دول النيل تستغل الثورة المصرية لاقتسام المياه قصرا

منذ 2011-04-29

وقع المحظور وبدأت مصر تدفع أول فاتورة باهظة لغياب وعجز النظام السابق عن التعامل مع أخطر ملف يتعلق بأمن مصر القومي وهو المياه، وضياع هيبة ودور مصر في أفريقيا ..


وقع المحظور وبدأت مصر تدفع أول فاتورة باهظة لغياب وعجز النظام السابق عن التعامل مع أخطر ملف يتعلق بأمن مصر القومي وهو المياه، وضياع هيبة ودور مصر في أفريقيا الذي استغلته إسرائيل وأمريكا!.

فحتي يوم الإثنين 28 فبراير الماضي 2011، كانت خمس دول أفريقية فقط من دول حوض النيل التسع (بجانب إريتريا كمراقب) قد وقعت علي الاتفاقية الإطارية لحوض النيل التي لا تعترف بحقوق مصر والسودان التاريخية الواردة في اتفاقيات 1929 و1956 في مياه النيل، بيد أن هذا اليوم شهد انقلابا دراميا في مسيرة مياه النيل وقد يفتح الباب لحرب مياه مقبلة بعدما وقعت دولة بوروندي علي الاتفاقية ليصبح عدد الموقعين أغلبية (6 دول من 9 بخلاف إريتريا )



توقيع بوروندى علي الاتفاقية - التي تطالب بتقاسم مياه النيل، ومنع مصر من الحصول علي حصتها الحالية (55 مليار متر مكعب) التي تشكل قرابة 90% من موارد النيل- يمهد الطريق لإقرار هذه الاتفاقية رسميا بحيث تصبح أمرا واقعا عقب تصديق برلمانات هذه الدول الست (المؤكد) علي الاتفاقية كي تدخل حيز التنفيذ في غيبة مصر والسودان وعدم توقيع الكونغو والمتوقع أن يحدث قريبا .



أما خطورة هذه الاتفاقية فهي أنها لا تعترف باتفاقيات مياه النيل السابقة عامي 1929 و 1956، ومن ثم تسمح لكل دول حوض النيل بإقامة مشاريع مائية وكهربائية وحواجز علي مجرى النيل تقتطع كمية كبيرة من نصيب مصر من المياه التي لا تكفيها أصلا حاليا وتلغي ما يسمي حق الفيتو المصري على بناء أي سدود علي النيل تهدد مصر .

أما الأخطر فهو التغلغل الصهيوني والأمريكي في حوض النيل في ظل غياب النظام السابق في مصر وغفلته عن مصالح مصر العليا، وتوفير الدعم للدول الأفريقية لتشجيعها علي بناء السدود واحتجاز المياه وتهديد أمن مصر القومي لتدفع الثورة أول الفواتير الخاسرة للنظام السابق الفاشل في التعامل مع قضايا أمن مصر القومي !.



فقد ظل النظام السابق غافلا عن مصالح مصر الإقليمية في ظل حالة التقوقع والغياب عن أفريقيا والعالم العربي والتفرغ للصراعات الداخلية والفساد، ولم يفق إلا عقب توقيع 4 من دول حوض النيل علي هذه الاتفاقية الإطارية، حيث حاول استمالة بوروندي والكونغو عبر مشاريع ودعم مصري كي لا تلجأ للتوقيع وتضر مصر ولكن سقوط النظام بعد الثورة الشعبية والإغراءات الغربية دفعت بوروندي للتوقيع .



هل وصل الخطر مداه؟
واقع الأمر يقول أن خمسة من دول حوض النيل العشرة، هي: إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وكينيا، وقعت في مايو 2010 على (الاتفاق الإطاري الجديد) الذي ينظم العلاقة بين دول حوض النيل والذي يتضمن 40 بندا لم يجري الاتفاق علي البنود المتعلقة منها بأمن المياه حيث لا تزال مصر والسودان (دول المصب) يتمسكان بحقهما في حصتهما الحالية من المياه (55.5 مليار متر مكعب لمصر+18.5 للسودان)، وحقهما في الموافقة أو الفيتو (الاعتراض) علي أي مشروع لدول أعالي النيل الثماني يؤثر علي حصتهما من المياه .



وقد قاطعت مصر والسودان توقيع الاتفاق ولم يوقعه أثنين من دول أعالي النيل (الكونغو وبوروندي) بالإضافة إلى دولة اريتريا كمراقب بعد استقلالها عن أثيوبيا (وسط تضارب بين من يقول أن توقع ستة دول يكفي ومن يقول-مصر والسودان- أنه يحتاج إلي توقيع كل دول حوض النيل التسعة علي الأقل (باستثناء إريتريا) كي يكون نافذا قانونيا، ولذلك أعطت المفوضية التابعة لحوض النيل مهلة للدول للتوقيع علي الاتفاق الإطاري لمدة عام تنتهي في 13 مايو 2011، وهو ما دفع بوروندي للتوقيع قبل هذا التاريخ لتحجز مقعدا في المساعدات الدولية لبناء سدود على النيل توفر لها الكهرباء .


وقد دخلت الأزمة منعطفا خطرا جديدا بعد إعلان دولة الكونغو الديمقراطية عن نيتها توقيع الاتفاقية وإعلان بوروندي عن انضمامها للدول الموقعة على الاتفاقية الإطارية فور انتهاء الانتخابات الرئاسية بها (يونيو 2010) وهو ما حدث بالفعل.

ففي نوفمبر 2010 الماضي زار نائب رئيس بوروندي مصر وحضر مبعوث الرئيس وسلم رسالة للرئيس السابق مبارك وعندما سئل حول موقف بوروندي من اتفاقية حوض النيل الجديدة التي تسعي بعض الدول لاعتمادها والتي لم تكن بوروندي وقعت عليها بعد، أكد د. محمد روكارا مبعوث الرئيس، أن بوروندي لا يمكن أن تتخذ موقفا ضد مصر، وهي دائما تقف مع مصر، معربا عن أمله في أن تشهد الفترة القريبة المقبلة حوارا شاملا بين دول حوض النيل بما يحقق مصلحة الجميع .



وقد أرجع مصدر مصري مسؤول توقيع بوروندى على الاتفاق الإطاري لحوض النيل "اتفاق عنتيبى" الذي ترفضه مصر والسودان، إلا أن الحكومة البورندية وجدت أن طريقها مع مصر أصبح مسدودًا خلال الفترة المقبلة بعد الثورة، وأنهم لن يحصلوا من مصر على المساعدات التي كانت تتسلمها في الماضي، وبالتالي فإنهم وجدوا أن من صالحهم عدم الإبقاء على موقفهم الرافض للتوقيع على الاتفاق الإطاري، واختاروا السير في جانب الدول الخمس الأخرى التي وقعت من قبل.




وقال المصدر إن مصر نجحت خلال الفترة الماضية في فرملة توقيع بوروندى على الاتفاق الإطاري عبر مساعدات عاجلة وإغراءات، لكن الجانب البوروندى استغل الأحداث الأخيرة والثورة في مصر للتعلل بأن هناك حالة فراغ في مصر جعلتهم يلجؤون إلى الطرف الآخر.
وقال وزير البيئة في بوروندي جان ماري نيبيرانتيجي في تبريره أن الدولة الواقعة وسط أفريقيا تريد أيضا استخدام مياه النيل في توليد الكهرباء. وقال : "وضع المانحون (الغرب) دوما توقيع هذه الاتفاقية كشرط لتوفير التمويل لتشييد هذه المحطات لتوليد الطاقة الكهربائية!.



وبتوقيع بوروندي لم يتبق سوى الكونغو ليرتفع بذلك عدد الدول الموقعة على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل إلى 7 دول هي كل دول منابع النيل (لو وقعت الكونغو)، فبعد توقيع بوروندي على الاتفاقية الإطارية "عنتيبي" أصبحت الاتفاقية قانونية ومعترفاً بها وفقاً لدراسة قام بها مكتب استشاري قانوني دولي "فرنسي"، أوضح أن توقيع 6 دول من حوض النيل يجعل الاتفاقية قانونية ومعترف بها رغم وجود خلافات حول بعض بنود هذه الاتفاقية.
وبرغم تصريحات المسؤولين المصريين والسودانيين المطمئنة بأن توقيع أي اتفاقية منفردة بين بعض دول الحوض يجعلها غير ملزمة لمصر أو السودان إلا أن تكتل الدول السبع الغير منفرد للتوقيع على الاتفاقية دون إعادة النظر في البنود الثلاث التي ترفضها مصر والسودان سيخلق واقع جديد وتحد يصعب علي دول المصب التحكم فيه .


فالشروط المصرية - وفقا للاتفاقيات المائية القديمة الموقعة في 1929 المتعلقة بعدم المساس بأمن مصر المائي (حصة 55.5 مليار متر مكعب) وضرورة الإخطار المسبق لكل من مصر والسودان بالمشروعات والسدود التى تنوى دول المنبع إجرائها على نهر النيل (المشهور بالفيتو المصري)، وضرورة الموافقة بالإجماع بين دول حوض النيل على اية تعديلات تجرى على الاتفاقيات القديمة او اية تقسمات جديدة لحصص نهر النيل وليس بالأغلبية كما تطالب تلك الدول .. هذه الشروط أصبح من الصعب البقاء عليها بعدما ألغتها الاتفاقية الإطارية وسمحت بالتالي لأثيوبيا ببناء ما تشاء من سدود (بدأت في بناء ثالث سد منذ ايام يحجز مياه النيل للكهرباء) ولكينيا وأوغندا بحفر ما تشاء من ترع لنقل المياه لأراضيها بما يقلل حصة المياه الواردة لمصر والسودان مستقبلا علي مدار سنوات وفقا لمعدل تنفيذ هذه المشاريع !.



فمصر تعتمد على مياه النيل بنسبة 97% في حين أن بعض دول حوض النيل تعتمد على مياه النيل بنسب تتراوح بين 1، 3، وقد تصل إلى 11% فقط من استخداماتها بسبب غزارة سقوط الأمطار هناك والزراعة على الأمطار، ولهذا بدأ المسئولون المصريون- بعد تهديدات في بداية الأمر بالحرب- بعد غياب سنوات عن ملف المياه -للحفاظ على حصة مصر من المياه - بالتهدئة والسعي لتفاهمات مباشرة وثنائية مع دول حوض النيل وفق إستراتيجية من الواضح أنها ارتكزت على أسلوب ضخ استثمارات وفنيين ومشاريع مصرية زائدة لهذه الدول لتوفير مشاريع اقتصادية توثق العلاقات مع هذه الدول ولا ترفع من درجة العداء، وفي الوقت نفسه السعي الحثيث لإقناع هذه الدول بمشاريع مصرية تركز علي فكرة زيادة موارد النيل للجميع والاستفادة منها .

إذ يبلغ الحجم المتوسط السنوي للأمطار التي تسقط على دول أعالي النيل حوالي 900 مليار م3 سنوياً يمثل ما يأتي منها من مياه قرابة 137- 144 مليار م3، بينما إيراد النيل طبقاً لآخر التقديرات لا يتجاوز 84 مليار م3، يأتي 72 مليار م3، أي 87% من مياه النيل من النيل الأزرق الذي ينبع من بحيرة تانا في إثيوبيا، بينما يأتي 13% من منطقة البحيرات العظمى أي حوالي 12 مليار م3، أي أن هناك كميات ضخمة من المياه تهدر ولا يجري الاستفادة منها، ولهذا تقترح مصر بناء سدود وترع تتحكم في هذا الفاقد وتوفره للدول العشرة بما لا يخلق أزمة مائية مستقبلا .



ولا شك أن توقيع ستة من دول حوض النيل العشرة حتى الآن على الاتفاقية الإطارية لحوض النيل التي لا تعترف بحقوق مصر والسودان التاريخية الواردة في اتفاقيات 1929 و1956 في مياه النيل، قد خلق أمرا واقعا جديدا وتحدي خطير للأمن المائي العربي بل ولا نبالغ لو قلنا أنه أطلق الطلقة الأولى في أول حرب مياه حقيقة ينتظر أن يشهدها العالم في عدة مناطق أغلبها مناطق اشتباك عربية مع دول أخرى غير عربية، وتتهدد غالبية الدول العربية الأخطار لو اندلعت لأن غالبية الأنهار التي تمر في الدول العربية تأتي من خارجها وتعتبر الدول العربية دول مصب لا دول منبع .




الدول العربية معظمها دول مصب لا منبع:
أزمة حوض النيل.. أول تهديد حقيقي للأمن المائي العربي

خلق توقيع خمسة من دول حوض النيل العشرة حتى الآن علي الاتفاقية الإطارية لحوض النيل التي لا تعترف بحقوق مصر والسودان التاريخية الواردة في اتفاقيات 1929 و1956 في مياه النيل، أمر واقع جديد وتحدي خطير للأمن المائي العربي بل ولا نبالغ لو قلنا أنه أطلق الطلقة الأولي في أول حرب مياه حقيقة ينتظر أن يشهدها العالم في عدة مناطق أغلبها مناطق اشتباك عربية مع دول أخري غير عربية، وتتهدد غالبية الدول العربية الأخطار لو اندلعت لأن غالبية الأنهار التي تمر في الدول العربية تأتي من خارجها وتعتبر الدول العربية دول مصب لا دول منبع .



لهذا تعتبر أهمية إستراتيجية التعامل العربي فيما يخص أزمة مياه النيل أشبه بنموذج محاكاة يمكن أن تقتضي به باقي الدول العربية المهددة في مصادر مياهها أو تستفيد من دروسه مستقبلا بما لا يهدد الأمن المائي العربي الذي يتشابك مع التهديدات الصهيونية في العديد من المناطق التي يحتلها الصهاينة من الأراضي العربية في لبنان وسوريا وفلسطين فضلا عن الدور الصهيوني النشط لضرب مصر والسودان من أعالي النيل عبر دعم مطالب باقي دول حوض النيل (دول المصب) ضد مصر والسودان وتقديم الدعم المالي والفني لبناء سدود إثيوبية وترع كينية بما يقلل من كميات المياه الواردة لمصر والسودان ويلهي البلدين في حرب مياه إفريقية تبعدهما عن مسار الصراع الصهيوني حيث تقوم النظرية الصهيونية على ضرب وتحديد أي مصادر خطر على الدولة الصهيونية وإلهاء الدول الكبرى في مشاكل أخرى.



وربما لهذا - ولأسباب أخرى - قرر المجلس الوزاري العربي للمياه في ختام دورته الثالثة التي عقدت بالجامعة العربية في يونيه الماضي 2010 برئاسة وزير الموارد المائية في الأردن، عقد دورة استثنائية للمجلس والمكتب التنفيذي واللجنة المعنية العلمية الاستشارية للمجلس في شهر سبتمبر المقبل، لإقرار إستراتيجية الأمن المائي العربي في صورتها النهائية بعد الموافقة عليها بصورة مبدئية وأكد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية خلال الجلسة ضرورة التعامل مع مشكلة المياه بين دول حوض النيل بشكل من الهدوء والتفاهم المشترك وعلاج هذه القضية بشكل ثنائي .



ومن هنا أيضا تأتي أهمية التنسيق العربي في المؤتمر الدولي السادس للمياه والمقرر عقده في مرسيليا عام 2012 حيث تم الاتفاق - في المجلس الوزاري العربي للمياه - على وجود خطاب عربي واحد وكيفية الحفاظ على موارد المياه الموجودة حاليا في المنطقة العربية وكيفية الإكثار من مصادر المياه مثل الاتفاق على الاستخدام السلمي للطاقة الذرية لتحلية المياه وتقليل تكلفة عملية التحلية، فهناك تحديات عديدة تواجه المنطقة العربية في مجال المياه خاصة أن 70% من الموارد المائية المتجددة تأتي إلى الدول العربية من خارج حدودها والدول العربية معظمها دول مصب وليس دول منبع، إضافة إلى تداعيات عملية التغيير المناخي وانخفاض حصة المواطن العربي من المياه المتجددة سنويا، علما أن 19 دولة عربية تقع تحت خط الفقر المائي منها 4 دول تحت خط العجز المائي وهذا يدق ناقوس الخطر بشأن مستقبل المياه في الوطن العربي ويبرز أهمية الإستراتيجية العربية للأمن المائي للحفاظ على الحقوق العربية للمياه سواء كانت سطحية أو جوفية وضرورة استخدام التقنيات الحديثة في مجال تحلية المياه .



الدبلوماسية الناعمة تتغلب على العصا
في بداية الأزمة دعا خبراء مصريون لأسلوب القوة ودعا آخرون للدبلوماسية ودعا فريق ثالث للمزج بين الأسلوبين أي أن تلجأ الحكومة المصرية في التعامل مع ملف حوض النيل إلى مزيجٍ من القوة ممثلة في التلويح بالضرب وعدم التفريط في حقوقها المائية التي هي حق الحياة للمصريين، وبين مزيجٍ من الاحتضان والاحتواء الكامل لدول حوض النيل ولمتطلباتهم، بالإضافة إلى تعزيز التواصل العملي معهم خصوصا أن مصر قصرت كثيرا في احتضان هذه الدول واستعمال (القوة الدبلوماسية الناعمة) معها وأهملتها تعليميًّا وسياسيًّا ودبلوماسيًّا وتنمويًّا، ما شجع دول أخري خصوصا إسرائيل وأمريكا للحلول محل مصر في إفريقيا وأعالي النيل .



أي أن تلعب مصر بخياري العصا والجزرة مع دول أعالي النيل وفق درجات عدائها مع مصر أو قيامها بأعمال عدائية بالفعل عبر بناء سدود تحجز المياه عن مصر بصورة أو بأخرى، وقد بدأ هذا بتصريحات نارية من مسئولين مصريين تحدثت عن استخدام القوة لمنع بناء سدود تحتجز مياه النيل عن مصر، والآن جاء دور الدبلوماسية الناعمة خصوصا أنها غابت عن التعامل العربي مع دول أعالي النيل حتى سقطت في أحضان الصهاينة ما هدد الأمن المائي العربي في اخطر مناطقه .



هذا التوجه ظهر في صدور تعليمات مشددة من قبل الرئيس حسنى مبارك - بحسب مصادر ـ (إسلام أون لاين.نت) - على ضرورة تفعيل التعاون مع دول حوض النيل في جميع المجالات وأن يحتل ملف الأمن المائي أقصى الأولويات في السياسة الخارجية المصرية، وظهر في تصريحات الدكتور محمد نصر الدين علام الذي قال أن التفاوض هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى التوافق وظهر في تحرك آخر بتشكيل لجنة عليا للمياه ضمت عددا من مسئولي الخارجية و المخابرات العامة إلى جانب الري لإعداد ملف شامل عن مفاوضات حوض النيل والأسباب التي أدت إلى الوصول إلى حالة عدم التفاهم بين تلك الدول وعدم التوصل إلى حل حتى الآن.

وكانت الترجمة العملية لهذا التوجه هو استقبال مصر العديد من مسئولي وقادة دول حوض النيل وزيارات لكبار المسئولين لأثيوبيا خصوصا، والمشاركة في اجتماعات حوض النيل في أثيوبيا نهاية يونيه الماضي والدعوة لاجتماع جديد في القاهرة لبحث نقاط التعاون وحل الخلافات، وجري التركيز في التحركات المصرية على بوروندي والكونغو لمنعهما من التوقيع على الاتفاقية الإطارية .



فهناك تقصير عربي خطير في التواصل مع دول حوض النيل، والأمر لا يخص أمن مصر المائي أو القومي فقط وإنما الأمن العربي القومي المائي العربي ككل، مثل غياب الدور العربي في الاستثمار في بلاد منابع النيل ودوره في هذه المشاريع كبديل عربي مضمون يصون الأمن القومي المصري - والعربي بالتبعية - بدلا من ترك المجال للتمويل الإسرائيلي والأمريكي، وبرغم أن هناك صناديق استثمار عربية تعمل في أفريقيا، فهي أغفلت - ربما لأسباب أمنية أو لأخطاء إستراتيجية - الاستثمار في مشاريع النيل ليتكرر الخطأ العربي في إهمال الاستثمار في جنوب السودان لجعل الوحدة جاذبة مع الشمال، ثم الخطأ في إهمال الاستثمار في مشاريع السدود والري في منابع النيل للصهاينة والأمريكان، ما يؤكد الخلل في الفكر الاستراتيجي العربي وعدم استغلال "سلاح المال" في تدعيم الأمن القومي العربي .



وكي لا يقال هنا أنه لا ناقة للعرب ولا جمل في مسالة مياه حوض النيل هنا، نشير لأن السودان لا يزال مرشحا ليكون هو سلة غذاء العالم العربي، وأن هناك فجوة غذائية في العالم العربي تصل إلى حوالي 60 مليار دولار سنوياً هي الفرق بين الصادرات والواردات العربية، وأن نسبة الاكتفاء الذاتي العربي في مجال الغذاء لا تزيد عن 39%، والغذاء لا يأتي بدون مياه !




بيان مجلس الوزراء المصري:
طلب الدكتور أحمد شفيق رئيس حكومة تسيير الأعمال من وزيري الخارجية والري التنسيق العاجل فيما بينهما لمتابعة تطورات قضية مياه النيل بعد توقيع بورندى على الاتفاقية الإطارية الخاصة بدول حوض النيل ليصل عدد الموقعين إلى 6 دول، وهو ما يعني أنها ستدخل حيز التنفيذ.



وقدم وزير الخارجية أحمد أبو الغيط تقريرا إلى الدكتور أحمد شفيق اليوم حول تطورات قضية مياه النيل، يؤكد فيه مجددا على موقف مصر الداعي إلى استمرار المفاوضات بين دول حوض النيل، للتوصل إلى صيغة تحقق مصالح جميع الأطراف.
وقال الدكتور مجدي راضى المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء إن رئيس الوزراء طلب أيضا من الوزارتين التأكد من صحة المعلومات الخاصة بتوقيع بورندى على الاتفاقية مشيرا إلى أن ما يقلقنا هو خروج بورندى عن موقفها السابق بعدم التوقيع. وأكد موقف مصر الرافض لقيام أي طرف بفرض موقفه على الطرف الآخر.



وقد بدأت وزارتي الخارجية والري عقد اجتماعات مكثفة، لوضع خطة تحرك الفترة المقبلة، واتخاذ موقف بشأن توقيع بوروندى على الاتفاق الإطاري، ودخول الاتفاقية حيز التنفيذ بعد توقيع أثيوبيا وتنزانيا ورواندا وكينيا وأوغندا وبوروندى عليها.
من جانبه أكد الدكتور حسين العطفي، وزير الموارد المائية والري، أن هناك خطة تحرك للحفاظ على حقوق مصر التاريخية في حصتها السنوية من المياه النيل، والتي تقدر بنحو 55.5 مليار متر مكعب.




وقال عقب اجتماع عاجل، الثلاثاء، مع الجهات المعنية إن الاتفاقية الإطارية لدول المنبع مخالفة للقواعد الإجرائية، التي اتفق عليها، ولا تعفي هذه الدول من التزاماتها نحو الاتفاقيات السابقة مع مصر، والموجودة منذ عشرات السنين، وهي اتفاقات قائمة وسارية.



‫‫وشدد على أن مصر تُرحّب بالتعاون في أي مشروعات للتنمية بدول الحوض، بشرط ألا تؤثر على حصة مصر من المياه بحسب الاتفاقيات القائمة
أعلن دانيال ميبوما، المتحدث الإقليمي باسم مبادرة حوض النيل، ومقرها في عنتيبى في كمبالا، "بعد توقيع بوروندى (الاثنين) بات من الممكن أن تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ"، مضيفا أنه وبموجب القانون الدولي الساري، كان لابد من أن توقيع ست من الدول الأطراف على الاتفاقية قبل أن يجرى إقرارها في برلماناتها.. ومن المتوقع أن تتم المصادقة عليها في جميع البرلمانات الستة.



ووقعت أربع دول مطلة على النيل العام الماضي اتفاقية تتيح للدول الواقعة عند منبع النهر إقامة مشاريع للري والطاقة الكهربائية من دون الحصول على موافقة مسبقة من مصر.
ويقوم محور الخلاف حول اتفاقية مبرمة في 1929 بين القاهرة والمستعمر البريطاني منحت مصر بموجبها حق الاعتراض على مشاريع تبنى على النيل خارج أراضيها.



كما تمنح اتفاقية أخرى موقعة بين مصر والسودان في 1959، مصر 55,5 مليار متر مكعب من المياه كل سنة -أي 87 في المائة من منسوب النيل- والسودان 18,5 مليار متر مكعب.
وقاطعت مصر والسودان مراسم إعلان الاتفاقية وتعهدتا بعدم الاعتراف بأي اتفاق يتم التوصل إليه دون موافقتهما.
واتفقت أوغندا ورواندا وتنزانيا وإثيوبيا في المراسم التي أقيمت في مارس 2010 على إلغاء حق مصر في الاعتراض وفى استغلال 90% من موارد النهر.

4/4/1432 هـ

 

المصدر: موقع المسلم
  • 1
  • 0
  • 6,881

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً