بعض الأمور قد يضر العلم بها
ومن ذلك - فيما أظن - هذا الولع الشديد والتتبع الدقيق لعلامات ليلة القدر ، لا سيما ظهور الشمس لا شعاع لها ، والحرص على التقاط الصور من أماكن شتى ، ثم نشر ذلك بين الناس على نطاق واسع
بعض الأمور قد يضر العلم بها أكثر مما ينفع ، ويحدث أثرا عكس المقصود منه بالكلية ، وربما كان في إخفائها نفع للعباد ، ورحمة بهم ، وصلاح لدينهم وآخرتهم .
ومن ذلك - فيما أظن - هذا الولع الشديد والتتبع الدقيق لعلامات ليلة القدر ، لا سيما ظهور الشمس لا شعاع لها ، والحرص على التقاط الصور من أماكن شتى ، ثم نشر ذلك بين الناس على نطاق واسع ، والجزم – أو على الأقل الترجيح القوي – بأنها كانت ليلة كذا أو كذا ، ويزداد الأمر ضررا إذا حدث ذلك في ليلة من أوتار العشر الأولى ، وما زال في العشر ليال طيبات مباركات !!
ووجه الضرر أن من لم يقم تلك الليلة لن يجني سوى التحسر والندم ، وربما تكاسل عن باقي الليالي ، ومن قامها ربما ركن لقيامه وتواني عن طلب غيرها .
ومن طباع ابن آدم أنه ملول ، قليل الصبر ، يؤثر الراحة ، ويحب الاتكال ، ولا يطيق المداومة على فعل ما إلا إذا عظمت الدواعي ، و ضعفت الصوارف .
والمتأمل لنصوص الشريعة يجد أن من مقاصد إخفاء ليلة القدر وعدم تحديد أي ليلة هي على سبيل الجزم والتعيين : أن يجتهد المسلم في العشر جميعها وألا يقصر قيامه على ليلة واحدة ، ورحم الله الصحابي الجليل أبا المنذر أبي بن كعب والذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم ليهنك العلم أبا المنذر ، فإنه لما سئل عن ليلة القدر لم يخبر أي ليلة هي كراهية أن يتكل الناس .
وأبي رضي الله عنه مقتد في ذلك بنبيه صلى الله عليه وسلم الذي قال «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة»، فقال له معاذ بن جبل رضي الله عنه: ألا أبشر الناس؟ قال: «لا إني أخاف أن يتكلوا»
- التصنيف: