الإسلاميون والصدام مع القرآن الكريم
هل أصبحت نظرة البعض من الإسلاميين؛ لأنفسهم عبارة عن أنهم هم أمة الإسلام فقط؟! أليست هذه الرؤية، صدام مع نصوص القرآن الجامعة في الخطاب بالعمومية للذين آمنوا، أم أصبح مفردة الإيمان محصورة في الإيمان بالقوانين العامة، لكل حزب أو جماعة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
أولًا: حقيقة المعركة، هي بين الحق الكامل مع الباطل الكامل، أو بين تدافع محمود بين حق متنوع بتنوع العقول، أو أدوات الترجيح، والفهم للأدلة.
فكيف تم استدراج الإسلاميين، ونقلهم من مرحلة التدافع المحمود إلى الصراع المذموم، وتم إعادة تسكين العداء بدلًا من عداء للكافرين، أصبح عداء للموحدين بل أشد ما يؤلم أن تجد حوارًا بين الإسلاميين مه النصارى أو الرافضة الشيعة أو مع اليهود بدعوى مصلحة الواقع وتجد الواقع الإسلامي ملتهب وكأن أحد الشركاء أشد كفرًا من اليهود أو النصارى، فبات البعض يصف ظالم بالعدل أو مجرم الرافضة الخميني بالإمامة ولله الأمر، حتى أصبحت الأدلة القطعية في توصيف الكفار والظالمين والفاسقين هي عينها الأدلة التي يستخدمها فصيل إسلامي للخلاص من قرينه الإسلامي ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكأنهم لا يقرأون قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات:10].
ثانيًا: هل واقع العمل الإسلامي المعاصر إلا صورة من صور الصدام مع القرآن الكريم.
مثلًا: تجسيد الاعتصام بين الإسلاميين، هل الواقع الإسلامي يتوافق مع القرآن أم يتصادم معه، قال الله عز وجل: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:46]، ثم تجد الكثير من الإسلاميين يرعى التنازع والصراع بين الفصائل العاملة في الواقع المعاصر.
ثالثًا: أليس في الواقع المعاصر تأصيل لرؤية الصراع بين الأخلاء، بزعم النصرة للحق، الذي تم تفصيله بحجم رؤية فريق دون آخر، والله المستعان.
الإسلاميون وقضية القدوة، التي أصبحت مرتبطة بأصول العمل الحزبي، أو السياسي في المسائل المختلف فيها، وكأنهم أرادوا حصر القدوة في فهمهم لا في دلالات آيات القرآن التي قال تعالى فيها: {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ} [الأنعام:90]، فمن الذين هداهم الله والواجب علينا اتباع سبيلهم، جيل الصحابة رضي الله عنهم، أم قادة الواقع المعاصر.
رابعًا: هل أصبحت العصمة لعلماء فريق والهدم لعلماء فريق منافس أو مغاير في الرؤية، دلالة تتوافق مع القرآن أم تتصادم معه، حيث العصمة للحبيب صلى الله عليه وسلم ثم لعموم الأمة، وكأنهم لا يقرأون قول الله تعالى: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ) سورة القصص وهذا من أكمل مظاهر حب الانتصار للحق فقط، وليس مجرد اختزال الحق، فهل واقع شركاء العمل الإسلامي هكذا؟
متى يتنادى الشركاء على إخوانهم، ويقولوا إخواننا أعلم بمراد الله، في هذا الأمر منا؟
هل أصبح لفظ ومصطلح الإجماع، حصري لرؤية فريق من أبناء الرؤية الحزبية الخاصة، بآحادكم، أليست هي عين الصدام مع القرآن الكريم، بل أصبحت جلية وواضحة، حين جعلوا عصمة الأمة -عموم أهل السنة والجماعة- هي عصمة فصيل منها، لماذا لم يعتبروا بقول ربعي بن عامر، لرستم قائد الفرس، نحن قوم بعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد؟
يا الله ربي يقول نحن قوم، ولم يجب بإجابة تدل على قبيلته أو فهمه بل أجاب بعموم الانتماء للدين والأمة، متى نتعلم من هذا الخطاب الجمعي ؟
أليس واقع اختزال الحق، عند فصائل العمل الإسلامي، صورة من صور، الصدام مع التاريخ، ورجالات الأمة ومنهجها.
خامسًا: هل العاملون للإسلام أو ما يعرف بالإسلاميين جزء منها أم هم الأمة؟ فإن كانوا جزء من الأمة، فلماذا يتصادمون مع أصل الأمة، أو مع نصوص الانتماء بهجر الاعتصام مع فرع الانتماء، وترك أصل الانتماء الجامع للكل، والله المستعان، قال الله عز وجل: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران من الآية:110]، والمراد والمفهوم أن الأمة تتنوع فيما بينها، ولا تكون مستنسخة من عقول بعضها، وفي هذا صدام مع أصل التنوع والاخلاف القدري في العقول، فالتكامل أصل بنائها، ومادة علو ثقافة أبنائها.
هل أصبحت نظرة البعض من الإسلاميين؛ لأنفسهم عبارة عن أنهم هم أمة الإسلام فقط؟! أليست هذه الرؤية، صدام مع نصوص القرآن الجامعة في الخطاب بالعمومية للذين آمنوا، أم أصبح مفردة الإيمان محصورة في الإيمان بالقوانين العامة، لكل حزب أو جماعة؟
سادسًا: إذا وقع شيخ من شيوخ الإسلاميين، في مخالفة السنة المحمدية، أو ربما رد بعض نصوصها، بزعم أنها نصوص آحاد، او حكم العقل في أدبيات القبول لها، وهذا هو عين فعل المعتزلة الجدد تبعًا للقدامى، تجد شباب العمل الإسلامي لا يعير لهذا الخطر والخطأ انتباه لأن الشيخ زيد أو عمرو هو من يتكلم، فله أن يرد وله ان يعتدي على إجماع العلماء، أما إذا وقع غير الشيخ الفلاني حتى لو من العلمانيين، تجد ما لا تتخيله من النصرة للشيخ، والدفاع عن السنة، التي هدمها شيوخهم قبل خصومهم، ولكنه الهوى ولله الأمر، وفي حديث الكلب الأسود، وشهادة المرأة، وحديث عن سقوط الذباب في الإناء، خير مثال.
الإسلاميون والصدام مع هجر الاعتبار بنصوص القرآن
القرآن الكريم يقول للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التحريم:1]، يقرأها الإسلاميون فلا يغضبون وليس لهم أن يغضبوا لأن الكلام كلام الله، وحينما يتوجه أحد من الأمة بتوجيه اللوم لأحد قادة الأحزاب، والجماعات تتحول غرف التواصل الاجتماعي لهدم صاحب الرؤية، بل وتكفيره أو تفسيقة أو تخوينه، فهل أصبحت رؤية العصمة للقادة أسبق من عصمة النبوة؟!! فواقعهم بقبول التوجيه الرباني للحبيب صلى الله عليه وسلم وعدم رضاهم بتوجيه آحاد العلماء، لأقرانهم.. ولله الأمر
قال تعالى: {وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة من الآية:237].
أين ومتى نراها واقعًا بين المسلمين أو بين العاملين للإسلام لماذا الجحود لمفردات الفضل بين المسلمين، متى يتكلم الإسلاميون عن بعضهم بعدل وإنصاف، وحفظ للحقوق والواجبات،
أيها الإسلاميون:
هل وجدتم في التفرق باب نصر وعزة ؟ لو قلتم نعم فقد تصادمتم مع القرآن، ولو قلتم لا، فلم تقولون ما لا تفعلون؟
فلماذا كثرت الرايات، وتعدد الأحزاب، وكثرت الجماعات؟ أين العقل الجمعي؟ أم عقله هوى العصمة للرؤية، الحزبية المقيته، أو رؤية الإمام المؤسس للفرقة أو للحزب، التي لا نعلم، أفي الجنة هو أم في النار خاصة أنه من القرون المتأخرة البعيدة عن أفضلية القرون الفاضلة.
اللهم احفظ الأمة بحفظ أبنائها عامة، واهد شبابها عامة، واحفظ أهل السنة وعلماء الأمة عامة وعلماء الأزهر وأبناء الإٍسلام والسنة ومنهج سلف الأمة خاصة.
وصلى الله على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
عبد المنعم إسماعيل
- التصنيف:
- المصدر: