صانع ُ الفرحة
أن ييسر الله لك أن تكون "صانع" الفرحة أو سبب السعادة فهذه نعمة كبرى، تظنها سهلة؟! لا والله، إنه فضل الله يؤتيه من يشاء، أن ترى السعادة في وجوه المحتاجين "بحق"، أن تشاهد الفرحة الصادقة والابتسامة المشرقة
توقف ليمسح حذاءه ... ماسح الأحذية وجهه هادئ ومريح، تجلس بجانبه ابنته الصغيرة الملتصقة بوالدها والتي تتابع عمله بشغف وحب، وكل بنت متعلقة بالأب وإن كان على هامش الحياة! تبادلا الحديث الودي، أعطى بعض الحلوى للبنت فأخذتها بحياء ... له ستة أبناء ويكافح بشدة لتعليمهم ولديه أحلام كثيرة لهم "وللبسطاء أحلامهم أيضاً إن كنتم لاتعلمون" ...
نوى أن يدفع له خمسة جنيهات، مد يده في جيبه فخرجت ورقة بمئتى جنيه ، فجأة قرر أن يعطيها له كاملة، عندما رأها الرجل البسيط بدأ يقول "معييش فكة ..." قال له إنها كلها له! كانت تعبيرات وجهه تعجز الكلمات عن وصفها ... نظر له بامتنان ولمعت الدموع في عيونه، احتضن ابنته وقال لها "النهاردة حاجيبلك الأكل اللي بتحلمي بيه"!
انصرف وماسح الأحذية يدعو له "ربنا يستر طريقك وميذلكش أبداً لمخلوق"، كان الشارع شديد الازدحام في هذا الوقت في قلب "المدينة"، الكل يسير بسرعة ولا أحد يلتفت للمشهد ... إلا أنه وقف من بعيد يراقبهم، كان الرجل يخرج النقود وينظر لها وينظر للسماء وابنته مازالت في أحضانه!
أن ييسر الله لك أن تكون "صانع" الفرحة أو سبب السعادة فهذه نعمة كبرى، تظنها سهلة؟! لا والله، إنه فضل الله يؤتيه من يشاء، أن ترى السعادة في وجوه المحتاجين "بحق"، أن تشاهد الفرحة الصادقة والابتسامة المشرقة ... أن يدعو لك من "قلبه" دعوة مخلصة أنت أحوج ماتكون لها، فقلوب المساكين قريبة من خالقهم ودعواتهم مستجابة، ولعل دعوة منهم تصيبك، لعله يدعو الله أن يرحمك ويغفر لك فيستجيب الله ويرحم ويغفر، فتكون الفرحة الكبرى والسعادة الدائمة! لعله يدعو ياصديقي ولعل الله يستجيب ... لعله يستجيب!
عن النظر إلى "آثار" رحمة الله!
- التصنيف: