وداعًا... ولكن..!

منذ 2016-06-15

إلى هؤلاء اللاتي يدخلن حياتنا، بثغر باسمٍ، كأنفاسِ الفجرِ الزكية، يأسرُ الأرواحَ الطيبة... ثم يتجرَّأْن على استفراغ عواطفنا في صمامات قلوبهن، قطرةً قطرةً كحبات المسبحة حتى تمام المائة..! فنُطَرِّزُ أيامنا بأحاديثهن التي لا تنقطع ولا حتى في أحلامنا.. ثم ينكصن على أعقابهن بغتةً من حيث أتينَ..! صافقاتٍ البابَ في وجوهنا...! بل في أنوفنا!..

إلى كل أختٍ بزاوية قلبها ركنٌ ينزف فيه النبضُ بصمتٍ..
بدقٍّ أقل من باقي أركان القلب..

من فُجأةِ جفاءٍ وهجرٍ من إحدى صديقاتها المقربات:
هوني عليك يا حبيبة.. لستِ وحدك..
فلك رفيقات في نفس السبيل المُرَّة.. لستِ وحدك...
أوَ تَدرين؟
لو تلمَّستِ أعلَى كَتفِك لوجدتِّ كفًا مقيمًا يُربتُ على ظهرك، يقيل عثرتكِ، ويُعلن وَصلًا، ويُسرًا، ومعيةً..
بل أَلْفَ كفّ...! فاتكئي عليهم لعبور حزنك.. واحتسبي الأجر.. فلستِ وحدك...

وإلى هؤلاء اللاتي يدخلن حياتنا، بثغر باسمٍ، كأنفاسِ الفجرِ الزكية، يأسرُ الأرواحَ الطيبة...
ثم يتجرَّأْن على استفراغ عواطفنا في صمامات قلوبهن، قطرةً قطرةً كحبات المسبحة حتى تمام المائة..!
فنُطَرِّزُ أيامنا بأحاديثهن التي لا تنقطع ولا حتى في أحلامنا..
ثم ينكصن على أعقابهن بغتةً من حيث أتينَ..!
صافقاتٍ البابَ في وجوهنا...!
بل في أنوفنا!..

إذ كُنا بهذا القرب منهن، وكنا فوق موضع خطواتهن نخطو... أو أدنَى...!
فيرحلن طَوعًا فجأة، تاركاتِ إيانا نتلمّس بقايا وجداننا المتناثرِ
حول خيط مسبحةِ الود المنفرط بجوار الباب المصفوق...!
شحيحات علينا حتى بالعتاب...!
 

يا هداكنَّ الله...
يا أحباءً قُدَامَى...
يا راحلين بلا حتى وداع يليق بقدر أصول العشرة وفروع المحبة وأوراق الود وأفنان الصداقة الوارفة...
يا من نثني قلوبَنا لنستخفيَ من طيف ذكراكم حين يمر بطرقات الذاكرة غيبًا منذ فارقتمونا...

لي عندكم رجاء مستعر:
لا تلقوا بأنفسكم أمام أعيننا في طرقات حياتنا كل حين عيانًا بيانًا جهارًا نهارًا... بالله...!
فالألم يُبعث حينها من جديد كيوم ميلاده القديم..
ويترعرع في شقوق القلب ثانية بسُقيا دمع الحنين..
بعد أن ظننا أن ذاك الألم قد صار حُطامًا هشيمًا تذروه الرياح..
وأنَّا قد نسيناه...
وهيهات لما ظننا...!
فلا تعبروا الطريق أمامنا بأسمائكم و صوركم في صفحات الحياة...

رجاءً...
امكثوا في مقبرة الذكريات...
فذاك موضعكم الذي آثرتموه طوعا...
ولا تجعلونا نرى آثاركم... هنا وهناك.. كل حين..
استخفوا منا قليلا...
تجنبوا طريقنا... بالله!
ساعدونا على نسيانكم... ولو قليلا..
ويكفينا نحن مرارُ مراوغتنا لذكراكم المشاغبة...
فلا تجمعوا علينا مرارين...!
فثَنْيُ القلوبِ عن أطيافِ ذكرى قد خلت في علم اليقين، وطَيُّها بتغافلٍ مُصطَنعٍ، أهونُ وأيسرُ أثرًا على أصحاب القلوب من نزفِ فؤادهم برؤية أصحابهم بشحمهم ولحمهم مجددا عين اليقين...

فأيُّ سعيرٍ حينَها من تلاقِي العيون...!
صدقًا لا يستويان ألمًا...
لمن كان له قلبٌ....
و ألقَى الحسَّ...!
و هو إنسان...!
لو أنكم تعلمون... أو تشعرون...!

اللهم اجعل حبنا لك ملء القلب...
فلا يشغل بالنا بعدها أيُّ فقد...
أيُّ فقد...

أسماء محمد لبيب

كاتبة مصرية

  • 2
  • 0
  • 4,113

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً