الشيخان أبو اسحاق ومحمد حسان في مصب النهر

منذ 2010-08-15

تجرأت صحيفة وأعلنت أنها ستنشر لنكرةٍ سباً في الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ وطعناً في الدين ، فهبَّ الشيخ أبو اسحق الحويني والشيخ محمد حسان ـ حفظهما الله ـ كأسدين على تلك الصحيفة والنكرة الذي استكتبته ..


تجرأت صحيفة وأعلنت أنها ستنشر لنكرةٍ سباً في الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ وطعناً في الدين ، فهبَّ الشيخ أبو اسحق الحويني والشيخ محمد حسان ـ حفظهما الله ـ كأسدين على تلك الصحيفة والنكرة الذي استكتبته ، وهبَّ معهم غير قليل من أولي العلم والفضل حتى تراجعت واعتذرت اعتذاراً مشبوهاً ، تقول سنغير العناوين ونعيد نشرها إن وافق الأزهر !!

وعاد الشيخان ومن هبَّ معهما كل إلى مكانه . !!!


والعجب أن عاد كل إلى مكانه . وكأن هذا الحدثَ وحيدٌ ليس له أشباه على الساحة . . . وكأن هذا الحدث مُنبت لم يقرن بأمثاله ، ولم يُسبق بأمثاله ولم يتبع بأمثاله ؛ وحال العقلاء ـ والشيخان حفظهما الله منهم بل في مقدمتهم ـ أن يتعاملوا مع سياقٍ عملي كامل لا مع حادث بعينه ، فهذه الفجاجة في الطرح وسوء الأدب لا تأتي بين عشية وضحاها .


وراء الحدث شخصيةٌ منحطة تستجدي المال والشهرة بالنصب والاحتيال والكذب هذا الذي خطت يداه ، وأخرى علمت بحال هذا الرديء المنحط فقامت بتفعيله ؛ فالحدث صنعته ـ بتقدير الله ـ يدان : يد فَعَلَت ويد فَعَّلت .


والشواهد على هذا كثيرة جداً ، بل يمكننا أن نقول أنه منذ بدأت المواجهة مع العلمانية ، وكل الأحداث فيها فاعل ومُفَعَّل ( مفعول به ) ؛ قاسم أمين كان فاعلاً ومُفَعَّلاً ، ولا يمكن أبدا قراءة قاسم أمين بدون من كتب له ( أو نقل منهم ) سواءً أكان من النصارى كمرقص فهمي والدوركير الفرنسي والاعتراضات الأوروبية على الرحلة الأصمعية ، أم كان من المسلمين كمحمد عبده ؛ وعلي عبد الرازق ـ صاحب كتاب الإسلام وأصول الحكم ـ كان فاعلاً ومفعولاً به ( مُفعَّل ) ، ولا يمكن قراءة علي عبد الرازق دون مَن قام بالكتابة له ( أو دون من نقل منهم ) ودون من قاموا بتفعيله ، وطه حسين ، وعباس العقاد ـ نعم عباس العقاد ـ ، وخليل عبد الكريم ، وأبكار السقاف ، ونصر أبو زيد ، وسيد القمني ، ... كل ما نواجه الآن عبارة عن فاعل هو الآخر .. من الكافرين ( في الداخل أو الخارج ) ومُفَعَّل من المنافقين .


فكل حدثٍ حدثَ نجد فيه هذين .. الكافر فاعل والمنافق مُفعَّل . وكل حدثٍ يحدث الآن وخاصة ما يتعلق بالتطاول على الدين وسيد المرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ نجد فيه هذين : الكافر فاعل والمنافق مفعل .


والتعاطي مع المُفعَّل دون الفاعل الحقيقي كمن يقف في مصب النهر يحاول أن يسد النهر في مصبه ، وأنى ؟!


المشكلة مع الفاعل وليست مع المُفَعَّل. فهذا الذي خطت يداه هناك من استدعاه ليركبه إلينا ويتطاول به على مقدساتنا . فبضاعته ليست من عنده ، بل من أكاذيب النصارى ، وهم من فعلوه وتفاعلوا معه . وهو نموذج متكرر في واقعنا المعاصر وأقرب شاهد سيد القمني وخليل عبد الكريم ونجلاء الإمام .


وهذا الفاعل تتعدد وسائله يُفَعِّل أثيم كهؤلاء ، ويفعل وسيلة إعلامية كهذه الصحيفة التي نشرت له ، فالأخبار متواترة على أن الصحيفة تمول من جهات نصرانية جهدها في صد الناس عن ربها ، أو ينشئ قنوات فضائية متخصصة في التطاول على الدين وسيد المرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وغرف حوارية ، ومواقع إلكترونية . بكل الوسائل المتاحة يواجهنا ، ومُصِّرٌ على المواجهة .

فالحديث البذيء هذا الذي غضب منه الشيخان لا ينقطع ، لأننا نواجه عدواً مرتباً عمل قروناً في الخفاء ثم ظهر بعداوته من قرنين من الزمن ، وهو اليوم حشد كل ما يستطيع وجاء على أكثر من محور ، فكيف نتعامل مع شيء جزئي ونترك سياقاً كلياً ؟! ، وكيف نتعاطى الدابة ونترك راكبها ، ونترك دواباً أخرى قد حلت بدارنا تحمل الكفر وأهله ؟!


إن لكل جيل تحدياته الخاصة به في الناحية الفكرية والعملية ، يوماً كان التحدي قضية خلق القرآن ، ويوماً كان التحدي الحروب الصليبية ، ويوما كان التحدي التتار ، ويوما كان التحدي الاستعمار ، ومضى التاريخ يرفع من صمد وقدَّمَ الأفعال ، فالتاريخ أصم يسجل الأفعال ..يسجل المواقف لا الكلمات ، والرتب في الشريعة الإسلامية تمنح بالأفعال لا بالأقوال ، ( ربح البيع أبا يحيى ) ، ( ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم ) ، وكثيرون لا نعرف من سيرهم إلا أفعالهم ، نقول الأرقم بن أبي الأرقم فلا يذكر المستمع إلا داره التي آوى فيها الدعوة في مهدها يوم كانوا خائفين يخافون أن يتخفطهم الناس ، مع أنه ـ رضي الله عنه ـ عمّر ( توفي 58هـ ) وشهد المواقع كلها .


يدون التاريخ التحديات ثم يذكر ما فعل المبرزون في الناس ، ونعرف من شرعنا أن العبادات تتفاضل وبعد الفرائض يأتي ما تعدى نفعه ، ويدخل عامل الوقت فيجعل قصياً ذا أولوية قصوى . فلا نُسئل اليوم عن التتار ولا عن فتنة عثمان ولا عن خلق القرآن ، وإنما عن هؤلاء الذين تطاولوا على الدين وسيد المرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

فمن يخشى التاريخ .. ومن يبحث عن الذكر الحسن الذي ينتفع به بين الناس ويكون سببا في أثرٍ طيب ينتفع به حين يوسد في التراب ، فليقدم التحدي الأكبر ، أو يساعد من يقدمون التحدي الأكبر الذي يواجهنا اليوم أهل مصر من هؤلاء المجرمين الذين تطاولوا على الدين وسيد المرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ .


قد ثارت ثائرتكم واحتقن الدم في رؤوسكم وعيونكم بعد أن اطلعتم على كلماتٍ معدودة لم تنشر بعد ، فكيف ومثل هذا وأشد منه يقال ليلاً ونهاراً سراً وعلانية ، وكيف والمسلمات يرجعن إلى الكفار ليفتن في دينهن ؟! ، وكيف وقد تجرأ الكفار وهم قلة أذلة ؟! يبغضهم مَن بالداخل والخارج ؟!


إن تفكيك عرى الكفر ورد هؤلاء أمر سهل بسيط لو انتصب له مَن يستمع له الناس . إنه في تبني خطاب هادف جريء يشرح للناس حقيقة ما يدعوهم هؤلاء إليه .. يعرفهم ما النصرانية التي عليها القوم اليوم ، ويعرفهم حقيقة ما ندعوهم إليه . . خطاب مباشر ، يفكك الخطاب المضاد ويقدم ـ في ذات الوقت ـ البديل .
و( الخطوط الحمراء ) التي يتحدث عنها قومنا وهمية ، لا وجود لها في الحقيقة ، بل إن رأس الكفر في مصر شنودة الثالث استدعى الناس للرد على من يتكلم من قومه ، نادى فينا بأن ردوا على مَن آذاكم .
فلم لا تردون يا قوم ؟
وعلى فرض أن هذه الخطوط موجودة فيمكن وطئها أو إعادة رسمها من جديد .
إن شدة الامتثال جرأت علينا من كان يحتمي بنا وأصبحنا هدفاً لكل مَن هب ودب .


إن التعدي على شخص الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرصة ثمينه لتعريف الناس به ، وتعريفهم حال من يَتكلم عنه ، وفرصة للخروج من هذا الحصار الذي فرضه علينا هؤلاء حين تركناهم فتجرؤوا علينا ، وتجرأ علينا من كان يحتمي بنا ، وقد شرحت ذلك في رسالة سابقة بعنوان (التنصير خطر يطال الجميع ) .


إن مسئولاً عن نصح الأمة رأساً فيها لا يسعه أبداً أن يتخلى عن قضاياها الثائرة بأرضه التي يعيش فيها أو تصلها كلماته وأفعاله ، وإن التاريخ لا يرفع رأساً بمن لا يقدم أفعالاً . إن صناع الحدث الحقيقيين من يقدمون أفعالاً ، وهم من تكتب آثارهم ويرفع الله بين الناس ذكرهم ، وليس لنا أن ننصرف عمن يسب الدين وسيد المرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وليس لنا أن ننصرف عن المؤمنات وقد أرجعن للكفار يعذبن وينتهك أعراضهن بل ويقتلن . سوأة لا يسترها الكلام .. أي كلام .ولا يكفي فيها أن نغضب على صغير حقير نكرة لا يمثل شيئا في الحدث ، ونترك صناع الحدث . لا يسد النهر من مصبه ، بل يجفف ويغير مساره من منابعه فاخرجا من المصب ودونكما المنبع . نصركما الله ونصر بكم . وهدانا وإياكم سواء السبيل .


محمد بن جلال القصاص
ظهر الأحد
‏28‏ / شعبان‏ / 1431 هـ
‏8‏ / 8‏ / 2010 م

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 5
  • 2
  • 5,612
  • أبو عائشة

      منذ
    لقد صدمت عندما وجدت مقال للشيخ محمد حسان فى جريدة اليوم السابع وثناؤه عليها فى الفضائيات وأن هؤلاء رجعوا الى الله ورسوله ولا حول ولا قوة الا بالله يا شيخ محمد أن بالنسبة لعلمك كالشعرة فى جسدك ولكن اقبل منى النصيحة أو سامحنى هؤلاء منافقون لم يتوبوا إلى الله وليست هذه بالجريمة الوحيدة. مادليل توبتهم ومازالت صفحة الفن فى جريدتهم وما زال طعنهم فى السنة فى جرائدهم ومازالت أموال مموليهم فى جيوبهم.كيف تكتب فى صحيفة ضرار؟ كيف لصحفى لا يميز العناوين ولا يتقن انتقاء العناوين؟ والله يا شيخ محمد أنت أحزنتنا بدفاعك عن لامزى الرسول صلى الله عليه وسلم. أما الشيخ الحوينى فجزاه الله خيرآ أن طلب بغلق الجريدة حتى وإن تابوا عبرة لكل همزة لمزة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً