الأعمال التي يصلي على فاعلها الله ملك الملوك
صاحبُ الحظِّ العظيم هو الذي يَنال شرفَ صلاة الله تعالى عليه، اللهِ الكريم ربِّ العالمين، وملِك الملوك ذي الجلال والإكرام، فهذه نِعمة كبيرة، يثابِر المسلِم على أن يَنعم في ظلِّها، ويكتسب من خيراتها
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. صاحبُ الحظِّ العظيم هو الذي يَنال شرفَ صلاة الله تعالى عليه، اللهِ الكريم ربِّ العالمين، وملِك الملوك ذي الجلال والإكرام، فهذه نِعمة كبيرة، يثابِر المسلِم على أن يَنعم في ظلِّها، ويكتسب من خيراتها، ويَسعى لها سعي المحسنين؛ لينال رِضا الله سبحانه، ورحمته، وهو أكرم الأكرمين.
أولاً: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
أولُ الأعمال العظيمة: الصَّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهي من أعظم الأذكار الشرعيَّة؛ قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، ومن يصلِّي على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة، ينال شرف صلاة الله تعالى عليه عشرًا؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتُم المؤذِّنَ، فقولوا مثلَ ما يقولُ، ثمَّ صلُّوا عليَّ؛ فإنَّهُ مَن صلَّى عليَّ صلاة صلى اللهُ عليه بها عشرًا، ثمَّ سلوا اللهَ ليَ الوسيلَةَ؛ فإنَّها منزِلةٌ في الجنَّة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد اللهِ، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل ليَ الوسيلةَ، حلَّتْ له الشَّفاعةُ» (رواه مسلم)، وفي الحديث الشريف دلالة على أعمال عظيمة؛ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وما بِها من أجرٍ، ومتابعة السنَّة المهجورة للصلاة على النَّبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان، وسؤال الله تعالى الوسيلةَ لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لنَيل الشفاعة بإذن الله تعالى.
ثانيًا: تعليم الناس الخير:
تعليم النَّاس الخير مِن ينابيع السَّعادة في الدنيا والآخرة، وتعليم النَّاس الخير يَستوجب توجيه النيَّة وإخلاصها لله تعالى؛ طمعًا في رضا الله الكريم، وكلُّ مسلم يَحرص على تعليم النَّاس الخير؛ من تعليم المسلمين الأمور الشرعيَّة، ومن تعليمهم صنعةً يتكسَّبون بها من فضل الله تعالى، ومن تعليمهم العِلم النَّافع، ومن دلالتهم على المعروف، وكلُّ فعلٍ يترتَّب عليه خير يسعد فاعلُه بصلاة الله تعالى عليه، وصلاة الملائكة الكرام عليهم السلام، وصلاة أهل السموات والأرض؛ فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَضلُ العالِم على العابد، كفَضلِي على أدناكم»، ثمَّ قال رسولُ الله: «إنَّ اللهَ وملائكتَه وأهلَ السَّموات والأرض، حتى النَّملة في جُحرها، وحتَّى الحوت، ليُصلُّون على معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ» (حسنه الألباني).
ثالثًا: وَصل الصفوف في الصلاة:
إنَّ وصل الصفوف في الصَّلاة من السنَن العظيمة التي يتناساها الكثيرون في الصلاة، ولو علموا أجرَها لم يغفلوا عن تطبيقها، ولحرصوا على تعلُّمها وتعليمها، ومَن يصل الصفوفَ فقد أكرمه الله تعالى بصلاته عليه، وصلاة الملائكة الكرام عليهم السلام؛ فعن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله وملائكتَه يُصلُّون على الذين يَصِلون الصفوفَ، ومن سَدَّ فُرجةً رفعَه اللهُ بها درجةً» (صححه الألباني)، والمتدبِّر للحديث الشَّريف يجد أجرًا عظيمًا، وزادًا كريمًا يتتبَّعه في كلِّ صلاة، وفي هذا الصَّدد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: "أهمل كثيرٌ من الأئمَّة وكثيرٌ من المأمومين مسألة التراصِّ، فتجد الصفَّ تكون فيه الفُرَج الكثيرة لا يسدها أحد، وهذا غلط؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمر بالتراصِّ، وأخبر أنَّ الملائكة عند الله عزَّ وجل يتراصُّون"؛ (فتاوى نور على الدرب؛ لابن عثيمين:111/ 161)[1].
رابعًا: السحور:
التسحُّر من السنَن النبويَّة التي يَحرص عليها المسلِم لاكتساب الأجر، والدخول في زمرة الذين يصلِّي عليهم اللهُ تعالى والملائكة الكِرام عليهم السلام؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السَّحورُ أكلُه برَكةٌ، فلا تدَعوه ولو أن يجرعَ أحدُكم جرعةَ ماءٍ؛ فإنَّ اللهَ وملائكتَه يُصلُّون على المتسحِّرينَ» (صححه الألباني)، فالتسحُّر يكون بأي قَدر تتبُّعًا للسنَّة الشريفة، وطلبًا للأجر من ملك الملوك.
خامسًا: الصفوف الأُوَل:
الصَّلاة في الصفِّ الأول خلف الإمام مباشرة شرَف كبير يتسابَق للحصول عليه المؤمنون، والبعض يغفُلُ عن هذا الأمر، فيتراجع للصلاة في أواخر الصفوف، أو يتكاسَل عن القدوم مبكرًا للمسجد، وفي الصفِّ الأول فضائل كثيرة، ومن يصلِّي في الصفِّ الأول يَنعم بصلاة الله تعالى عليه، وصلاة الملائكة الكرام عليهم السلام؛ فعن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تختلفوا فتختلِفَ قلوبُكم»، وكان يقول: «إنَّ اللهَ وملائكتَه يُصلُّون على الصُّفوفِ الأُوَل، لا تختلفْ صفوفُكُم فتختلِفَ قلوبُكُم، إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يُصلُّونَ على الصفِّ الأوَّلِ» (صححه الألباني).
سادسًا: تعليم هذه الأعمال:
إنَّ تعليم هذه الأعمال للغير من أبواب الفَضل لنَيل صلاة الله تعالى وملائكته الكِرام عليهم السَّلام؛ لأنَّ نَشر هذه الأعمال يَدخل في باب تعليم الناس الخير، وهو بفضل الله تعالى سبب لنَيل صلاة الله تعالى وملائكته الكرام عليهم السلام على العبد، ومن باب آخر فتَعليم هذه الأعمال وتبليغها يَدخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الدالَّ على الخير كفاعلِه» (حسنه الألباني)، فمن تعلَّم هذه الأعمال ومن علَّمها، نال الأجر بصلاة الله تعالى عليه والملائكة الكرام عليهم السلام؛ فلنحرِص على تعلُّم هذه الأعمال وتعليمها لأطفالنا، وأبنائنا، وجيراننا، وأصدقائنا، ولْنَسْعَ لتعليم الناس الخير.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا الكريم أشرف الأنبياء والمرسلين، صلاة الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين، وعلى آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه أجمعين، ومن اتبعه بإحسانٍ إلى يوم الدين.
- فكرة المقال مستوحاة من تصميمات دعوية لموقع البطاقة الدعوي.
- الأحاديث النبوية تمَّ التحقق من صحتها من موقع الدرر السنية.
----------------------
[1] موقع الإسلام سؤال وجواب.
حسين أحمد عبد القادر
- التصنيف:
- المصدر: