا خير في من لا يألف ولا يؤلف، يقول الله تعالى {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:63]. 

ويقول صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار» (رواه البخاري ومسلم).

لنا أخوة في كل ساح، نحبهم ونجلهم بقربهم من الله، في القلوب لا تمحى محبتهم، وفي الدعاء ذكرهم لا ينقطع، فحافظوا على إخوانكم، اجبروا خواطرهم، بروهم والتمسوا الأعذار.

سددوا ضعفهم، قاربوا بينهم، تجاوزوا عنهم، داووا أخطاءهم، ارحموا غربتهم، خففوا آلامهم، تواضعوا لهم، ما عرفوكم إلا كبارًا أبطالًا فرسانًا شجعانًا، بايعوكم لمكارم الأخلاق، وحسن الجوار، تعاونوا معكم لنصرة الحق، ورفع الراية، واستمرار العطاء، بغيتهم رضا الله، بمجاهدة النفس، وتكوين البيت، وإرشاد الأمة، وإصلاح الحكم، وإنكار الظلم، ومقاومة الاحتلال، وإقامة الدولة والخلافة وأستاذية العالم..

بغيتهم هداية الخلق، وإرشادهم على الخالق جل وعلا، وإيجاد جيل يسبح بحمد ربه، ويعلم الدنيا الدين، كما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، كاملاً شاملاً عالميًا يتناول مظاهر الحياة جميعًا.

فاللهم احفظ إخواننا، كن لهم حيث كانوا، عافهم واعف عنهم وكن لهم ولا تكن عليهم، أعنهم ويسر لهم وبارك فيهم ولهم، ربي أنت لهم ولبيوتهم وأهليهم وأبنائهم وأموالهم، امددهم بمدد من عندك، وجند من جندك، دبر لهم فإنهم لا يحسنوا التدبير، وامكر لهم فإنهم لا يحسنوا المكر، اللهم احفظ دعوتنا، وارفع لواءنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم المجرمين. 

 

ماهر إبراهيم جعوان

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 4,345

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً