أهمية القلب - [10] الانقلاب

منذ 2015-07-21

قال القرطبي وهو يشرح معنى كلمة القلب: "وهو في الأصل مصدر قلبت الشيء أقلبه قلباً إذا رددته على بداءته، وقلبت الإناء: رددته على وجهه، ثم نُقِل هذا اللفظ فسُمِّي به هذا العضو الذي هو أشرف الحيوان لسرعة الخواطر إليه ولترددها عليه كما قيل: ما سُمِّي القلب إلا من تقلُّبه *** فاحذر على القلب من قلب وتحول "

القلب هو أرق أعضاء الجسم وأسرعها تأثراً بما يحيط به ويغشاه، ومن رقته أن تؤثِّر فيه أدنى خاطرة وأقل هاجس، وأثر القليل عليه كثير، فالآفات إليه أسرع، وهو إلى الانفلات أدنى، ومن الانقلاب أقرب، فإن قلب المرء وإن صفاً زمناً، وثبت على الإيمان فترة، واستلذ بحلاوته حيناً، فإنه معرّض للانتكاسة، وهذه هي طبيعة القلب ومنها اشتُقَّ اسمه، قال القرطبي وهو يشرح معنى كلمة القلب:  "وهو في الأصل مصدر قلبت الشيء أقلبه قلباً إذا رددته على بداءته، وقلبت الإناء: رددته على وجهه، ثم نُقِل هذا اللفظ فسُمِّي به هذا العضو الذي هو أشرف الحيوان لسرعة الخواطر إليه ولترددها عليه كما قيل:

ما سُمِّي القلب إلا من تقلُّبه *** فاحذر على القلب من قلب وتحول " 

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما سُمِّي القلب من تَقَلُّبِه، إنما مثل القلب مثل ريشة بالفلاة تعلقت في أصل شجرة يُقلِّبها الريح ظهرا لبطن» (صحيح الجامع [2365])، وإن القلب شديد التقلب سريع التحول، ويضرب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك مثلا فيقول: «لقلب ابن آدم أشد انقلابا من القدر إذا استجمعت غليانًا» (صحيح الجامع [5147]).

إن بقاء قلب المؤمن على الدرجة الرفيعة من الإيمان التي يجدها بعد أعظم العبادات قدراً، وعقب أكثر المواسم خيراً وفضلاً؛ أمر مستحيل؛ لشدة انشغال القلب بالدنيا وملذاتها، وما يعتريه فيها من أفراح وأتراح، بل وتعرّضها لغزوات الشيطان المتلاحقة، وتلاعب اليهود بالعورات، وعزفهم على وتر الأهواء، ومع ذلك أريد أن أطمئنك وأُخوِّفك في الوقت ذاته ما دام تقليب القلوب بيد الله وحده. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرِّفه حيث يشاء» (صحيح مسلم [2654])، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم مصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك» (صحيح مسلم [2654]).

أخي.. لقد صليت اليوم خمس صلوات فأجبني صادقاً: كم مرة دعوت بهذا الدعاء؟! مع أنك أحوج إليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والفتن اليوم أعم وأطغى، والقلب أضعف وأوهن، فاحرص على ما بينك وبين الله، وصِل ما انقطع من حبالك معه حتى يثبِّتك على مرضاته اليوم ويهديك. 

  • 4
  • 0
  • 2,269
المقال السابق
[9] وحده مالك دوائه
المقال التالي
[11] أطباؤه مرضى

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً