شذور الذهب من ذكرى سَفْرَة عجَب - 69 - وحدث في السفينة !!
وبدأنا نتبادل العتاب واللوم: لِمَ لمْ يحجز من أتى ببطاقات السفر لنا مقصورات للنوم ؟
تقول صاحبتنـا:
أخذ منا التعب كل مأخذ؛ فأبينا أن نتخذ مكانا عاما كمجلس، وأخذ كل منا عن مقصورة يبحث، وعرضنا ما معنا من غال ونفيس؛ علّنا على مكان مستور عن أعين الخلق نحوز؛ فلم يكن في طوق أحدنا الجلوس في الطرقات، بعد كل ما مر بنا من أحداث وصعوبات!
- وبدأنا نتبادل العتاب واللوم: لِمَ لمْ يحجز من أتى ببطاقات السفر لنا مقصورات للنوم ؟
- فكان الجواب: يا قومنا قلنا لكم : أبوا ثم أبوا علينا، قالوا: تلك أمور لا تكون إلا على متن السفينة.
- وإذا ببعض من سبقونا يأتون ليخبرونا: إنه لا مكان يأوينا، قالوا وهم يلومننا على التأخير: قد امتلأ حتى سطح السفينة بالخلق الكثير، وكذا كل مكان مستور، حتى على مثل مكاننا حين أتينا لم يتم العثور؛ فأسقط في أيدينا، وقلوبنا مثقلة حزينة!
- فقال أحدهم: بالله لا تفقدوا الأمل، هلموا إلى البحث والتنقيب والعمل، فأخذ كل منا وهو حامل لمتاعه، يبحث وينقب عن مأوى له ولإخوانه وكانت السفينة كبيرة كبيرة: متشابكة الطرقات، متشابهة الممرات، مكتظة بالخلق والشاحنات؛ ظللنا هكذا ندور وندور فيما حولنا، ثم نعود لذات مكاننا! وبدأت أفقد القدرة على التماسك والاتزان؛ فقد اشتد بي الإرهاق و الدوار والغثيان، فمع ارتفاع الرطوبة وشديد التعرق صعب عليّ التنفس، واتنابني شعور بالاختناق والتيبس؛ فجرت دموعي وأن أدعو الإله: أن يمدني بعونه جلّ في علاه، فكنت أسير مستندة إلى الجدر، ولم أستطع في البحث أن أستمر.
ومن أحد الطوابق أشار إلينا أحدهم بيده ؛ لنلحق جميعا بطابقه، فأخبرتني رفيقتي وقد كنت على الجدار مسندة رأسي، أبكي بصمت أناجي ربي، فاستعنت بالله وحملت حقيبتي، ثم سرت في خطوات مضطربة أتابع رُفقتي، وحين بدأنا نصعد الدرج الضيق بعناء، انتابني -على ما يبدو- شبه إغماء؛ تمسكت بالسورالمحيط بالدرج، وأنا في شدة الإعياء أتنفس بمشقة وحرج ؛ كنت للصاعدين ورائي حابسة، ولولا حثهم لي لأهويت جالسة، وكنت أسير بقوة الدفع، وقد كدت - حقا - أفقد الوعي!! ضاقت علي الأنفاس، وتنامى عندي الشعور بفقد الإدراك والإحساس وما كدت أصل إلى أعلى الدرج، إلا وأمتعتي من يدي سقطت، حينها غليني الغثيان وقُطعت أنفاسي لثوان؛ فسارعت أرفع حجاب وجهي، أقاوم أقاوم خروج قيئي؛ أحاول عبّ بعض الهواء عساني أنجو من السقوط في الإغماء !!
ويتبـع .
- التصنيف:
- المصدر: