تحكيم شرع الله ضرورة شرعية وعقلية

منذ 2009-07-06

وأما الشرع فقد دل على أن تحكيم شرع غيره سبحانه وتعالى يعني اتخاذ هذا الغير إلهاً مع الله أو من دونه، قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]....


إن تحكيم شرع الله في كل شؤون الحياة أمر ضروري لصلاح هذه الحياة واستقرارها، وقد دل على هذه الضرورة العقل والشرع معاً؛ أما العقل فهو قاض بأن هذا الخالق العظيم الذي أتقن كل شيء صنعه، أعلم بخلقه وبما يصلحهم وما يفسدهم، وقاض كذلك بأن هذا الخالق العظيم الذي دل إحسانه إلى خلقه بالنعم على رحمته ورأفته بهم، لا يمكن أن يكون في تشريعه إلا ما هو كفيل بتحقيق سعادة الدارين لهم.

وأما الشرع فقد دل على أن تحكيم شرع غيره سبحانه وتعالى يعني اتخاذ هذا الغير إلهاً مع الله أو من دونه، قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]، وبهذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31]، قال: «أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه» (1)، وإذا كان اتخاذ آلهة مع الله يفسد على الناس آخرتهم فإنه يفسد عليهم دنياهم كذلك، قال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]، فدل هذا على أن اتخاذ شرع غير شرع الله سبب عظيم من أسباب الفساد واختلال الأمور.

لقد قامت هذه البلاد بفضل الله منذ اليوم الأول لنشأتها وتأسيسها على تحكيم شرع الله عز وجل في كل شؤونها، فجنى أهلها من بركات ذلك من الأمن والاستقرار ورغد العيش وغير ذلك من النعم ما لا يحصيه أحد إلا الله، وهو الأمر الذي ينبغي أن يحافظ عليه الجميع ويحرصوا عليه حرصهم على أنفسهم وأبنائهم أو أشد، لأن المفرط في كل هذا أشبه بمن نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، ومن يفعل ذلك فقد حق عليه قوله تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة: 61].

إن بلادنا تمر اليوم بظروف عصيبة، فهناك من يريد إخراجها من تحكيم شرع الله إلى تحكيم القوانين الوضعية، وليس الأمر مقصوراً على من يطالب بذلك من خارج البلاد من الأعداء المتربصين بها، بل من الداخل أيضاً، فهناك أذناب أعداء الخارج؛ العلمانيون والليبراليون والمنافقون ومن لف لفهم ممن لا يريدون خيراً للبلاد والعباد، وهناك بعض أبنائنا ممن درسوا في الغرب وانبهروا بما لديه، فهم يريدون نقل هذه القوانين وتطبيقها في بلادنا دون سوء نية وطوية ظناً منهم أن في الأمر سعة.

إن الأمر جد وليس بالهزل، وقد حذر ربنا عز وجل نبيه عليه السلام من أمثال هؤلاء وما يدعون إليه فقال عز من قائل: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 49-50].

لقد تكفل الله عز وجل لمن تبع شرعه المنزل على رسله بالهداية وسعادة الدارين، قال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: 123]، قال ابن عاشور رحمه الله: "معناه: أنه إذا اتبع الهُدى الوارد من الله على لسان رسله سَلِم من أن يعتريه شيء من ضلال ... أي فلا يعتريه ضلال في الدنيا، بخلاف من اتبع ما فيه هدى وارد من غير الله فإنه وإن استفاد هدى في بعض الأحوال لا يسلم من الوقوع في الضلال في أحْوال أخرى. وهذا حال متبعي الشرائع غير الإلهية وهي الشرائع الوضعية فإن واضعيها وإن أفرغوا جهودهم في تطلب الحق لا يسلمون من الوقوع في ضلالات بسبب غَفلات، أو تعارض أدلة، أو انفعال بعادات مستقرة، أو مصانعة لرؤساء أو أمم رأوا أن من المصلحة طلبَ مرضاتهم ... والشقاء المنفي في قوله {وَلَا يَشْقَى} هو شقاء الآخرة لأنه إذا سلم من الضلال في الدنيا سلم من الشقاء في الآخرة" (2)، وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124]، أي معيشة ضيق وشقاء، وإن كان صاحبها من أهل المال والنعيم المادي، قال ابن كثير رحمه الله: "أي: في الدنيا، فلا طمأنينة له، ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق حَرَج لضلاله، وإن تَنَعَّم ظاهره، ولبس ما شاء وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى، فهو في قلق وحيرة وشك، فلا يزال في ريبة يتردد. فهذا من ضنك المعيشة" (3).

لقد سارت كثير من بلاد المسلمين على طريق تحكيم القوانين الوضعية رويداً رويداً حتى انهارت بسبب ذلك، ولم يعد يوجد فيها من الإسلام إلا مظاهره التعبدية، ثم حاقت بها الأزمات والابتلاءات والمشكلات، مصداقاً لما سبق في الآيات الكريمة، وقد قيل قديماً: الشقي من وعظ بنفسه، والسعيد من وعِظ بغيره، فهل من مدكر؟

________________
(1) سنن الترمذي 5/278 (3095)، وحسنه الألباني.
(2) التحرير والتنوير 9/111.
(3) تفسير ابن كثير 5/322-323.








المصدر: المسلم

ناصر بن سليمان العمر

أستاذ التفسير بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض سابقا

  • 8
  • 0
  • 17,843
  • الشافعى احمد

      منذ
    [[أعجبني:]] فضيله الامام الذى يصلى صلاه المغرب والعشاء والفجر فى بيت الله الحرام هذه الايام بارك الله فيك وفى علماء وائمه بيت الله الحرام فضيله الامام هناك من العلماء هنا فى مصر من يلمح دائما لى وباستمرار باننى مغرور ومتكبر وهذا يجرحنى ويجرح مشاعرى كثيرا فبالامس كانوا يقولون ذالك من وراء قلوبهم اما اليوم فيقولونه بحق وصدق ويقصدون ما يقولون فضيله الامام ان الغرور والكبر والتكبر والقسوه والغلظه على هؤلاء من الصهاينه والامريكان وغيرهم ممن يفعلون بالمسلمين هذه الايام من القتل والتعذيب حتى النساء والاطفال ما رحموهم من القتل بابشع انواع القتل ان كان فى فلسطين او العراق او افغانستان فاخبار هذه البلاد وما يفعلونه معهم تملء شبكه الانترنت من الصور التى يصورنها لهم ثم ينشرونها لنا عبر هذه الوسائل ليعلمونا ماذا يفعلون باخواننا من المسلمين المستضعفين ولا انسى صوره الجندى الامريكى الذى وضع حذائه على راس رجل عراقى وهو منبطح على الارض عارى من الملابس وغير ذالك من عشرات وعشرات الصور للمسلمين هنا وهنا تعذيب واذلال ومهانه ما بعدها مهانه فانا اسئل الله ان يزيدنى غرور وتكبر وغلظه وقسوه على هؤلاء ما دمت حياوامشى على وجه الارض واسئل الله جل جلاله ان ينزع من قلبى الرحمه والرافه والشفقه واللين بهؤلاء اعداء الاسلام والمسلمين وان غرورى هذا وتكبرى هذا كما يسمونه انما هى عباده وطاعه وقربه اتقرب بها الى الله واسئله سبحانه ان يجعلها فى ميزان حسانتى عنده وان يتقبلها منى فهؤلاء لم يرحموا احد لا كبير ولا صغير وامراه ولا شيخ ولا حتى طفل رضيع يحبوا على الارض فاللهم ذدنى غلظه وذدنى جفاء وقسوه وغرور وتكبر على هؤلاء حتى اضع رؤسهم جميعا على الارض واضع اقدام ونعال المسلمين ونساء المسلمين فوق رؤسهم ولا ادرى يا امام من اين تاتى الرحمه والشفقه فى قلوبنا على هؤلاء بعد كل هذه المناظر التى نراها كل يوم ليل نهار ووالله يا امام وهذا قسم منى امام الله لو ان امراه مسلمه واحده خطفتها دوله من هذه الدول لكان حقا على كل المسلمين المليار والنصف ان يهبوا ويجيشوا الجيوش لاستعادتها من ايديهم والا غضب الله على المليار والنصف مسلم ومسلمه لو جلسوا فى بيوتهم ياكلون ويشربون ويضحكون ويتنعمون بالحياه وتركوا هذه المراه فى ايدى اعداء الله وانا اقصد امراه بمعنى امراه واحده ولكن يرحم الله المسلمون

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً