واقع القدس في الإعلام الاجتماعي

منذ 2015-07-01

طلب مني في هذه الورقة الحديث عن دور الإعلام الاجتماعي في العالم العربي في دعم قضية القدس، سأبدأ الورقة ببعض الملاحظات "المنهجية" إن صحت التسمية.

طلب مني في هذه الورقة الحديث عن دور الإعلام الاجتماعي في العالم العربي في دعم قضية القدس، سأبدأ الورقة ببعض الملاحظات "المنهجية" إن صحت التسمية.
بداية، قبل تشخيص واقع الإعلام العربي الاجتماعي فيما يخص القدس، لا بد من الحديث عن الاعلام الفلسطيني الاجتماعي، وبالأخص الإعلام المقدسي الاجتماعي. عندما بدأت موجة ما يسمى "الإعلام الجديد"، كان يروّج له أنه "الإعلام الذي يعطي المواطن، أو يعطي الانسان العادي الفرصة والمنبر للحديث عما يدور في باله من أفكار أو أخبار.. حتى لو لم يكن صحفياً ولا يملك وسيلة نفاذ إلى جريدة مشهورة". لذلك إن كنا سنتكلم عن اعلام اجتماعي يتكلم عن القدس، فلا بد في البداية الحديث عن "الإعلام الاجتماعي في القدس" قبل الحديث عن الاعلام العربي.. لأنه إذا كان الاعلام الاجتماعي يعني أن "الناس يتحدثون عن أنفسهم بأنفسهم"، فالأولى أن نفحص كيف يتحدث المقدسيون عن أنفسهم في وسائل الاعلام الاجتماعي..
سأستخدم مصطلح الاعلام الاجتماعي، لأني لا أحبذ استخدام "جديد"، لأن الجديد متغير.. وربما يأتي ما هو أجدد منه.
الإعلام الاجتماعي في القدس:
- الإعلام الاجتماعي في القدس أحيانا يسبب بلبلة .. مثال على ذلك حادثة استشهاد الطفل علي أبو غنام: قبل معرفة اسم الشهيد الحقيقي نشرت على الأقل صورتان واسمان لشخصين آخرين لا علاقة لهما بالحادثة.
- الإعلام الاجتماعي كوسيلة للتجنيد ونشر الوعي الأمني والسياسي – مثال: أثناء الهبة الشعبية التي اعقبت استشهاد أبو خضير، كان الفيسبوك محفزاً للنزول إلى الشوارع، وكان وسيلة جيدة لنشر الحس الأمني، واهم مثال على ذلك نشر الشباب لمنشورات تساعد على التعرف على المستعربين، مثلاً طلب من الشباب في المظاهرات وضع "بلايزهم" داخل البنطلون من أجل تمييزهم عن اي مستعرب يخفي مسدسه عن طريق اخراج البلوزة من البنطلون..
- إشكالية الخطاب: هل يخاطب المقدسيون أنفسهم؟ أم يخاطبون العالم؟ ما هو الخطاب؟ تباكي أم ماذا؟ هناك اشكالية في الخطاب على وسائل الإعلام الاجتماعي، بما أن الاعلام الاجتماعي منبر كل مستخدم، فإن المستخدم هو الذي يتحكم بالخطاب ونوعه، ولا يوجد في العادة خطاب واحد متجانس. مثلاً: نرى منشورات من القدس تقارن بين خطف الشهيد ابو خضير وبين خطف المستوطنين الثلاثة بطريقة غير مباشرة، كأن يقول أحدهم: سيهدمون بيت مختطفي المستوطنين ولكن لن يهدموا بيت مختطف الشهيد أبو خضير، وفي هذه الجملة إشارة واضحة إلى خطاب "متباكي" يساوي بين فعل مقاوم وبين فعل عدو مغتصب، وهذه إشكالية في الخطاب الفلسطيني الوطني على الاعلام الاجتماعي، ولا اعتقد انه يمكن حلّها إلا عبر ضخّ معلومات وشعارات تندرج ضمن الخطاب المقابل، الخطاب الأكثر وعياً والأدق هدفا.
- الموضوع الأمني: الحكم على أمين سرّ حركة فتح سابقاً عمر شلبي بالسّجن 9 شهور بتهمة التحريض على الفيسبوك. التّخوف من نشر الأخبار والمعلومات والتقارير..
الإعلام الاجتماعي في العالم العربي:
- ماذا يريد العالم العربي من الاعلام الاجتماعي عن القدس؟ هل يريد الأخبار أم يريد قصصاً وفهم ما يجري بالتفاصيل؟
بداية، من الملاحظ أن العالم العربي واعلامه الاجتماعي لا يهتم بالقدس إلا في اللحظات السّاخن، فور استشهاد ابو خضير يبدأ جميع العرب بالتساؤل ماذا يحدث في القدس؟ فهمونا. لكن ما عدا ذلك يسود السبات واللامبالاة حول القدس وحول فلسطين بشكل عام. قد ينتشر فيديو لمرابطات يتعرضن للاعتداء من قبل شرطة الاحتلال فتغلي صفحات الفيسبوك ويبدأ الكثيرون بمشاركة هذا الفيديو، ولكن لو سألتهم – أقصد المتابعين العرب – ما هي قصة المرابطات بالضبط، من هم المرابطات، ماذا يحدث، قد لا يعرف الكثيرون الإجابة.
 أي بكلمات أخرى، المتابعون الاجتماعيون يهمهم الحدث الساخن في كثير من الأحيان ولا يلتفتون الى التفاصيل وخليفات الأحداث وسياقاتها. وفي هذه إشكالية، برأيي، يجب أن نسأل أنفسنا هنا ماذا نريد من الاعلام الاجتماعي؟ تحريك الناس؟ قبل تحريكهم يجب أن يكون لديهم قاعدة معرفية بسيطة، على الأقل يفهموا السياق الفلسطيني والسياق المقدسي، وبالتالي يتحركون أو على الأقل يحملون وعياً كافياً، تعيش القدس في عقولهم وإدراكهم حقيقة لا مجرد شعارات.
 بناء على ذلك نرى مثلا حملات اجتماعية فيسبوكية في الأوقات الساخنة، ولا نرى اهتماما عربياً مستمراً من خلال صفحات الفيسبوك. عندما يغلق المسجد الأقصى هناك حملة، ولكن طوال السنة لا توجد على الأقل اخبار بما فيه الكفاية على الصفحات .. عن القدس.
- إضافة إلى ذلك، يميل العرب إلى الاهتمام بموضوع الأقصى كموضوع أساسي في القدس، مع نسيان تفاصيل اخرى حول القدس، صحيح أن العام الماضي شهد تحولاً وتشديداً في موضوع الاقصى من قبل الاحتلال، ولكن ذلك لا يعني اغفال قضايا مقدسية اخرى، هدم البيوت..الاعتقال..إلخ ..
مقترحات:
- تكثيف الحملات، أن تكون الحملات على مراحل متفرقة خلال العام، وليس فقط عند وقوع الاحداث الساخنة
- تنويع المحتوى، معالم القدس، تاريخ الاحتلال، تفاصيل حياة الناس..
- الخطاب واضح، غير متباكي، معتمد على شعارات الحق والتاريخ الوطني وليس شعارات حقوقية دولية..

ملاحظة: المقالة عبارة عن ورقة قدمت خلال مؤتمر( القدس في الإعلام العربي.. الواقع و المأمول)، والذي نظم في مدينة اسطنبول التركية بتاريخ 21 مايو/2015، بتنظيم المنتدى فلسطين الدولي للإعلام و الاتصال"تواصل".


هنادي القواسمي

  • 0
  • 0
  • 1,732

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً