أعمال العشر الذهبية
وفي العشر الأواخر من رمضان وإذا غلب علينا التكاسل، وتقهقر الهمة، بعد صيام أكثر رمضان، فالواجب الوعي، وحسن الادكار، وتأمل العاقبة، وأن الغفلة الدائمة، نذارة شؤم، ومقدمة ضياع، ولذلك إذا طلت العشر الفضليات، وبلغك الله طيبها، وشممت عبقها، فلا تنصرف عنها، فيصرف نشاطك، وتبدد همتك، وتخسر دنيا وأخرى!
شرُفت ذكرًا وحساً ومعنى، فيها ليلة خير من الف شهر، تأتي لتحفزنا الى حسن العمل، ومضاعفة الجد، والمسارعة بلا توانٍ.
أما وقد غلب علينا التكاسل، وتقهقر الهمة، بعد صيام أكثر رمضان، فالواجب الوعي، وحسن الادكار، وتأمل العاقبة، وأن الغفلة الدائمة، نذارة شؤم، ومقدمة ضياع، ولذلك إذا طلت العشر الفضليات، وبلغك الله طيبها، وشممت عبقها، فلا تنصرف عنها، فيصرف نشاطك، وتبدد همتك، وتخسر دنيا وأخرى!
يروى أنه هلكت جارية في طاعون فرآها أبوها في المنام، فقال لها: "يا بنيه أخبريني عن الآخرة؟"، فقالت: "قدمنا على أمر عظيم، وقد كنا نعلم ولا نعمل"، والله لتسبيحة واحده أو ركعة واحده في صحيفة عملي، أحب إلي من الدنيا وما فيها.
ولهذا نحب التنبيه هنا على أبرز أعمال العشر، وما ينبغي فيها من اهتمام وتقدير ومسارعة، فمنها:
1- الجد المضاعف: والذي هو ضد الكسل، وأخذ الأمور بحزم وقوة، فلا مكان للتغافل، وتمزيق الوقت، والانشغال بما لا جدوى، وهذا الذي أوضحته عائشة رضي الله عنها في الحديث المشهور: « »، ولذلك يتنوع هذا الجد ذكرا وصلاة وصدقة ومعروفا.
2- اعتزال المباحات: كالنساء، وهو ما عبرت عنه بشد المئزر، ويشهد له قول الشاعر:
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم *** دون النساء ولو باتت بأطهارِ
وهذا يعني التفرغ الكامل للعبادة، وأن المباحات مشغلة، وصارفة عن لذائذ العشر، وترقب لؤلؤة الشهر الشريفة، ليلة القدر العظيمة، فهى ليلة القدر خير من ألف شهر، قالت عائشة رضيَ الله عنها: "كان رسول الله - صَلَّى الله عليه وسَلَّم - يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره".
3- إحياء الليل: ليس بالسهر اللاهي، ولا الحديث البالي، أو اللعب السالي، ولكنه إحياء بالعبادة والصلاة وطول القيام وقراءة القرآن « » كما تقول عائشة في حديث آخر، ولا يعرف سهره صلى الله عليه وسلم، إلا في هذه الليالي، وليلة غزوة بدر، كان منقطعا للدعاء، على أنه قد قيل إن إحياء الليل كان لغالبه، وقد يتخلله نوم يسير وسحور.
4- إيقاظ الأهل: وهذه رسالة تربوية، إصلاحية، توكد عظم دور الأب والراعي في نصح أهله، وتربيتهم على الخير، وأنه مسئول عن ذلك، وأنه ما ينبغي الاستئثار بالخير، بل يشرك أهله وبنيه في ذلك الفضل الكبير، قال علي بن أبي طالب رضيَ الله عنه : « ».
5- الاعتكاف الدافئ: والذي يورثك اليقين، وتزكو به النفس، وتتهذب الأخلاق، وهو جزء من الجد المضاعف، والاهتمام بالعشر الأواخر الفاضلات، وقد كان يعتكف صلى الله عليه وسلم كل سنة واعتكف أزواجه من بعده، قال الإمام الزهري رحمة الله عليه: "عجباً للمسلمين تركوا الإعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل".
وثمرة ذلك كله، تحري ليلة القدر، التي قال فيها عليه الصلاة والسلام: « » (البخاري ومسلم).
وفيهما « »، ولذلك وجب الاجتهاد، وتعينت المسارعة {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء:90].
وثواب هذه الليلة مخصوص بهذه الأمة لما تقاصرت أعمارها، فهي هبة إلهية، ومنحة ربانية، لا يضيعها إلا ضائع محروم، ومن علاماتها:
كما ذكر أهل العلم ودلت عليه الأحاديث الصحيحة، أنها ليلة بلجة مضيئة، لا حارة ولا باردة، تخرج الشمس صبيحتها حمراء ضعيفة لا شعاع لها، ولا يخرج الشيطان ليلتها، وهي سليمة من الشرور والآفات، وتمتلئ الأرض من الملائكة، سلام هي حتى مطلع الفجر.
اللهم متعنا بالعشر الفاضلات، وبلغنا ليلة القدر، وتقبل منا يا أرحم الراحمين.
------
الكاتب : حمزة بن فايع الفتحي
- التصنيف:
- المصدر: