"مهما كنتِ ذات خيالٍ خصب!
ياااارب يضيقُ صدري و لا ينطلقُ لساني...ياااارب يضيقُ صدري و لا ينطلقُ لساني...اللهم مددك وتثبيتك للقلوب حتى لا تطيش العقول!
هل كنتِ تتخيلين يوماً أن تهدي للدنيا طفلًا بريئًا جميلًا، تهدهدينه كل يومٍ وتعتنين بخصلات شعره وهندامه وطعامه وشرابه، و تسهرين على حُمَّاه بِخِرَقِ الماء البارد والرُّقَى، حتى يبرأ ويعود ليملأ الدُّنا ضحكًا وركضًا وأحلامًا، و تراقبينه وهو يخطُّ حروف اسمه المتوضئة بأنامله الدقيقة في كراسته، وتُطعِمين روحَه كل يومٍ بكل قيم الحياة الجميلة، حينما كانت جميلة، و يرتقي أمامكِ في درجات النمو النفسي والبدني، درجةً درجةً، ليُؤخذَ من حُضنك في ليلةٍ كئيبةٍ سوداءٍ كقعر جهنم، فيُلقَى في قيعانِ قهرٍ بلا قرار، تتقاذفُ جسدَه الغضّ أيادي التعذيب والإذلال النجسة، فيَطلبُ النجدةَ فيُحرَمُها، ويطلبُ الدواءَ فيُعدَمُه، و يطلب حضنَك فيُحالُ بينه و بينك؟!، ثم يُترك لمرَضِه النَّهِمِ يأكلُه قطعةً قطعةً و زفرةً زفرة، ًفي أغلالِ زنزنانةٍ لا رفيقَ فيها إلا سجَّانٌ غليظٌ شديدٌ، حتى تفيضَ منه الروح ثانية، بعدما فاضت أولًا يوم نُزِعَ من حضنك!، ثم يُدفَنُ بعيدًا بعيدًا عن بلدٍ اتسع لها قلبه، لكنها تتقيؤ أبناءَها الأطهار خارج أحضان تُربتها، سواءً أكان الحضن فوق التربة أو حتى تحت التربة!.
هل خيالك بالخصوبة الكافية لتتخيلي أن تكون بلاد الكفر التي تحارب ابنك وأمثاله، يوماً ما هي مأوى لما تبقّى من بدنه الحليم، وخط النهايةِ لرحلة أنفاسه النقية حيًا وميتًا؟!.
بالله مهما كان خيالكِ واسعًا: أكنت تتخيلين أن يولد ابنك في بلدٍ هي قاتلتُه، و يُدفن في بلدٍ هي قاتلتُه كذلك؟!، ومن نجا من أقرانه إلى الآن إنما ناجٍ باسمه فقط في قوائم الانتظار إلا أن يشاء الله.
ياااارب يضيقُ صدري و لا ينطلقُ لساني...ياااارب يضيقُ صدري و لا ينطلقُ لساني...اللهم مددك وتثبيتك للقلوب حتى لا تطيش العقول!
- التصنيف: