فتوحات الليبراليين في «الأمسياتو»
هاجموا شابًا سعوديًا رفع الآذان في النمسا. استنكروا تمسك امرأة مسلمة بحجابها في فرنسا. حرضوا على مثقف وأكاديمي أطلق مبادرة للتبرع للأقصى عبر منظمات رسمية. انتفضوا ضد وزير فتح فصولًا اختيارية لتعليم القرآن في المدارس. اعترضوا على مسؤول أصدر قرارًا يمنع تبرج الموظفات. وعلى آخر يمنع إجبار السعوديات على الابتعاث.
هاجموا شابًا سعوديًا رفع الآذان في النمسا. استنكروا تمسك امرأة مسلمة بحجابها في فرنسا. حرضوا على مثقف وأكاديمي أطلق مبادرة للتبرع للأقصى عبر منظمات رسمية. انتفضوا ضد وزير فتح فصولًا اختيارية لتعليم القرآن في المدارس. اعترضوا على مسؤول أصدر قرارًا يمنع تبرج الموظفات. وعلى آخر يمنع إجبار السعوديات على الابتعاث.
أخبروني بالله عليكم أي فكرٍ يحمله هؤلاء؟
ما تركوا خيرًا إلا حاربوه، ولا شرًا إلا أيّدوه ونصروه، كأنما بينهم وبين الفضائل كلها ثأر، فلا يشفي غليلهم إلا خنقها واستئصال رموزها والداعين إليها، أقسم بالله غير حانثة أن المخازي كلها اجتمعت فيهم، فقد عميت بصيرتهم، وانتكست فطرتهم، فهم في سكرتهم يعمهون، ألا نراهم يتسامحون مع أصحاب كل الملل والنحَل: يهود، نصارى، هندوس، إيزيديين، بوذيين، ويصبّون أحقادهم على من هم في الأصل إخوتهم وأهلوهم!.
يتماهون مع الطغاة والقتلة، ويناصبون الأحرار والشرفاء العداوة والبغضاء أبدًا، يعظمون الغرب، ويحتقرون مجتمعاتهم، هم أشد الناس ازدواجية وانفصامًا، فلا تسل عن تغنيهم بالحريات، وهتافهم للديمقراطية، بينما هم من حرضوا على قتل الآلاف في رابعة، وصفقوا لاعتقال عشرات الآلاف من المصريين وتعذيبهم في سجون سفاح خائن منقلب! بل إنهم وقفوا ضد حق الفلسطيني في الدفاع عن أرضه، وهاجموا أشكال المقاومة كافة من الحجارة إلى المقلاع إلى الصاروخ، وأوغلوا في الصهينة والعمالة، فبرروا حصار غزة، وخنق أهلها، واغتيال مجاهديها، وصدّق إن شئت أو لا تصدق، أن منهم من فرح بقصف الروس الصليبيين لأطفال سوريا، وذهب إلى مطالبة أوروبا بإغلاق أبوابها في وجوه اللاجئين السوريين، واتخاذ إجراءات صارمة ضد المسلمين كافة على الأراضي الأوروبية بحجة منع الإرهاب.
ولا حد لهيجان القوم وعربدتهم وتغولهم على المجتمع، فقد بلغ بهم الأمر أن «شيطنوا» الدعاة إلى الفضيلة، وصادروا حقهم في التعبير. ألم تر كيف أنكر داعية مرموق ظهور شاعرة بكامل زينتها في محفل عام، تلقي قصائد الغزل على مرأى من الرجال ومسمع، فلما أبعده رجال الأمن، وتساءل محتجًا: أيرضيكم هذا؟ قال قائلهم: نعم يرضينا، ثم جعلوا هذه العبارة شعارًا يردّدونه، ووسمًا يلوكونه؟
ألم تَر كيف اشتغلت بعد ذلك ماكينة الأكاذيب في «عربيتهم»، فقذفت بألفاظ التشويه والازدراء: «فرق الوصاية، أعداء الحداثة، المشوّشون، حُرّاس الظلام..».
وكم هائل من التحريض؟ أضحكتني كثيرًا مزاعم «إعاقة التنمية» التي نسبوها إلى دعاة فضلاء.
سامح الله الدعاة! كم أعاقوا خطط «الليبراليين» للنهوض بالبلد، فلولاهم لكانت مصانعنا أكثر من مطاعمنا، وعلماؤنا أكثر من «مفحطينا»!.
ماذا لدى أدعياء الليبرالية (الذين يحلو للدكتور أحمد بن سعيد أن يسميهم «ليبروفاشيين») ليقدموه للبلد؟ لقد ملؤوا الدنيا بجهلهم وضحالتهم، وأشغلونا في تويتر بتصحيح أخطائهم اللغوية والإملائية!
بعد حادثة إبعاد الشيخ في «الأمسية الشعرية»، صاح أحدهم: «أشعر بالفخر إذ فتحت وزملائي بابًا جعل المواطن يقول بصوتٍ عال: نعم يرضينا».
وبعض زملائه وصف ما حدث بـ «صرخة الأغلبية الساحقة للتحرر من استعباد الظلام، صرخة وعي بإنسانية مجتمع، شعبٌ بدأ التخلص من مخلفات الصحوة، تحولٌ جذري في الموقف الشعبي، شعار المرحلة القادمة، الجملة السحرية التي كان يحتاجها المجتمع السعودي منذ عشرات السنين، المجتمع قد نضج وبلغ سن الرشد..».
هنا يتوارى أمام الطيش والمراهقات «الليبرالية» ما تواجهه البلاد من تهديدات وتحديات مصيرية، ويبرز فقط موقف شاعرة الأمسية وهي تهمس بعبارات الغزل. تلك هي المعركة التي يشتهون خوضها، ولا يحسنون غيرها. أما معارك «بناء الأمة»، وتحريرها، والدفاع عن وجودها ومقدساتها، فليسوا أهلًا لها ولا تهمهم! ألم يعترض أحدهم في تويتر على وصف أبطالنا في الجنوب بالمجاهدين، ودفاعهم عن بلادنا بالجهاد، زاعمًا أنهم إنما يؤدون «وظيفة حكومية»، وأن كلمة «الجهاد» تحوّل ما يجري إلى «حرب دينية» بحسب تعبيره؟
أعرف هؤلاء جيدًا. إنهم يحتقرون الأغلبية الساحقة من المجتمع، فإذا ضمّهم مجلس رموا هذا المجتمع بأقذع الألقاب: «همج، متخلفون، أوسخ ناس على وجه الأرض..». مشروعهم الوحيد هو مشروع «الانسلاخ» وضياع الهوية والتحول إلى أمة بلا كرامة ولا شيء تقدمه على الإطلاق.
وبتأمل سؤال: هل يرضيكم؟ وإجابة البعض: نعم يرضينا. برأيي أن الجواب كان طبيعيًا أو متوقعًا والسؤال هو الذي كان خاطئًا!.
فالسؤال المناسب: هل ترضاه لزوجتك؟ هل ترضاه لأختك، ابنتك؟ هنا أجزم أن المسلم السوي سيجيب: قطعًا لا، فما من مسلم مكتمل الرجولة والحب لزوجته قد يرضى أن تتزين وتخرج للرجال!.
أما أن تسأل: هل يرضيه وجود الشاعرة الفلانية أمامه أو معه بهذه الصورة؟ فلا شك أن من الرجال للأسف من لا يجد حرجًا في ذلك من امرأة لا يعنيه أمرها، خاصة إن غابت لديه قيم الإخاء تجاهها ولم تدفعه مروءته ونخوته للغيرة والحرص عليها.
وإن كان أهل الصلاح والإصلاح والاحتساب لا يرضون لبنات المسلمين ما لا يرضونه لأخواتهم وزوجاتهم فاسألوا دعاة المساواة وتحرير المرأة في صحافتنا: لماذا يحاولون الزج بالمسلمات إلى أتون التمرد والتبرج ومزاحمة الرجال واقتحام ما لا يليق من الأعمال ثم لا نرى زوجاتهم معهم على المسارح ومنابر الشعر والإعلام؟!
اسألوا عبده خال لماذا يرفض أن تعمل زوجته ولا يقبل إلا أن تكون «ربة منزل»، اسألوا محمد آل الشيخ لماذا يقول: لو أن الله رزقني البنات ما أذنت لهن بالابتعاث والسفر بلا محرم.
لا تعليق ولا إضافة بعد هذا إلا أن أقول: إن علينا، نحن السواد الأعظم من المجتمع، أن نقاوم هذه العربدة بكل ما نختزنه في أعماقنا من إيمان بالله، وحب لهذا الوطن. يجب ألا نسمح باختطاف إرادتنا، وتزييف وعينا، وإغراق سفينتنا. لن يستطيع الليبروفاشي مهما أُوتي من أسباب القوة والدعم أن يطفئ شعلة الوعي في أذهاننا، أو أن يخنق نداء الحرية في أعماقنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: ريم سعيد آل عاطف
- التصنيف: