كيف تكون إرهابيًا؟!
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات مرابطًا في سبيل الله أجرَى عليهِ أجرَ عمله الصَّالح الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه، وأمِنَ من الفتَّان، وبعثه الله يوم القيامة آمنًا من الفزع».
يا له من إرهابي!
إنه رجلٌ خرج من أهله وبلده وماله...
فماذا يريد؟! وإلى أين يذهب؟
هل يرجو تجارة حاضرة؟ أم يبحث عن وظيفة طيبة؟ أم يلتمس الصيت والذكر؟ أم هو في رحلة سياحية ماتعة؟ أم يجوب الأرض ليبحث عن كنوزها؟ أم يرتحل من بلد لآخر ليلتمس شهوات نفسه بين أرجل الغانيات وفي سراديب الخمور النتنة؟ أم ماذا؟!
الحقيقة أنه ليس من أولئك جميعًا!
فلعلَّه من يروج المخدرات؟ أو يرتكب السرقات؟ أو ينشر الرعب في قلوب الآمنين؟
الحقيقة أيضًا أنه ليس من أولئك أجمعين!
فمن هو إذًا؟
إنه المجاهد في سبيل الله، الذي خرج من أهله وهم أحب الناس إليه، وخرج من ماله وهو الذي جمعه حينًا من الدهر، وخرج من بلده الذي درج فيه وعاش عليه، وخرج من بين أصحابه وأحبابه وهم من طاب بهم العمر حينًا من الدهر، وخرج ببدنه إلى ميادين الوغى وساحات الجهاد، ليجود بنفسه الغالية لرفعة هذا الدين، ولنصرة المستضعفين من المؤمنين، ولإعلاء كلمة الله فوق جماجم الكافرين، ولغرس راية الدين فوق صدور الجاحدين.
فكيف لا يُرهِب قلوب الأعداء، وهو يبحث عن الموت الذي يفرُّون منه؟! فإما نصرٌ وتمكين، وسيادةٌ وريادة، وإما لحاقٌ بقافلة الشهداء والصالحين، وشهادة وسعادة.
إنه لم يرضَ من الدين إلا بسنامه، لعلوِّ هِمَّته وارتفاع عزيمته، فلم يرضَ له ربُّه إلا بأعظم الأجور وأجزل الثواب، وتأمّل؛ تعجَب!
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (رواه العقيلي في الضعفاء، والخطيب في التاريخ، انظر: السلسلة الصحيحة: [4/525] [1901]).
ولو لم يكن في جهاده إلا مرابطته على الثغور، حتى لا تُستباح بيضة الإسلام، أو تهدم أركان بنائه العِظام، لكفاه شرفًا وفضلًا ومنقبة، فعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (صحيح سنن ابن ماجة: [2/123] [2234]).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (رواه أحمد، وأبو حزم الحنبلي في الفروسية، انظر: السلسلة الصحيحة: [4/481] [1866]).
وحسبه من الأجور ما يقع له من رمي أعدائه بنبله أو رمحه أو رصاصه، فعن عمرو بن عنبسة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « » (صحيح سنن النسائي: [2/659] [2945]).
وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «
وعن أبي نُجيحٍ السلمي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « » (صحيح سنن النسائي: [2/659] [2946]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (رواه البزار، انظر: صحيح الترغيب والترهيب: [2/98] [1292]).
إذًا.. فالجهاد نور، وزيادة في الأجور، وانشراح للصدور، وتجارة لن تبور، ومرضاة للعزيز الغفور، وكفى!
فإليك يا من تريد إن تكون إرهابيًا، يَرهب منك أعداؤك، ويعتدُّونك بك، ويعلمون لك ألف حِساب عند نِزالك أو قتالك.. ها هو طريق العِزة بين يديك، وسبيل المجد يناديك، وقد قال الله لكل مؤمن: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال:60].
فأيُّ سعادة لمن تهتز الأرض تحت قدمه ن فتهتز لها قلوب أعدائه، فيموتون منه في كل ساعة، ويحبسون في جلودهم من رهبته، ويغصون بريقهم عند ذكره، ويلجئون إلى جحورهم عند رؤيته؟!
- التصنيف: