من صحت بدايته صحت نهايته
عندما يواجه الإنسان شيئًا يمنعه من الوصول إلى هدفه، أو إنجاز ما يرغبه، أو يعترض مسيرته نحو تحقيق أحلامه وأمانيه، فإنه يشعر بوجود مشكلة أوعائق يسبب له التوتر والإحباط، وعندما يتزايد بين البشر التنافس والتزاحم والصراع، وتسيطر المفاهيم والقيم المادية، وتتراجع القيم الروحية والدينية والأخلاقية؛ تتضاعف متاعب الناس، ويتزايد بينهم العدوان المتبادل والمشاحنات، ويسقطون همومهم على بعضهم البعض، مما يفرض وجود حاجة ملحة لتعلم أساليب ضبط النفس والتحكم في الانفعالات، والتزود بمهارات حل المشكلات والتفاوض.
عام 1965م انتقد الزعيم الشيوعي الصيني (ماو) وزارة الصحة في بلاده لعجزها عن تقديم الرعاية الصحية اللائقة للمناطق الريفية في الصين، وقرر أن يتحرك فورًا لتحسين الأوضاع، غير أنه أدرك أن الطريقة التقليدية -بزيادة الاعتمادات المالية لميزانية الصحة مثلًا- لن تنجح في إعطاء الأثر السريع الذي يرغب في إحداثه. فكان قراره هو تجاوز البيروقراطية والعمل بطريقة مختلفة، وقد كان لهذه الطريقة بالفعل نتائج مذهلة وجذرية.
قام (ماو) بتعيين جيش من الموظفين، يبلغ مليونًا وثمانمائة ألف موظف، عرفوا فيما بعد باسم (الأطباء الحفاة)، لم يكن هؤلاء الموظفون أطباء بأي معنى، وإنما كانوا مجموعات من السكان المحليين في كل منطقة ريفية، يحظون باحترام الناس وتقديرهم، مما جعل الناس يستجيبون لتوجيهاتهم.
تلقى هؤلاء الموظفون تدريبًا يغطي قواعد الصحة العامة في المناطق الريفية، وتعلموا كيفية معالجة الأمراض الأكثر انتشارًا في هذه المناطق، وعرفوا المعايير التي يجب عليهم عند ملاحظتها إحالة المريض إلى أقرب مستشفى متنقل توفره وزارة الصحة، وبهذا الأسلوب المبتكر تم تجاوز الخلل في الرعاية الصحية للمناطق الريفية!!
عندما يواجه الإنسان شيئًا يمنعه من الوصول إلى هدفه، أو إنجاز ما يرغبه، أو يعترض مسيرته نحو تحقيق أحلامه وأمانيه، فإنه يشعر بوجود مشكلة أوعائق يسبب له التوتر والإحباط، وعندما يتزايد بين البشر التنافس والتزاحم والصراع، وتسيطر المفاهيم والقيم المادية، وتتراجع القيم الروحية والدينية والأخلاقية؛ تتضاعف متاعب الناس، ويتزايد بينهم العدوان المتبادل والمشاحنات، ويسقطون همومهم على بعضهم البعض، مما يفرض وجود حاجة ملحة لتعلم أساليب ضبط النفس والتحكم في الانفعالات، والتزود بمهارات حل المشكلات والتفاوض.
واجه مشاكلك
إنّ الانكماش لا يحلّ المشكلة إنّما يضيف إليها مشاكل أخرى، ولذلك فنحن حينما ندعو إلى مواجهة مشاكلنا، إنّما ننطلق من الترحيب بأيّة مشكلة تعصف بنا، لأنّها تستنفر أنبل وأفضل ما فينا من قوى روحيّة ونفسية وبدنية كامنة، وفي الحديث: «
» (صحيح ابن ماجه [3273]).لا تُغرق نفسك في همومك، وخذ قرارك بالمبادرة، فبعض الناس يُسلمون أنفسهم للقلق والتوتر والاكتئاب، ومن ثم يصيرون ضحايا لمشكلاتهم، وإذا لم تكن لديهم مشكلة اختلقوها، هؤلاء يجب أن يتوقفوا عن إهلاكهم لأنفسهم، فإن كانت لديك مشكلة حقيقية، ولديك حل لها، فلا تتردد في تنفيذه، وإذا لم تستطع حلها فلا تسرف في الانشغال بها، ولكن روّحْ عن نفسك ساعة، ثم فكر فيها، فإذا لم تجد سبيلًا للحل فاستعن بذوي الخبرة والاختصاص.
إن لكل إنسان منا طاقة محددة للتعامل مع الضغوط والصراعات، فمن تجاوز حدود طاقته عرّض نفسه للاحتراق، وكثيرًا ما يتعرض المرء منا لضغوط كثيرة شديدة في وقت واحد، لا تنهض بها قدراته، ولا يسمح بها وقته، وعندها يشعر بأن الأمر خرج عن السيطرة، فإذا حدث لك ذلك فلا تستسلم، ولا تشتت نفسك فتحترق دون أن تحقق هدفًا، ولكن رتب أولوياتك حسب الأهمية، وحاول إنجاز الأهم فالمهم.
مهارات وخبرات
حل المشكلات ليس خطة آلية، تدخل فيها المعلومات من ناحية وتحصل على حل من الطرف الآخر، إن (العنصر الإنساني) هنا عنصر شديد الأهمية، يشتمل على مهارات تضم صراعًا وتأثيرًا وتقيمًا وأشكالًا أخرى للتواصل:
• لا تتصرف في الحال خلال الأزمات، تمثل (الخلوة العلاجية) إحدى الطرق للضبط الذاتي والسيطرة على النفس، واكتساب الهدوء والثبات، وتجنب الرعونة والغضب والتصرفات الحمقاء التي قد تكلف الفرد خسائر لا حصر لها، وبالتالي فإن التريث والتمهل له دورًا هامًا في تجنب المزيد من المشكلات، وتفادي مضاعفاتها، وإعداد الفرد لمواجهة متاعبه بأسلوب علمي صحيح.
من خلال التدريب على جلسات (الخلوة العلاجية) يستطيع الفرد أن يعدل من أفكاره الخاطئة، وتفاعلاته التي تسبق مواجهة المشاكل المختلفة، إنها مساحة للاسترخاء الذهني والروحي، وطرد أو إعاقة الأفكار المشوهة والمخاوف والمبالغات الانفعالية، ثم إتاحة الفرصة للقيم والمفاهيم الإيجابية عن التسامح والعفو، ونبذ الغضب، والثبات الانفعالي.
فالشخص الذي يعاني من سرعة الاستثارة الانفعالية والغضب، عليه أن يغرس في ذهنه ويكرر باستمرار قوله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة:13]. {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34]. {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى:43].
كذلك فإن محاكاة سلوكيات ومواقف الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم، وكيفية معالجتهم للمواقف الصعبة، تجعل الشخص يعدل من استجاباته، ويحاكي هؤلاء العظماء في قوتهم النفسية في اجتياز هذه الاختبارات الصعبة بمهارة وثقة وثبات.
إن أسوأ شيء هو القفز مباشرة للفعل دون تحليل المعطيات، (الخلوة العلاجية) تمنح صاحب المشكلة ذهنًا صافيًا، فيرى ويحلل أسبابها بدقة، بحيث يستطيع أن يتعامل مع الأزمة بدون اندفاعات هوجاء أو انفعالات حمقاء تعطل التفكير السليم والسلوك القويم، كذلك فإنها تحيد مشاعر الغضب، وتكسب الفرد الثبات والهدوء، وهي من العوامل التي تؤثر كثيرًا في الوصول إلى حلول جيدة ومبتكرة.
• كن مصرًا على فصل الحقيقة عن الرأي (كيف تعرف ذلك؟ ما الدليل؟ ما هو السلوك الفعلي الذي لاحظته؟).
• ضع وصفاً دقيقًا للمشكلة بقدر الإمكان، لأن كل شيء سيعتمد على هذا الوصف بما فيها اختياراتك للحل، اختبر أيضًا الأسباب واستبعدها واحدًا تلو الآخر حتى تصل إلى سبب يفسر الحقائق بأقل افتراضات ممكنة. وإذا وجدت أسباب كثيرة، فإن وصفك للمشكلة غير دقيق لأنه يتيح لأي شيء أن يفسر الحقائق.
• قم بأفعال تكيفيه لتهدئة آثار المشكلة حتى يكون لديك وقت لحلها. ولكن عليك أن تجد السبب الفعلي إذا أردت أن تقوم بالتصرف التصحيحي المطلوب لإنهاء المشكلة تمامًا.
• أشرك نوعين من الناس في عملية إيجاد حل للمشكلة، من يعتمد على الملاحظات والمعلومات البدائية، ومن يعتمد على التحليل والنقد.
• استحدث حلولًا جديدة إن أمكن، ولا تستخدم نفس الحلول السابقة لمشاكل مشابهة قد لا تحقق الجدوى المطلوبة منها، واحذر أن تسجن نفسك في سجن التجارب الفاشلة.
• لا تفضل حلًا لأنه الأسهل والأسرع، وإياك وحلًا يؤدي إلى مشكلة جديدة.
• عليك أن تعرف أن حل أي مشكلة لابد أن يتضمن مكاسب وخسائر، كما يجب أن تدرك ضرورة تفتيت القوى التي تسبب لك المشكلة، بمعنى أن لا تجمع الخصوم ضدك، بل إذا استطعت أن تخترق بذكاء الروابط التي تحركهم معًا، تكون قد نجحت في تفتيت المشكلة إلى أجزاء صغيرة، يسهل التعامل معها.
• احذر أن تفتح كل المشكلات مرة واحدة، وعليك بفقه الأولويات المرقمة جيدًا، وتعامل مع مشكلاتك بالترتيب حسب الأهمية والأولوية.
أقوال مضيئة
• المشاكل التي تواجهنا وسيلة عملية تدفعنا إلى بذل أقصى ما في وسعنا. (أنتجون)
• لا وجود لمشاكل يتعذر حلها، ولكن هناك مشاكل مطروحة بشكل سيئ.
• الخطأ في عدم تقدير أهمية الخطأ. (موران)
• إن المشكلة حين ندون تفاصيلها نكون قد حصلنا على نصف حلها. (تشارلز ليزنج)
• التورط في المشاكل سهل والخروج منها صعب. (أجنيس ألن)
- التصنيف: