شذور الذهب من ذكرى سَفْرَة عجَب - (8) هيا غادروا السفينة
- ألم تعلمن أن حجزكم كان على سطح السفينة، فلا مقعد لكم ولا مقصورة ولا كبينة!
تقول صاحبتنا:
ومن حين أذن للعصر، اتجهنا إلى السفينة امتثالاً للأمر. تولى من استطاع من الرجال شحن أمتعتنا الكبيرة ومعهم الضابطان في باطن تلكم السفينة، وبقيت في أيدينا بعض الأمتعة الخفيفة أو الثمين، والتي يمكن أن نكون بحاجتها على ظهر السفينة.
اجتمعنا في مكان، بينما تولى عنا جميعًا الضابطان أمر البحث عن مكان إقامتنا على السفينة، ذهب الضابطان إلى مكان المقصورات، حسب ما كان بيننا وبين زوج أختنا من اتفاقات. فوجداها عامرة بساكنيها، وليس لأحد منا مكان واحد فيها!
فلما ذهبا إلى المختصين بالحجز، عادا وقد تملكهما كدر ويأس!! بادرا بسؤالنا -أعني من تصدر منا لأمر سفرنا-:
- ألم تعلمن أن حجزكم كان على سطح السفينة، فلا مقعد لكم ولا مقصورة ولا كبينة!
- ألم يخبركن بذلك زوج أختكم؟! بالله كيف نترككم تذهبون وذا حالكم!
- فلا مسؤول عن سفرتكم يصاحبكم، ولا مكان آمن يستركم!
- أغلبكم نساء، وشيوخ ضعفاء، فمالكم قِبَل بهذا البلاء!
- هيا اجمعوا أمتعتكم، وعودوا -هداكم الله- إلى بيوتكم، حتى ننظر في أمركم!
فأبينا طاعتهما بيأس، وعرضنا دفع المزيد من المال لتغيير مكان الحجز!
- فقالا: يا سادة حاولنا وكل ما بوسعنا بذلنا، فما مقصورة واحدة لكم وجدنا!
- أنتم في منتصف رمضان، حتى السطح شديد الزحام!
فبكى الجميع، متمسكين بعدم الرجوع، فلما يأس الضابطان، ذهبا ليبحثا لنا عن أي مأوىً أو مكان، وتوجهت قلوبنا إلى رب السماء، نلح عليه بالتضرع والدعاء، وبعد وقت ليس بالقصير، عادا وقادانا إلى مكان واسع وكبير إلا أنه شديد الزحام، يبدو أنه مكان مُعَدّ لتقديم الطعام. ظفرا ببضع مقاعد لكبار السن، ومكان صغير في زاوية مستورة ما أمكن!
- قالا -جزاهما خيرًا الله-: هذا خير مكان وجدناه، وبعد جهد ولأواء وشفاعة حمدناه.
-قلنا: لا بأس أيها الضابطان، إنما هما -فقط- يومان!
- فنظرا إلينا بإشفاق كبير وقالا غير ناظري جواب ولا تعليل: ستظل النساء دائمًا بكامل الثياب، لن يستطعن التخفف برفع الحجاب.
وإذا بصوت يصم الآذان، يطلب من غير المسافرين التعجل بترك المكان ففارَقانا على كره الضابطان، بعد أن استودعانا الله وهما يبكيان!
ويتبع بإذن الله.
- التصنيف:
- المصدر: