ظاهرة تحقير جهود الآخرين – (لا تحقرن من المعروف شيئًا)

منذ 2016-01-10

فرق بين أن تثني على الخير مهما قل وتشجع عليه ثم تدل على ما هو أعظم منه، وفي المقابل أن تحقر هذا الخير!

-"بيان بمناصرة إخواننا في غزة"
-"يا أخي هذا ليس وقت البيانات. مللنا من الكلام. غزة تحتاج تحريك الجيوش وليس تحريك القلم على الورق!"
-"حملة التبرع بالدم لإخوتنا في الشام
-"أمة عديمة الدم! أطفال الشام يموتون ولا تساعدونهم بأكثر من التبرع بالدم! لا حاجة لهم بدمائنا التي يسري فيها العار".

كثيرا ما نرى مثل هذه التعليقات. وقد ينسى أصحابها أنهم أولا يخالفون بها أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم إذ قال: (لا تَحْقِرن من المعروف شيئا)...هكذا على إطلاقه. أي لا تستصغر وتقلل من شأن أي معروف يفعله الناس. المسلمون بحاجة إلى من يثني على مظاهر الغيرة على الدين والرحمة بالمسلمين عندهم، لا من يحقرها ويستهزئ بها!


نعم، قد ندل الناس على وجهٍ أولى من وجوه المعروف إن كنا نعرف هذا الوجه، فنقول لهم مثلا: (جزاكم الله خيرا على بيانكم الطيب الذي يدل على حياة قلوبكم. ولو نتبعه يا إخوتي بتربية أنفسنا وأبنائنا على الجهاد الذي به تمام نصرة المسلمين).

فرق بين أن تثني على الخير مهما قل وتشجع عليه ثم تدل على ما هو أعظم منه، وفي 
المقابل أن تحقر هذا الخير! (لا تحقرن من المعروف شيئا). بل وكثيرا ما نحقر معروف الآخرين ونثبطهم عنه ثم نتركهم دون معروف آخرَ عمليٍّ ندلهم عليه. نقول: (البيانات كلام فارغ! لا بد من تحريك الجيوش)...طيب حرك الجيوش حضرتك، ثم من تنقدهم سيكونون معك أول التابعين حينها!

يُذم الانشغال بمثل البيانات وحملات التبرعات عندما تكون ممن يملك أكثر من ذلك فلا يفعل، بل ويغطي على مشاركته في الجريمة بهذه الأفعال، كأصحاب القرار في بلاد المسلمين (على اعتبار أنهم أصحاب قرار وليسوا مجرد عبيد لأسيادهم في الخارج!)...أما عامة الناس فينبغي مخاطبتهم ضمن ما يمكنهم عمله في المدى المنظور بخطوات عملية، مع تذكيرهم أن معروفهم هذا لا يعفيهم من السعي المستمر في الأخذ بأسباب العزة والتمكين والنصرة بالقوة لإخوانهم المستضعفين.

وليسأل هؤلاء الذين يصفون جهود غيرهم بأنها لا تنفع، ليسألوا أنفسهم: هل تعليقاتهم هذه نافعة بمقاييسهم التي وضعوها؟ هل تحرر البلاد وتنقذ العباد؟ هل تحقير جهود الآخرين يسهم ولو قليلا في النصر المنشود؟ إن كان الجواب لا، فما فائدتها إذن؟! فلا يجمعوا على أنفسهم مخالفتين: اللغو من الكلام، وتحقير معروف الناس!
وختاما، لو أن الذين أصدروا بيان مناصرة أو نظموا حملة تبرع بالدم، لو أنهم وقفوا موقفا معاكسا تماما فأصدروا بيانا بتأييد مواقف الأنظمة المساندة للعدوان على إخواننا، أو طالبوا بعدم السماح بإدخال الجرحى للعلاج في بلادهم، أما كنا سنبغضهم ونستبشع قولهم ونراهم شركاء في الجريمة؟ أَوَلَمَّا وقفوا موقفا طيبا نحقر معروفهم؟ بل (لا تحقرن من المعروف شيئا). 
والله تعالى أعلم.

  • 10
  • 0
  • 5,820

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً