شذور الذهب من ذكرى سَفْرَة عجَب - 68 - إلى السفينــة !!
توجه ركبنا إلى باطن السفينة، فإذا بشاحنات كثيرة وعظيمة، كانت الحركة في باطن السفينة على قدم وساق، وكادت إحدى الشاحنات تطأ إحدى الرفيقات! وبألطاف من إلهنا الرحمن، حملها بعضهم من أمام عجلات الشاحنة بالكاد في ثوان!
تقـول صاحبتنا:
وطال ثم طال الانتظار، وأشرفت حقا على الانهيار؛ فقد عِيـــل صبري، وضاق عليّ صدري، فتركت صحبتي ومكاني، ومشيت بعض خطوات أمامي، فإذا بسيارة خالية، أبوابها مفتّحة دانية، فسارعت أستقلها، وأنا أشير لرفقائي كي يلحقوا بها، وجلست قرب نافذة وقد تجدد أملي، فإذا بأمي تضع كم من الأمتعة فوقي!!
وجاءت إحدى الرفيقات فجلست أمامي لحظات ، ثم قامت تلبي نداء لأمها، وقد اشتد الزحام حولها، وإذا برجل قروي كبير، يحمل فوق رأسه متاعه الكثير، ثم يتعثر في الزحام، فيسقط فوق أختنا في تمام؛ وأخذت المسكينة تدفعه وتصرخ، والمسكين لا يدري كيف التصرف!
فلما أقاموه من فوقها، أخذ يتعذر لها، ويربّت بيديه على كتفها، فكانت تدفع يده وقد زاد صراخها؛ تحذره من محاولة لمسها، والمسكين لا يفهم سبب هياجها، ولا يفقه كلامها من شديد صراخها! فاختلط عليه أمره، ولم يدر ما عليه فعله، فهداه عقله أن يحاول تهدئتها وهو يعيد التربيت بيده على كتفها؛ فيزداد ويزداد هياجها، ويعلو في الجو نشيجها، وكذا ظل الأمر، حتى انتبه القوم، وفي الأخير: حملوه من أمامها، وقد بُح من الصراخ صوتها!
وكنت أراقب من بعيد، بين تبسم وحزن وإرهاق شديد، وفي الأخير: تحركت السيارة بنا، وقد أحاطوني بكل أمتعتهم الممكنة؛ فكنت أتنفس بصعوبة، وأنا بين تلك الأمتعة محجوبة، وأخيرا: وصلنا إلى السفينة المعنية، فترجلنا وقد شعرت بشيء من الأمل والحرية.
توجه ركبنا إلى باطن السفينة، فإذا بشاحنات كثيرة وعظيمة، كانت الحركة في باطن السفينة على قدم وساق، وكادت إحدى الشاحنات تطأ إحدى الرفيقات! وبألطاف من إلهنا الرحمن، حملها بعضهم من أمام عجلات الشاحنة بالكاد في ثوان!
فأخذت أحدث نفسي وأنا مروعة حزينة : أكل تلكم الأثقال معنا في ذات السفينة !
ويتبع .
- التصنيف:
- المصدر: