عِنايةُ المستشرقين وأذنابهم بغُلاةِ الصُّوفيَّةِ (الحَلَّاجُ أنْموذجًا) : (2-2)
القاضي عِياضٌ المالِكيُّ في ((الشِّفا بتَعريف حُقوقِ المصطفى)) (ص: 865) بقولِه: (أجمَعَ فُقهاءُ بغدادَ أيَّامَ المقتدِرِ مِن المالكيَّةِ، وقاضي قُضاتِها أبو عُمرَ المالكيُّ على قتْلِ الحَلَّاج وصَلْبِه؛ لِدَعواه الإلهيَّةَ، والقولِ بالحُلولِ، وقولِه: أنا الحقُّ).
أقوالُه مِن الرِّواياتِ والأحاديثِ:
وهذه أمثلةٌ مِن ضَلالاتِه وكَذِبِه على اللهِ عزَّ وجلَّ، وتَهكُّمِه على طَريقةِ المُحدِّثينَ الثِّقاتِ في حِكايةِ أحاديثِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، في أنَّه لا يُحدِّثُه بشَرٌ عن بَشَرٍ، بل يُحدِّثُه إيمانُه ورُؤيتُه وعَقلُه... عن اللهِ وعن اللَّوحِ المحفوظِ...إلخ (ص: 269-271):
1- حدَّثَنا الإيمانُ المعروفُ، عن اليقينِ الموجودِ، عن العِلمِ القَديمِ: إنَّ اللهَ جلَّ جلالُه امْتحَنَ خلْقَه بالدُّنيا...
2- حدَّثَنا بالرُّؤيا الصَّادقةِ، عن الملِكِ الحكيمِ، قال: حدَّثنا الكروبُ الكبيرُ، عن اللَّوحِ المحفوظِ، عن العِلمِ، قال: ما تَعبَّدَ اللهُ خلْقَه بشَيءٍ أعزَّ مِن المحبَّةِ له وفيه...
3- حدَّثَنا العقْلُ الوجيهُ، عن سِدْرةِ المُنْتهى، عن الحياةِ الدائمةِ، عن الرُّوحِ المكنونِ، قال: إنَّ اللهَ مَعروفٌ بآياتِه، مَذْكورٌ بصَنائعِه...
4- حدَّثَنا بيتُ اللهِ تعالى، عن قوسِ اللهِ، عن بَيتِ اللهِ الوسيعِ، قال: رَحماتُ ربِّي لا تُحْصَى...
8- حدَّثَنا الياقوتُ الأحمَرُ، عن الضِّياءِ المخمرِ، عن الصُّورةِ الكائنةِ، عن الشَّأْنِ المشهودِ، عن الحقِّ جلَّ جلالُه، أنَّه قال: ...
9- حدَّثَنا الاسمُ العزيزُ، عن الرُّوحِ القديمِ، عن المعنى المحيطِ، عن اللهِ تعالى قال: وجَبَتْ رُوحي المألوفةُ لِأهْلِ سِمَتي...
ثانيًا: أقوالُه ممَّا نقَلَه عنه مُعاصِروه
1- قال أبو بكرٍ الصُّوليُّ -وهو ممَّن عاصَرَ الحَلَّاج وجالَسَه- كما في كتابِ ((تاريخ الإسلام)) للذَّهبيِّ (7/ 18): (كان حِينًا يَنتقِلُ في البلادِ، ويدَّعي الرُّبوبيَّةَ، ويقولُ للواحدِ مِن أصحابِه: أنت آدَمُ؛ ولذا (أي: لهذا): أنت نُوحٌ؛ ولذا: أنت محمَّدٌ. ويَدَّعي التناسُخَ، وأنَّ أرواحَ الأنبياءِ انتقَلَتْ إليه).
2- ونقَلَ عنه أبو الفَرجِ ابنُ الجَوزيِّ في ((المنتظم)) (13/ 202) أنَّه قال: (قد رأَيتُ الحَلَّاجَ وجالَسْتُه، فرأيتُ جاهلًا يَتعاقَلُ، وغبيًّا يَتبالَغُ، وفاجرًا يَتزهَّدُ، وكان ظاهرُه أنه ناسِكٌ صُوفيٌّ، فإذا عَلِمَ أنَّ أهلَ بلدةٍ يَرَون الاعتزالَ صار مُعتزِليًّا، أو يَرَونَ الإمامةَ صار إماميًّا، وأَراهم أنَّ عِنده عِلمًا مِن إمامتِهم، أو رأى أهلَ السُّنةِ صار سُنِّيًّا، وكان خَفيفَ الحركةِ مُشعبِذًا))
3- وقال عمرُو بنُ عُثمانَ -كما في ((الفرْق بين الفِرَق)) لعبد القاهرِ البغداديِّ (ص: 247)-: (كنت أُماشِيه يومًا فقرأْتُ شَيئًا مِن القرآنِ، فقال: يُمكِنُني أنْ أقولَ مِثلَ هذا).
4- وقال أبو عمَرَ بنُ حَيُّويَه -وهو ممَّن عاصَرَه وشاهَدَ قتْلَه- كما في ((لِسان الميزانِ)) لابن حَجَرٍ (3/211): (لَمَّا أُخرِجَ حُسينٌ الحَلَّاجُ لِيُقتَلَ مَضيتُ في جُملةِ الناسِ، ولم أزَلْ أُزاحِمُ الناسَ حتى رأيتُه، فقال لِأصحابِه: لا يَهُولَنَّكم هذا؛ -يعني: الموقِفَ الذي تَروْنَني فيه- فإنِّي عائدٌ إليكم بعدَ ثلاثينَ يومًا، ثم قُتِلَ). قال ابنُ حَجَرٍ العسْقلانيُّ: (رواها عنه عُبَيد الله بنُ أحمدَ الصَّيرفيُّ، وإسنادُها صحيحٌ)، والقصَّةُ أورَدَها الخطيبُ البغداديُّ في ((تاريخِه)) (8/ 710) بسَندِه.
5- وقال أبو بكرِ بنُ مِمْشاذَ -وهو ممَّن عاصَرَ الحَلَّاجَ- كما رواهُ الخطيبُ البغداديُّ بسَندِه في ((تاريخ بغداد)) (8/ 706): (حضَرَ عندنا بالدِّينَورِ رجُلٌ ومعه مِخلاةٌ (وهي كيس يجعل فيه الخَلَى وهو العُشْب ونحوه) ، فما كان يُفارِقُها باللَّيلِ ولا بالنهارِ، ففتَّشِوا المِخلاةَ فوَجَدوا فيها كِتابًا للحَلَّاج عُنوانُه: مِن الرحمنِ الرحيمِ إلى فلانِ ابنِ فلانٍ، فوُجِّهَ إلى بَغدادَ، قال: فأُحضِرَ، وعُرِض عليه، فقال: هذا خطِّي وأنا كتَبْتُه، فقالوا: كنتَ تَدَّعي النُّبوَّةَ، فصِرْتَ تَدَّعي الرُّبوبيةَ؟ فقال: ما أدَّعِي الرُّبوبيةَ، ولكنَّ هذا عَينُ الجمْعِ عندنا، هلِ الكاتبُ إلا اللهُ، وأنا واليدُ فيه آلةٌ؟!).
هل كان الحَلَّاج رافضيًّا إسماعيليًّا قَرْمطيًّا؟
رغمَ أنَّ الحَلَّاجَ معدودٌ من غُلاةِ الصُّوفيَّةِ، إلَّا أنَّ هناك ما يدلُّ على أنَّه سلَكَ مَسْلكَ الإسماعليَّة، وفيما يأتي ذِكرُ أقوالِ بَعضِ العُلماءِ التي تُثبِتُ عَقيدتَه الباطنيَّةَ:
1- قال المُحسن التَّنوخيُّ الحنفيُّ في ((نشوار المحاضرة)) (1/ 169): (أخْبَرني بعضُ أصحابِه من الكُتَّابِ، قال: خرَجَ له توقيعٌ -أي: رِسالةٌ أو رُقعةٌ بتوقيعِه- إلى بَعضِ دُعاتِه، تلاهُ عليَّ، فحفِظْتُ منه قولَه فيه: وقد آنَ الآنَ أوانُك، للدَّولةِ الغرَّاءِ، الفاطميّةِ الزَّهراءِ، المحفوفةِ بأهْلِ الأرضِ والسَّماءِ، وأُذِنَ للفئةِ الظَّاهرةِ مع قوَّةِ ضَعْفِها في الخُروجِ إلى خُراسانَ؛ لِيَكشِفَ الحقُّ قِناعَه، ويَبسُطَ العدْلُ باعَهُ).
2- وقال أيضًا في ((نشوار المحاضرة)) (1/ 161): (حدَّثني أبو الحسنِ بنُ الأزرقِ، قال: لَمَّا قدِمَ الحَلَّاجُ بغدادَ يَدْعو، اسْتَغوى كثيرًا مِن الناسِ والرُّؤساءِ، وكان طَمَعُه في الرَّافضةِ أقوى؛ لِدُخولِه مِن طَريقِهم).
3- وقال ابنُ الجَوزيِّ الحنبليُّ في ((المنتظم)) (13/ 143): (لَمَّا أُلقِيَ القبضُ عليه وَجَدوا معه كُتبًا ورِقاعًا فيها أشياءُ مَرْموزةٌ، ونُودِيَ: هذا أحدُ دُعاةِ القَرامطةِ فاعْرِفوه). ونقَلَه الذَّهبيُّ في ((السير)) (14/327)، وابنُ كثيرٍ في ((البداية والنهاية)) (11/137).
4- وقال أيضًا (13/ 204): (قال الصُّوليُّ: وقيل: إنَّه كان يَدْعو في أوَّلِ أمْرِه إلى الرِّضا مِن آلِ محمَّدٍ) -أي: يَدْعو إلى التشيُّعِ.
5- وقال شمسُ الدِّين الذَّهبيُّ الشَّافعيُّ في كِتابه ((سِيَر أعلام النُّبلاء)) (27/ 384): (وكان في الكتبِ عَجائبُ مِن مُكاتباتِه إلى أصحابِه النافذينَ إلى النَّواحي، يُوصِيهم بما يَدْعون الناسَ إليه، وما يَأْمُرُهم به مِن نَقْلِهم مِن حالٍ إلى حالٍ، ورُتبةٍ إلى رُتبةٍ، وأنْ يُخاطِبوا كلَّ قومٍ على حسَبِ عُقولِهم، وقدْر استِجابتِهم وانقيادِهم، وأجاب بألفاظٍ مَرْموزةٍ، لا يَعرِفُها غيرُ مَن كَتَبَها وكُتِبَت إليه، وفي بَعضِها صُورةٌ فيها اسمُ اللهِ على تَعويجٍ، وفي داخلِ ذلك التَّعويجِ مَكتوبٌ: عليٌّ عليه السلامُ).
6- وقال ابنُ النَّديمِ في ((الفهرست)) (ص269): (إن الحَلَّاجَ كان يُظهِرُ مَذاهبَ الشَّيعةِ للملوكِ، ومذاهبَ الصُّوفيَّةِ للعامَّةِ، ويدَّعي أنَّ الأُلوهيَّةَ قد حلَّت فيه).
7- وجاء في كِتابِ ((غَيبة الطُّوسي)) (ص: 262) برواية الطُّوسيِّ -نقلًا عن كِتابِ ((الصِّلة بَين التَّصوُّف والتَّشيُّع)) (ص: 401) لكاملٍ الشَّيبيِّ-: (أنَّ الحَلَّاجَ صار إلى قُمَّ، فكان قرابةَ أبي الحَسنِ -النُّوبختي الشِّيعي- يَسْتدعِيه ويَسْتدعي أبا الحسَنِ أيضًا، ويقول: أنا رسولُ الإمامِ ووَكيلُه، فطَرَدَه ابنُ بابُويَه مِن دارِه).
8- وقال كاملٌ الشَّيبيُّ في كِتاب ((الصلة بين التَّصوُّفِ والتَّشيُّع)) (ص: 402): (يَذكُرُ لنا ابنُ زِنْجيٍّ مَشْربًا إسماعيليًّا ظاهرًا في الحَلَّاجِ؛ وذلك أنَّه وجَدَ بيْن أوراقِه وثائقَ تُثبِتُ صِلَتَه بالإسماعيليَّةِ: «وكان في الكُتبِ الموجودةِ عَجائبُ مِن مُكاتباتِه أصحابَه النَّافذينَ إلى النَّواحي تَوصِيهم بما يَدْعو الناسَ، ويأْمُرُهم به مِن نَقْلِهم مِن حالٍ إلى أُخرى، ومَرتبةٍ إلى مَرتبةٍ، حتى يَبْلغوا الغايةَ القُصوى، وأنْ يُخاطِبوا كلَّ قَومٍ على حَسَبِ عُقولِهم وأفْهامِهم، وعلى قَدْرِ استِجابتِهم وانْقيادِهم»، وتلك هي مَراتبُ الإسماعيليَّةِ، وتلك هي طَريقتُهم في بَثِّ دَعوتِهم كما لا يَخْفى. وكان بيْن الأوراقِ أيضًا كِتابٌ فيه «صُورةٌ فيها اسمُ اللهِ مَكتوبٌ على تَعويجٍ، وفي داخلِ ذلك التَّعويجِ مَكتوبٌ: علِيٌّ عليه السَّلامُ، كِتابةً لا يقِفُ عليها إلَّا مَن تأمَّلَها»، وتلك أسرارُ الإسماعيليَّةِ وأُسلوبُهم في نشْرِ الدَّعوةِ. وقد كانت إسماعيليَّةُ الحَلَّاجِ وثُبوتُ اتِّصالِه بالقَرامطةِ -الذين هم مِن الإسماعيليَّةِ-؛ السَّببَ المباشِرَ في قتْلِه).
هل كان الحَلَّاجُ ساحرًا؟
1- قال أبو يعقوبُ الأقطَعُ -كما رواه الخطيبُ البغداديُّ في ((تاريخ بغداد)) (8/ 699) بسَندِه عنه-: (زوَّجْتُ ابنَتي مِن الحُسينِ بنِ مَنصورٍ؛ لِمَا رأيتُ مِن حُسْنِ طَريقتِه واجتِهادِه، فبان لي بعْدَ مدَّةٍ يَسيرةٍ أنه ساحرٌ مُحتالٌ، خَبيثٌ كافرٌ).
2- وقال ابنُ النَّديمِ في ((الفهرست)) (ص: 236): (قرأْتُ بخطِّ أبي الحُسينِ عُبيدِ اللهِ بنِ أحمدَ بن أبي طاهرٍ طَيفور: كان رجُلًا مُحتالًا مُشعبِذًا، يَتعاطى مَذاهبَ الصُّوفيَّةِ، يَتحلَّى بألفاظَهم، ويدَّعي كلَّ عِلمٍ، وكان صِفرًا مِن ذلك، وكان يَعرِفُ شيئًا مِن صِناعةِ الكيمياءِ).
3- وروى الخطيبُ البغداديُّ في ((تاريخ بغداد)) (8/ 698) بإسنادِه إلى عليِّ بنِ أحمَدَ الحاسبِ، قال: (سمِعْتُ والدي يقولُ: وجَّهني المعتضدُ إلى الهندِ لِأُمورٍ أتعرَّفُها؛ لِيَقِفَ عليها، وكان معي في السَّفينةِ رجُلٌ يُعرَف بالحُسينِ بنِ مَنصورٍ، وكان حَسَنَ العِشرةِ طيِّبَ الصُّحبةِ، فلمَّا خرَجْنا مِن المركبِ ونحن على الساحلِ، والحمَّالون يَنقُلون الثِّيابَ مِن المركِبِ إلى الشَّطِّ، فقلتْ له: إيش جِئت إلى هاهنا؟ قال: جِئتُ لِأتعلَّمَ السِّحرَ، وأدْعو الخلْقَ إلى اللهِ تعالى!).
4- ونَعَتَه ابنُ العربيِّ المالكيُّ في ((المسالِك في شَرْح مُوطَّأ مالك)) (3/ 403) بـ(الحَلَّاجِ الساحرِ الكافرِ).
5- وقال الذَّهبيُّ في ((العِبَر في خبَر مَن غَبَر)) (1/ 455): (سافَرَ إلى الهِندِ وتعلَّمَ السِّحرَ، فحصَلَ له به حالٌ شَيطانيٌّ، هرَبَ منه الحالُ الإيمانيُّ، ثم بَدَتْ منه كُفرياتٌ أباحتْ دَمَهُ، وكسَرَت صَنَمَه، واشْتَبَه على الناسِ السِّحرُ بالكراماتِ، فضَلَّ به خلْقٌ كثيرٌ). وقال في ((مِيزان الاعتدالِ)) (1/ 501): (الحَلَّاجُ المقتولُ على الزَّندقةِ... تألَّهَ وتَصوَّفَ، ثم انْسلَخَ مِن الدِّينِ، وتعلَّمَ السِّحرَ، وأراهُمُ المخاريقَ).
6- وقال كاملٌ الشَّيبيُّ في كِتاب ((الصِّلة بين التَّصوُّفِ والتَّشيُّعِ)) (ص: 407) ناقلًا عن ((أربعة نُصوصٍ)) للحَلَّاجِ -حقَّقها ماسينيون-: (وقد اشتُهِرَ عن الحَلَّاجِ أنَّه «يُحْيي الموتى، وأنَّ الجِنَّ يَخدُمونَه، ويُحْضِرونَه ما يَختارُ ويَشْتهيهِ، وأظهَرَ أنَّه أحيَا عِدَّةً مِن الطَّيرِ، وكان ذلك بمَعرفتِه اسمَ اللهِ الأعظَمَ كما روى الرِّفاعيُّ». ورَوَوا عنه أنَّه كان مُمارِسًا للسِّحرِ والنِّيرنْجاتِ). والنيرنجات: كَلمةٌ أصْلُها فارسيٌّ، وهي مِن طَلاسِمِ السَّحَرةِ.
آراءُ العلماءِ وأهلِ التاريخِ والتراجِم في الحَلَّاجِ:
1- قال ابنُ النَّديمِ (ت: 380) في كِتابِه ((الفِهْرست)) (ص: 236): (يدَّعي عِند أصحابِه الإلهيَّةَ، ويقولُ بالحلولِ، ويُظهِرُ مَذاهبَ الشِّيعةِ للملوكِ، ومذاهبَ الصُّوفيَّةِ للعامَّةِ، وفي تَضاعيفِ ذلك يدَّعي أنَّ الإلهيَّةَ قد حلَّت فيه، وأنَّه هو هو، تعالى اللهُ وجَلَّ وتَقدَّس عمَّا يقولُ هؤلاء عُلوًّا كبيرًا).
2- وقال ابنُ مسْكُوَيْه (ت: 421) في كِتابِه ((تَجارِب الأُمَم)) (5/ 86): (ظهَرَ عنه بالأهوازِ وبمدينة السلامِ: أنَّه ادَّعى أنَّه إلهٌ، وأنَّه يقولُ بحُلولِ اللَّاهوتِ).
3- وقال عبدُ القاهرِ البغداديُّ (ت: 429) في كِتابِه ((الفرْق بين الفِرَق)) (ص: 248): (ظَفِروا بكُتبِ أتباعِه إليه؛ وفيها: يا ذاتَ الذاتِ، ومُنْتهى غايةِ الشَّهواتِ، نَشهَدُ أنَّك المتصوِّرُ في كلِّ زَمانٍ بصُورةٍ، وفي زَمانِنا هذا بصُورةِ الحُسَين بنِ مَنصورٍ، ونحن نَستجيرُ لك ونَرْجو رَحمتَك يا علَّامَ الغيوبِ).
4- وقال أبو حامد الغزاليُّ (ت: 505) في كِتابه ((فَضائح الباطنيَّة)) (ص: 109) عن الحَلَّاجِ: (كان يقولُ: أنا الحقُّ، أنا الحقُّ، وكان يَقرَأُ في وقْتِ الصَّلْبِ: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157]).
5- ونقَل عنه في كِتابِ ((الرَّد الجَميل)) (ص: 68) أنه قال: (أنا اللهُ، وما في الجُبَّةِ إلا اللهُ).
6- وذكَرَ ابنُ الجَوزيِّ (ت: 597) في ((تَلْبيس إبليسَ)) (ص: 171 ) أنه كان يقولُ عن القرآنِ: (بإمْكاني أنْ أُؤلِّفَ مِثلَه). وقد تقدَّم نَحوُه.
7- وقال ابنُ أنجبَ السَّاعي (ت: 674) في كِتابه ((أخبار الحَلَّاج)) (ص: 77 ): (عن عُثمانَ بنِ مُعاويةَ أنَّه قال: بات الحَلَّاج في جامعِ دِينَورَ ومعه جماعةٌ، فسَأله واحدٌ منهم، وقال: يا شيخُ، ما تقولُ فيما قال فِرعونُ؟ قال: كَلمةُ حَقٍّ، فقال: ما تقولُ فيما قال مُوسى؟ قال: كَلِمةُ حقٍّ؛ لأنَّهما كَلِمتانِ جَرَتَا في الأبدِ كما جَرَتَا في الأزَلِ).
8- وجاء في ((تاريخ الإسلام)) للذَّهبيِّ (ت: 748) (7/ 20) –بتصرُّف يسيرٍ-: (ذكَرَ ابنُ حَوقَلٍ: أنَّ الحَلَّاج زعَمَ أنه حلَّ فيه رُوحُ اللهِ الذي كان منه إلى عِيسى ابنِ مَريمَ عليه السلامُ، وزعَمَ أنه كان يقولُ للشَّيءِ: كُنْ، فيَكون).
حُكمُ العُلماءِ والفُقهاءِ على الحَلَّاجِ:
حَكَم عليه بالكُفرِ والزَّندقةِ والشَّعبذةِ عددٌ كبيرٌ مِن العُلماءِ؛ منهم:
1- القاضي عِياضٌ المالِكيُّ في ((الشِّفا بتَعريف حُقوقِ المصطفى)) (ص: 865) بقولِه: (أجمَعَ فُقهاءُ بغدادَ أيَّامَ المقتدِرِ مِن المالكيَّةِ، وقاضي قُضاتِها أبو عُمرَ المالكيُّ على قتْلِ الحَلَّاج وصَلْبِه؛ لِدَعواه الإلهيَّةَ، والقولِ بالحُلولِ، وقولِه: أنا الحقُّ).
2- وقال ابنُ الجَوزيِّ الحَنبليُّ في ((المنتظم)) (8/ 276): (قُتِلَ بإجماعِ فُقهاءِ عَصْرِه، وأصابوا في ذلك).
وقال في ((تَلبيس إبلِيس)) (ص: 154): (اتَّفَقَ عُلماءُ العصْرِ على إباحةِ دَمِ الحَلَّاجِ، فأوَّلُ مَن قال: إنَّه حلالُ الدَّمِ أبو عمرٍو القاضي، ووافَقَه العلماءُ... والإجماعُ دَليلٌ مَعصومٌ مِن الخطأِ).
3- وقال ابنُ تَيميَّةَ في ((جامع المسائل- المجموعة الرابعة)) (ص: 384) في سِياقِ فتوى له في حُكمِ مَن يُدافِعُ عن الحلَّاجِ: (قُتِل ظالِمًا غيرَ مَظلومٍ، وقُتِل على الزَّنْدقةِ التي تُعرِّف حالَه. وإنَّ الذي قالَه كُفرًا باطنًا وظاهرًا يُوجِبُ قتْلَه باتِّفاقِ أهلِ الإسلامِ عُلمائِهم وفُقرائِهم، ...، ولا يَنتصِرُ للحَلَّاجِ إلا جاهلٌ بحالِه، أو مُنافِقٌ عدوٌّ للهِ ورسولِه. واللهُ أعلَمُ).
وقال في ((مَجموع الفَتاوى)) (2/ 480): (مَن اعتقَدَ ما يَعتقِدُه الحَلَّاجُ مِن المقالاتِ التي قُتِل الحَلَّاجُ عليها، فهو كافرٌ مُرتَدٌّ باتِّفاقِ المسلمينَ؛ فإنَّ المسلمينَ إنَّما قَتَلوه على الحُلولِ والاتِّحادِ، ونحْوِ ذلك مِن مَقالاتِ أهْلِ الزَّنْدقةِ والإلحادِ، كقَولِه: أنا اللهُ، وقولِه: إلهٌ في السَّماءِ وإلهٌ في الأرضِ).
وقال في ((الفتاوى الكبرى)) (3/ 480 - 487): (الحَلَّاجُ قُتِلَ على الزَّنْدقةِ التي ثَبتَتْ عليه بإقرارِه، وبغَيرِ إقرارِه، والأمْرُ الذي ثبتَ عليه لما يُوجِبُ القتْلَ باتِّفاقِ المسلمينَ، ومَن قال: إنَّه قُتِلَ بغَيرِ حقٍّ فهو إمَّا منافقٌ مُلحِدٌ، وإمَّا جاهلٌ ضالٌّ. والذي قُتِلَ به: ما اسْتفاضَ عنه مِن أنواعِ الكُفرِ، وبعضُه يُوجِبُ قتْلَه، فضْلًا عن جَميعِه).
4- وقال الذَّهبيُّ في ((سِيَر أعلام النُّبلاء)) (14/ 314): (تَبرَّأَ منه سائرُ الصُّوفيَّةِ والمشايخِ والعلماءِ؛ لِما سَتَرى مِن سُوءِ سِيرتِه ومُروقِه، ومنهم مَن نَسَبَه إلى الحُلولِ، ومنهم مَن نسَبَهُ إلى الزَّنْدقةِ، وإلى الشَّعبذةِ)، وقال أيضًا (16/ 265): (قُتِل الحَلَّاجُ بسَيفِ الشَّرْعِ على الزَّنْدقةِ).
5- وقال مُغلطاي الحَنفيُّ في ((الإشارة إلى سِيرة المصطفى وتاريخ مَن بعْدَه من الخلفا)) (ص: 530): (الحَلَّاجُ الزِّنديقُ المدَّعي الرُّبوبيَّةَ).
6- وقال ابنُ كَثيرٍ الشَّافِعيُّ في ((البِداية والنِّهاية)) (11/ 153): (حُكِيَ عن غَيرِ واحدٍ مِن العُلماءِ والأئمَّةِ إجْماعُهم على قتْلِه، وأنَّه قُتِلَ كافرًا، وكان كافرًا مُمْخرِقًا مُموِّهًا مُشعبِذًا، وبهذا قال أكثرُ الصُّوفيَّةِ فيه)، وقال في مَوضعٍ آخَرَ (11/137): (قُتِل بإجماعِ الفُقهاءِ وأكثَرِ الصُّوفيَّةِ).
7- وقال ابنُ خَلدونَ في ((تاريخِه) (1/ 624): (أفتى الفُقهاءُ وأكابرُ المتصوِّفةِ بقتْلِ الحَلَّاجِ).
8- وقال ابنُ حَجَرٍ العسْقلانيُّ الشَّافِعيُّ عنه في ((نُزهة الألباب في الألقاب)) (1/ 206): (الصُّوفيُّ الذي قُتِلَ على الزَّنْدقةِ).
9- وقال الشَّوكاني ُّكما في ((الفتْح الرَّباني مِن فَتاوى الإمامِ الشَّوكاني)) (2/ 1000): (أمَّا الحَلَّاجُ فهو الفاتحُ لِبابِ الوَحدةِ الذي شَغَلَ بها ابنُ عَربيٍّ وأهلُ نِحلَتِه عُمرَه، ومُقدَّمُ القافلةِ في هذه المقالةِ الكُفريةِ، ولكنَّه وُجِدَ بعَصْرٍ في أهْلِه بقيَّةُ خَيرٍ وحميَّةٍ على الدِّين، فقَطَعوا أوصالَهُ الخَبيثةَ بصَوارمِ الإسلامِ، ومزَّقوا مَن اسْتَهْواهم بشَعابِذِه كلَّ مُمزَّقٍ؛ فجَزاهم اللهُ خيرًا).
هذا هو الحَلَّاج، وقد غَلت فيه فِئتانِ مِن الناسِ:
غَلا فيه بعضُ الصُّوفيَّةِ أصحابُ وَحدةِ الوُجودِ والحُلولِ، وعَدُّوا هذه الكُفريَّاتِ والخُزَعبِلاتِ مِن العِشْقِ الإلهيِّ، كذا يَزْعُمون!
وغَلا فيه -تَبعًا للمُستشْرِقين- بعضُ الكُتَّابِ والرُّوائيِّينَ العرَبِ الذين تَشرَّبوا التَّمرُّدَ على الدِّين، وعلى المجتمعاتِ والأوطان؛ باعتِبارِ أنَّ الحَلَّاج رمْزٌ لهم، وأنَّه قُتِلَ مَظلومًا على أيدي الحُكَّامِ المستبدِّينَ كما يَنعتُونَهم!
وقدْ نقَلَ غيرُ واحدٍ مِن العُلماءِ أنَّ الحَلَّاجَ كان مُتمرِّدًا مُتهوِّرًا، يَرومُ إفسادَ الدُّولِ وقلْبَ الشريعةِ؛ منهم ابنُ خِلِّكان في ((وفيات الأعيان)) (2/ 146) عن الجُويني في كِتابِه ((الشامل))؛ قال: (إنَّ هؤلاء الثلاثةَ -يعني الحَلَّاجَ، والجَنابيَّ، وابنَ المقفَّعِ- تَواصَوا على قلْبِ الدولةِ، والتَّعرُّضِ لإفسادِ المملكةِ، واسْتِعطافِ القُلوبِ واستِمالتِها، وارتادَ كلُّ واحدٍ منهم قُطرًا: أمَّا الجَنابيُّ فأكنافَ الأحساءِ، وابنُ المقفَّعِ تَوغَّلَ في أطرافِ بِلادِ التُّركِ، وارتادَ الحَلَّاجُ قُطرَ بَغدادَ)، إلا أنَّ ابن خِلِّكان استبعَد أن يكون ابن المقفَّعِ معهم.
وقال ابنُ النَّديمِ في ((الفهرست)) (ص: 236): (قرأْتُ بخطِّ أبي الحُسينِ عُبيدِ الله بنِ أحمدَ بن أبي طاهرٍ:... وكان جاهلًا مِقدامًا مُتهوِّرًا جَسورًا على السَّلاطينِ، مُرتكِبًا للعظائمِ، يَرومُ إقلابَ الدُّولِ).
لذلك نصَحَ الوزيرُ حامدٌ الخليفةَ العباسيَّ المقتدِرَ -كما ذكَرَ التَّنوخي في ((نشوار المحاضرة)) (1/ 164)- وقال له: (يا أميرَ المؤمنينَ، إنْ بقِيَ قلَبَ الشَّريعةَ، وارتدَّ خلْقٌ على يَدِه، وأدَّى ذلك إلى زَوالِ سُلطانِك).
ولعلَّه اتَّضحَ للقارِئِ الكريمِ أسبابُ عِناية أعداءِ الإسلامِ بغُلاةِ الصُّوفيَّةِ عُمومًا وبالحلَّاجِ على وَجهِ الخُصوص، ويُمكِنُ تلخيصُ ذلك في ثِلاثِ نِقاطٍ:
الأولى: إفسادُ عَقائدِهم وإبعادُهم عن عَقيدةِ الإسلامِ الصافيةِ النقيَّةِ مِن الشوائبِ والخُزعبِلاتِ والشَّعوذةِ.
الثانية: إخراجُهم مِن نُورِ الإسلامِ إلى ظُلماتِ الكُفرِ والإلحادِ، والحُلولِ والاتِّحادِ.
الثالثة: إثارةُ الفَوضَى وإيجادُ شرْخٍ بين المسلمين، بالتمرُّدِ على دِينِ اللهِ تعالى وشَرْعِه، وإحداثِ دِينٍ جديدٍ لا صِلةَ له بالإسلامِ، ولكنَّه محسوبٌ عليه.
وما زالَ بعضُ المسلِمينَ -بلْهَ عُلماءَهم- منذُ مَقتلِ الحلَّاجِ قبْلَ ما يَزيدُ على ألفِ عامٍ إلى يَومِنا هذا مُختلِفينَ فيه اختِلافًا بيِّنًا؛ يُضلِّلُ بعضُهم بعضًا فيه، رغمَ وُضوحِ فَسادِ عَقيدتِه، ولو لم يكُن مِن ثمرةٍ لأعداءِ الإسلامِ غيرُ هذه لكفَتْهم!
وفي الخِتامِ:
أختِمُ بما قالَه شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ، وشمْسُ الدِّين الذَّهبيُّ عن الحلَّاجِ وبيانِ ضَلالِه وزَندقتِه وكُفرِه الذي قُتِلَ بسَببِه، وعن اغترارِ بَعضِ الناسِ به، وتَوهُّمِهم أنَّه قُتِلَ مَظلومًا:
قال شَيخُ الإسلامِ في ((مجموع الفتاوى)) (8/ 316): ((مِن الناسِ مَن يُظهِرُ أنَّ الحَلَّاجَ قُتِل باجتهادٍ فِقهيٍّ يُخالِفُ الحقيقةَ الذَّوقيةَ التي عليها هؤلاء، وهذا ظنُّ كَثيرٍ مِن الناسِ، وليس كذلك؛ بل الذي قُتِل عليه إنَّما هو الكُفرُ، وقُتِل باتِّفاقِ الطائفتَينِ، مِثلُ: دَعواهُ أنَّه يَقدِرُ أنْ يُعارِضَ القرآنَ بخَيرٍ منه، ودَعواهُ أنَّه مَن فاتَهُ الحجُّ أنَّه يَبْني بيتًا يطوفُ به ويَتصدَّقُ بشَيءٍ قَدَّره، وذلك يُسقِطُ الحجَّ عنه. إلى أُمورٍ أُخرى تُوجِبُ الكُفرَ باتِّفاقِ المسلمينَ الذين يَشهَدون أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ: عُلَماؤهم، وعُبَّادُهم، وفُقهاؤُهم، وفُقراؤُهم، وصُوفيَّتُهم...)).
وقال الذَّهبيُّ في ((سِيَر أعلامِ النُّبلاء)) (14/ 345): (فتَدبَّرْ -يا عبدَ اللهِ- نِحلةَ الحَلَّاجِ الذي هو مِن رُؤوسِ القرامطةِ، ودُعاةِ الزَّنْدقةِ، وأنصِفْ، وتَورَّعْ، واتَّقِ ذلك، وحاسِبْ نفْسَك؛ فإنْ تَبرْهَنَ لك أنَّ شَمائلَ هذا المرْءِ شَمائلُ عَدوٍّ للإسلامِ، مُحِبٍّ للرِّئاسةِ، حَريصٍ على الظُّهورِ بباطلٍ وبحقٍّ، فتَبرَّأْ مِن نِحلَتِه. وإنْ تَبرْهَنَ لك -والعياذُ باللهِ- أنَّه كان -والحالةُ هذه- مُحِقًّا، هاديًا مَهْديًّا، فجَدِّدْ إسلامَك، واستَغِثْ بربِّك أنْ يُوفِّقَك للحقِّ، وأنْ يُثبِّتَ قلْبَك على دِينِه؛ فإنَّما الهُدى نُورٌ يَقذِفُه اللهُ في قلْبِ عَبْدِه المسلِمِ، ولا قوَّةَ إلا باللهِ).
وأخيرًا:
أيُّها القارئُ الكريمُ، عندما ترَى شخصيةَ الحلَّاجِ في هذا الزمانِ تُبرَزُ في مَوضِعِ القُدوةِ للأُمَّةِ الإسلاميَّةِ؛ فينبغي لك أنْ تتساءَل: هل عَلِمَ هؤلاء المتأخِّرونَ مِن أمْر الحلَّاجِ ما لم يَعلمْه مُعاصِروه، ولا علماءُ الأُمَّة، ولا الصوفيَّة، ولا المؤرِّخون؟ وهل سيَخلُصون إلى أقوالِه وحَقيقةِ فِكرِه من غيرِ طَريقِهم؟! ثم إنْ كانت هذه أقوالَه كما أوْقفناكَ على جُملةٍ منها، وعلى جُملةٍ من آراءِ العلماء وأهل التَّاريخ والتراجم فيها؛ فهلْ ستَقبَلُ أنْ يكونَ قُدوةً وموجِّهًا لك، ولأوْلادِك؟
ولا بدَّ أنْ تَعلمَ كذلك أنَّ مسالِكَ المُبطِلينَ في نشْرِ الفَسادِ ألَّا يُباحَ بكلِّ ما يتعلَّقُ به مِن مَفسدةٍ، ولكنْ تُعظَّمُ الجوانبُ الإيجابيَّةُ أو تُختلَقُ، ويُضافُ معها بعضُ المواقِف المُشكِلةِ، ثم يُحبَّبُ صاحبُها إلى الناسِ، وبعدَ ابتلاعِ الطُّعمِ يُمكِن للمُعجَبِ بالشخصيةِ أنْ يَستمرَّ معهم ليَدخُلَ في الضلالِ تدريجيًّا، حتى يَقبَلَ بما لم يكُنْ يَقْبَلُه مِن قبلُ، وحتى يَعقِلَ ما لم يكُن يَعقِلُه، والعاصمُ اللهُ!
وهكذا ترَى -أخي الكريمَ- مِثالًا وصفحةً مِن صَفحاتِ إبرازِ ما يَهدِمُ الدِّينَ باسمِ بعضِ المنتسبِينَ إليه كالحلَّاج، وعِنايةَ أعداءِ الإسلامِ بذلك.
وأنا أهمِسُ في أُذنك، ولعلَّه يصِلُ إلى قلبِك بأنَّ تأثيرَ تَحبيبِ الأشخاصِ إلى القُلوبِ مِن أوسعِ الأبوابِ لترويجِ الباطِلِ وتَحبيبِه للنُّفوسِ؛ ولذا فكما أنَّ الإسلامَ جاء بهَدْمِ معاني الباطِلِ؛ فكم تَضمَّنتْ نُصوصُه هدْمَ رُموزِ الباطِلِ والتحذيرَ منهم.
وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحْبِه أجمعينَ
(([1] من كتاب: ((عندما يكون العم سام ناسكًا)) لصالح حساب الغامدي (ص: 120-124) بتصرف.
([2]) كلُّ هذه النقولات من كتاب ((الأعمال الكاملة للحَلَّاجِ)) لقاسم محمَّد عبَّاس، الناشر رياض الريس، الطبعة الأولى 2002م. والمحقِّق باحثٌ ومثقَّف ورُوائي عراقيٌّ معاصِر، تُوفي عام 2018هـ، كان مهتمًّا بتحقيق كتُب المتصوِّفة أمثال: الحلَّاج والبسطامي وابن عربي والسهروردي، وغيرهم.
- التصنيف:
- المصدر: