مذبحة انتخابات 2010

منذ 2010-12-05

بلا شك الخاسر الأول هو الحزب الوطني والحكومة فقد ازداد الغضب الشعبي للحكومة وكل رموزها، وزاد اليقين بفساد الحكم واستبداده،



بلا شك كانت انتخابات مجلس الشعب في مصر لعام 2010 مذبحة بكل المقاييس، لكل قواعد العدالة والنزاهة، ومن اللافت أن من قاموا بذبح كل معالم العدالة بالتزوير والبلطجة والإرهاب لايستحيون، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا لم تستح فاصنع ماشئت» فصنع الظالمون كل مايشاءون لينالوا غرضهم بالحصول على مجلس شعب كل أعضائه موافقون ويبصمون ويصفقون لكل فاسد ومستبد، والمثير أن من قاموا بذبح العدالة على مرأى ومسمع من الناس يتحدثون عن النزاهة، ألا شاهت الوجوه.

وقد شهد التاريخ المصري مذابح شهيرة للمعارضين من أشهرها مذبحة القلعة التي جمع فيها محمد علي المعارضين فى قلعة الانتخابات وذبحهم عملياً وسياسياًk ثم مذبحة القضاة، ومن قبلها مذبحة طرة التي قتل فيها العشرات من الإخوان فى الخمسينيات بسجن طرة.

وقد كانت نتائج التزوير فاضحة وكاشفة حيث عمد الظالمون لاستبعاد كل من له رأي وكلمة سواء من الإخوان أو الوطنيين الشرفاء ليتضح للجميع أن المجلس القادم هو مجلس للتصفيق لمستقبل مقدماته سوداء لشعب مصر على كافة المستويات وخاصة من حيث نظام الحكم وشكله ومضمونه والمستقبل كأنه فقط لعصابة معروفة منتفعة مما يجري، تريد مصر بلاهوية إسلامية، علمانية، أمريكية، ولكن أقول هنا أن الله سبحانه وتعالى هو {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد:9] وهو القائل: {لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الزمر:63] وعندما يتوقف الإنسان أمام مشهد مذبحة الانتخابات التي تمت بذبح غير شرعي وغير إسلامي، فلم يتم حتى التسمية على الذبيحة من المرشحين الشرفاء بلا شك سيتوقف أمام إقصاء كل مرشحي الإخوان بكل قوة من الفوز ولو بمقعد واحد ليطرح السؤال نفسه بقوة على عقل كل حر: من الخاسر فى تلك الانتخابات؟!

بلا شك الخاسر الأول هو الحزب الوطني والحكومة فقد ازداد الغضب الشعبي للحكومة وكل رموزها، وزاد اليقين بفساد الحكم واستبداده، والناس كلها تتحدث من الإسكندرية الى أسوان عن مذبحة الانتخابات، وهو بلاشك سيزيد من حالة الاحتقان لدى الشعب وهي حالة ستنفجر مع أول شرارة غضب تندلع.

الخاسر الثاني: من اعتمد المستبدون عليهم فأفسدوهم وهى حالة تمُت لشريحة كبيرة من الشعب المصري وصدق فيهم قول الحق: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الزخرف:54] وتلك الشريحة التي فسدت من الشعب هي التي قامت بالتزوير فى اللجان وتسويد الصناديق وقبض الرشاوي والبلطجة لصالح المستبدين، ومنهم مثقفون ساعدوا بالتصريح بنزاهة الانتخابات!! ولولاهم ما ظلم واستبد الظالمون، وهي شريحة تكبر مع زيادة الفساد وأعتقد أنهم سيعلمون مدى خسارتهم عندما ينتهي المذبح الشيطاني للانتخابات ويعودون إلى حياتهم فيجدوا المهانة والذل لهم ولأولادهم.

الخاسر الثالث: هم جماعة الإخوان المسلمين، وأعتقد أنهم يعلمون الخسارة قبل الانتخابات رغم كل المقدمات لحرب الإخوان، والتي كان أبرزها المحكمة العسكرية للشاطر وإخوانه وأحكامها الظالمة ثم الحرب الإعلامية للجماعة وغلق القنوات الدينية، ولكن الإخوان رغم كل الإشارات صمموا على التزام كل الليونة السياسية التي وصلت إلى اتهام البعض لهم بالتواطؤ ظلماً مع النظام، وهو اتهام غير مقبول لأن الجماعة تتحمل من الظلم الكثير ولكنها لم تنتبه بعد لحتمية إعادة رؤيتها ومواقفها لتتمكن من صنع مواقف ريادية تقود بها معارضة إسلامية بنّاءة قوية تصنع حاضرا وتاريخا لمصر، ولاتكون مجرد جزء من منظومة فرضها المستبد.

ولايفوتني هنا أن أسجل الموقف الإيجابي وهو انسحاب الإخوان من انتخابات الإعادة، وهو موقف سيكشف أكثر فضيحة استبداد وتزوير الحزب الوطني.

وتبقى نقاط مهمة:
1- مع غلق الاستبداد للبرلمان أمام الإسلاميين ورفض الأحزاب الإسلامية وغلق القنوات الدينية وتأميم المساجد ومنع الدعاة المقبولين من الشعب من الخطابة أعتقد أن النظام الحاكم هو الخاسر، فذلك سيزيد من قوى الرفض الإسلامية للمشاركة فى الحياة العامة وتبعات ذلك خطيرة.

2- أعتقد أن على الإخوان دراسة ما حدث دراسة إيمانية من منطلق التفكّر والتدبّر في حكمة الابتلاء والاختبار في الفوز في 2005 والهزيمة في 2010، وهل قامت الجماعة بمراعاة السُنن، وهل نجحت في اختبار الفوز أم فشلت فكان ابتلاء الهزيمة، مهم جداً تلك الدراسة الإيمانية بعيداً عن الأسباب المعروفة من تزوير المستبدين وظلمهم.

وأخيراً إن دخول مجلس الشعب وسيلة وليست غاية للمسلم الذي يرى الجواز في ذلك كي يحقق رقابة الحكومة وفضح فسادها ومنع أي تشريع يخالف شرع الله...
وإن أغلق الباب فالأبواب كثيرة للجهر بكلمة الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولن يمنع الاستبداد كلمة الحق ولو أغلق كل الأبواب...
و يبقى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «أعجز الناس من عجز عن الدعاء» وحسبنا الله ونعم الوكيل...

ممدوح إسماعيل محام وكاتب
[email protected]

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 2,832

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً