كيف تواجه السعودية وتركيا معول الهدم بيدي ايران وروسيا؟

منذ 2016-02-06

 

ظلت روسيا والدول الأوروبية تغذي الفتن والحركات الانفصالية في الدولة العثمانية وكل المتمردين عليها (خاصة في أواخر عمرها) بالمال والسلاح والخبرات بل بالقوات أحيانا، وظلت الدولة العثمانية تحافظ على النظام والوضع الدولي فلا تهاجم هذه الدول الداعمة والراعية بالسلاح بل ركزت جهداً ومالاً و سلاحاً كثيراً لمحاربة القوى المتمردة إلى أن انهكت قوة الدولة العثمانية تماما وسقطت، بينما صعدت الدول التي دعمت المتمردون لأنها لم تتعرض لخسائر كبرى، في مثل هذه الحالات فإن الأفضل (استراتيجيا من وجهة نظري الشخصية) أن تضرب قلب وعقل العدو لا أذرعه لأنك كلما قطعت له ذراعا فإن قلبه وعقله سيخلق عشرة أذرع أخرى، وهذا ما حدث مع العثمانيين إذ هزموا الصفويين بعد عناء فسرعان بعدها (بفترة ما) ما خلق الروس والأوربيون قوى عديدة متمردة على العثمانيين في اليونان شرق أوروبا بعامة وغيرها وصولا للشريف حسين وحركة القومية العربية التي أسموها بالثورة العربية.. إلخ.
نفس الخطأ أراه يتكرر اليوم فتقاتل السعودية ذراعا إيرانيا في اليمن وقد تعجز عن قطعه وحتى لو قطعته فإن عقل وقلب المشروع الإيراني الشيعي بالمنطقة يقبع مرتاحاً في طهران،ويتكرر الأمر في سوريا فتكافح السعودية وتركيا لدعم ثوار سوريا ضد ذراع إيراني هناك فتنهك وتعجز عن قطعه وحتى لو قطعته فسينبت ألف بدل منه عبر المال والرجال والسلاح الذي تضخه إيران وروسيا إلى دمشق.
صحيح أن السعودية تترك أسعار النفط تنهار كي تستنزف الاقتصادين الروسي والإيراني ولكن هذا لا يكفي في الواقع، ولو كان النظام الدولي والارتباطات الدولية ومستوى التسليح لدى قطر و السعودية و تركيا لا يسمح بالدخول في حرب نظامية مباشرة مع روسيا و إيران ولا استنزاف قلب وعقل موسكو وطهران فإن حركات المقاومة الداخلية في روسيا وإيران لا تقيدها ارتباطات دولية وموازين استراتيجية ويمكنها أن تهاجم أين ما تشاء ومتى ما تشاء، وحتى لو عدمت السعودية وتركيا هذه الحركات (وهي موجودة فعلا) فإن إيجادها من عدم ليس صعباً.
إن إيران وحليفتها روسيا يمارسون السياسة ليس بمبضع الجراح وحسب بل وبمعول النحات، ولا يمكن لعاقل أن يظن أنه يمكنه التصدي لمبضع الجراح أو معول النحات عبر الخطب الحماسية والتصريحات النارية وقصائد الشعر الهجائية، من يمارس السياسة والاستراتيجية فعليه أن يمارسها بقلب شجاع لا يعرف الخوف وبيد حديدية لا ترتعش وبعقل يتمتع بذكاء الحكماء ومكر الدهاة، فإن لم تملك هذا أو لم ترد أن تكون هكذا فاقعد في بيتك واكتب شعارات وخطابات على الفيس بوك وتويتر مثلي.

عبد المنعم منيب

صحفي و كاتب إسلامي مصري

  • 10
  • 0
  • 7,417

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً