المرأة والعمل الخيري

منذ 2017-04-01

والأنشطة الحرة بوجه عام سواء للفتاة أو المرأة تمنحها مزيدًا من الخبرة ومزيدًا من العلم ومزيدًا من القدرة على تكوين صداقات جديدة مفيدة، وإشباع الجانب الاجتماعى لديها بما يتلائم مع قيم ديننا الحنيف

المرأة بطبيعتها رقيقة وحساسة خلقها الله ينبوع عطف ورحمة وحنان وأودعها فيضًا من العواطف الإنسانية وجبلها على حب العطاء والتفاني حتى تكون مؤهلة لدور الأمومة الذي يستلزم فيها كل تلك الصفات لكنها في نفس الوقت في حاجة إلى من يقدرها ويحتويها ويحيطها بالعطف والمودة فإذا حظت المرأة بالزوج الصالح الذي يلبي لها تلك الاحتياجات فهي لازالت فى حاجة لتكون لها مساحتها الخاصة بها والتي تملأ فراغًا نفسيًا وفكريا لديها سواء أنجبت أم لم تنجب فلا زالت ترغب فى القيام بأنشطة وأعمال تقوي ثقتها بنفسها وتخرجها من قوقعتها وتفتح لها آفاقا جديدة لتعيش الشعور بالتحرر الملتزم المتزن فلا تظل حبيسة المنزل والأعمال المنزلية والعلاقات الاجتماعية التى قد لا تلائمها.

أما بالنسبة للفتاة التي لم تتزوج فهي الأكثر احتياجًا للقيام بالعمل الخيري خاصة أن ازدياد الوعي لدى الفتيات الملتزمات جعلهن أشد حرصًا وأكثر تمحيصًا لدى اختيار شريك الحياة، فلا تقبل من يفتنها فى دينها أو من لا يجدر به أن يحمل مسئولية الأبوة لأبنائها، بل قبل ذلك من يفهم معنى القوامة الصحيح الذي هو تكليف لا تشريف فلا تسلم قيادها إلا لمن يتقى الله فيها فإن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها ولم يهنها.

وبذلك فالعمل الخيري هو المجال الأفضل لتوجيه الطاقة الزائدة وقضاء وقت الفراغ فى أشرف الأعمال بدلا من التوجه نحو ما لا يفيد من الأعمال؛ بل قد يضر الفتاة والمجتمع، فلا ينحصر اهتمامها فى انتظار الزواج؛ فتمر عليها الأيام ثقيلة بطيئة وإنما  لديها دائمًا ما يشغلها ويعينها على قضاء وقتها بشكل مرضٍ لها ولخالقها. والأنشطة الحرة بوجه عام سواء للفتاة أو المرأة تمنحها مزيدًا من الخبرة ومزيدًا من العلم ومزيدًا من القدرة على تكوين صداقات جديدة مفيدة، وإشباع الجانب الاجتماعى لديها بما يتلائم مع قيم ديننا الحنيف، لأن الفراغ قد يسلبها المواهب الطبيعية لديها بل قد يسلبها ما هو أثمن وهو قيامها بالتعامل مع الغث من مواد التواصل الاجتماعي أو مجالس الغيبة والنميمة، فكل تلك الأمور تفرغ العقل من الفائدة والنفس من التسامي، مما يعرضها لسخط الله ورفض المجتمع وقد ورد فى القرآن الكريم و السنة العديد من النصوص التى تحض على العمل الصالح ولا تكاد سورة من القرآن تخلو من الحث على العمل الصالح، وأى شئ أصلح من العمل الخيرى وتنمية الذات.

قال تعالى: مَ {نْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [النحل: 95]

 

قال تعالى :   {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}  [المزمل:20]

 

قال تعالى:   {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8،7]

 

أما في السنة المطهرة فقد وردت أحاديث  تشير إلى خطورة إهدار الوقت  إذ قال صلى الله عليه وسلم:  لاَ تزولُ قدَمُ ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ من عندِ ربِّهِ حتَّى يسألَ عن خمسٍ :عن عمرِهِ فيمَ أفناهُ ، وعن شبابِهِ فيما أبلاَهُ ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ  أنفقَهُ ، وماذا عملَ فيما علِمَ

الراوي : عبدالله بن مسعود

 صحيح الترمذي رقم 2416  

أما عن المبادرة والهم قبل فوات الفرصة فقد قالصلى الله عليه و سلم: اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ : شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ ، وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ ، وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ .

الراويعبدالله بن عباس

صحيح الترغيب رقم  3355

 

 

 

 

 

وبهذا فالعمل الخيري يعمل فى اتجاه مزدوج فهو كما هو قائم من أجل مساعدة الآخرين على اختلاف أنواع احتياجاتهم محققًا بذلك نوعا من التكافل الاجتماعى فهو فى نفس الوقت يخدم القائم به ففيه مرضاة لله من ناحية وبذللك يضمن سعادة الدارين لأن إسعاد الآخرين  يحقق للإنسان سعادة في الدنيا كذلك لا تدانيها سعادة،

وفي لقاء للدكتور محمد العوضي مع أحد الأطباء أكد أن حرص المرء على القيام بأنشطة من أجل إسعاد الأخرين هي أقوى سلاح ضد الإدمان بكل أنواعه لأن الجسم يفرز هرمون السعادة المعروف بالدوبامين والذي يحوي أضغافا مضاعفة من المواد الإدمانية ويؤدي الدوبامين دوراً رئيسياً في الإحساس بالمتعة والسعادة

 

فهو مادة كيميائية تتفاعل في الدماغ لتؤثر على كثير من الأحاسيس والسلوكيات بما في ذلك  الانتباه، والتوجيه وتحريك الجسم، إن منسوب الدوبامين في الجسد، يتم تحفيزه بمجرد التفكير في العمل.

وهكذا نجد أن إعمار الوقت بما ينفع الناس هو مجلبة لكل للسعادة ولكل خير في الدنيا واللآخرة.

سهام علي

كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.

  • 3
  • 0
  • 2,561

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً