مسألة في الأصناف الجائز إخراجها في زكاة الفطر

منذ 2020-05-18

روى ابو سعيد الخدري رضي الله عنه قال:كُنَّا نُعْطِيهَا في زَمَانِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَاعًا مِن طَعَامٍ، أوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وجَاءَتِ السَّمْرَاءُ، قالَ: أُرَى مُدًّا مِن هذا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ. (رواه البخاري برقم ١٥٠٨).

مسألة في الأصناف الجائز إخراجها في زكاة الفطر

الحمد لله، أحق الحمد وأوفاه، والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه، محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد شرع الله زكاة الفطر في كتابه، فقد روي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كان يجعلها دالة على زكاة الفطر لقوله: 
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}. وهذه العبادة بينها - صلى الله عليه وسلم - إلا أن بعض المسائل تحتاج إلى توضيح بالرجوع إلى النصوص الشرعية وفهم أهل العلم.


وفي سنوات سلفت، دأب طلبة العلم على حث الناس على إخراج صدقة الفطر من الرز، مع أن الأصناف المشروعة متعددة، فقد روى ابو سعيد الخدري رضي الله عنه قال:كُنَّا نُعْطِيهَا في زَمَانِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَاعًا مِن طَعَامٍ، أوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وجَاءَتِ السَّمْرَاءُ، قالَ: أُرَى مُدًّا مِن هذا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ. رواه البخاري برقم ١٥٠٨.


وفي رواية لمسلم: : كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كانَ فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ، عن كُلِّ صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ، حُرٍّ، أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِن طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِن أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ علَى المِنْبَرِ، فَكانَ فِيما كَلَّمَ به النَّاسَ أَنْ قالَ: إنِّي أَرَى أنَّ مُدَّيْنِ مِن سَمْرَاءِ الشَّامِ، تَعْدِلُ صَاعًا مِن تَمْرٍ فأخَذَ النَّاسُ بذلكَ. قالَ أَبُو سَعِيدٍ: فأمَّا أَنَا فلا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كما كُنْتُ أُخْرِجُهُ، أَبَدًا ما عِشْتُ. رواه مسلم برقم ٩٨٥.


وفي البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَدَقَةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ علَى الصَّغِيرِ والكَبِيرِ، والحُرِّ والمَمْلُوكِ. رواه البخاري 2 / 138-140، ومسلم 2 / 677-678 برقم (984).
ونظرا لحاجة الفقير لتنوع الأطعمة بدلا من تكدس أكياس الرز عنده مما يجعله يبيع الكيس على المحلات بنصف ثمنها، فيقترح هذه السنة أن يخرج الناس صدقة الفطر من التمر أو البر أو الأنواع الأخرى المنصوص عليها بأمره ﷺ أو بإقراره والمقيس عليها مما يأكله الناس قوتا.


وقد ذهب بعض المفتين المعاصرين إلى عدم إجزاء بعض الأصناف الواردة في الحديث، وهو محل نظر، وفيه مخالفة لما ذكره أهل العلم. والواجب الالتزام بالأحاديث عنه عليه صلوات الله وسلامه، الذي قال عنه ربه تبارك وتعالى {وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يُوحى}. وقد قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله}، وقال الله سبحانه وتعالى (( «لقد كان لكم في رسول الله أُسْوةٌ حسنةٌ» ) الآية. وقال عز وجل {والسَّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والذين اتَّبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم}.

1- ففي فتوى اللجنة لسؤال من الجالية الإسلامية في فرنسا عن زكاة الفطر أجابت اللجنة بأن مقدار زكاة الفطر صاع من تمر أو شعير أو زبيب أو أقط أو طعام. الفتوى رقم (6364) بتوقيع المشايخ عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبدالعزيز بن باز. وفي فتوى أخرى عن إجزاء الأرز أفتت اللجنة بجوازه وأن المنصوص عليه يشمل نحوها من قوت البلد للشخص الواحد. الفتوى رقم (9386) بتوقيع المشايخ عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبدالعزيز بن باز

2- وسئلت اللجنة عن التمر فأجابت: لا حرج فيما دفعت من التمر لزكاة الفطر. الفتوى رقم (9154) بتوقيع المشايخ عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبدالعزيز بن باز

3- وفي فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله - : وله أن يخرجها من بر وشعير أو تمر أو زبيب أو أقط. 4/109.

4- بل قال – رحمه الله - : والأحوط الاقتصار على المذكورات، فإن لم توجد فبقية أقوات البلد سواها. ثم قال في موضع آخر: وفي المسألة قول بإجزاء قوت البلد، سواء كانت الخمسة موجودة وهو قول قوي، واختيار الشيخ ، (تقرير). 4/110.

5- وقال الشيخ ابن باز – رحمه الله - : ويلحق بهذه الأنواع في أصح أقوال العلماء كل ما يتقوت به الناس في بلادهم، كالأرز والذرة والدخن ونحوها، 14/32

6- وقال الشيخ ابن باز – رحمه الله - : الأرز قوت في المملكة وطعام طيب ونفيس، وهو أفضل من الشعير الذي جاء النص بإجزائه.14/201، وهذا يدل على إجزاء الشعير، ولكن لقلة من ينتفع به في بلادنا فضل الأرز عليه.

7- وقال الشيخ ابن باز – رحمه الله - : والواجب في ذلك صاع واحد من قوت البلد، من أرز أو بر أو تمر أو غيرها من قوت البلد. 14/203

8- وقال الشيخ ابن باز – رحمه الله - : وإذا أخرج المسلم من الطعام اليابس كالتمر اليابس والحنطة الجيد والأرز والزبيب اليابس والأقط بالكيل فهو أحوط من الوزن، وإذا كان قوت البلد من الذرة أو الدخن أو غيرهما من الحبوب المقتاتة كفى صاع من ذلك. 14/205

9- بخصوص إخراج الأرز والذرة والشعير والدخن ولو كانت باقية عليها قشرتها أفتي وقال الشيخ ابن باز – رحمه الله - : بأنه يجوز ذلك إذا كانت من قوت البلد في أصح قولي العلماء، لكن بعد التصفية من القشور لقول الله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم} ولأن ذلك أبرأ للذمة وأرفق بالفقير، إلا الشعير فإنه لا تجب تصفيته من قشره لما في ذلك من المشقة، لكن إذا أخرج من الأرز ونحوه من الحبوب التي الأصلح حفظها في قشرها ما يتحقق معه أنه أدى الواجب من الحب المصفى فإنه لا حرج في ذلك إن شاء الله، مراعاة لمصلحة المالك والفقير. 14/206.

10. وقال الشيخ ابن باز – رحمه الله - : قد يكون في البادية طائفة التمر أحب إليهم فيخرج الإنسان من التمر، وفي مكان آخر الزبيب أحب إليهم فيخرج الإنسان من الزبيب، وكذلك الأقط وغيره، فالأفضل في كل قوم ما هو أنفع لهم. فتاوى أركان الإسلام ص 435

11. وقال الشيخ العثيمين – رحمه الله - : الرز والبر والتمر والزبيب والأقط كله يجوز إخراج الزكاة منه لأنه طعام. فتاوى نور على الدرب 10/2.

12. وقد ذهب الشيخ العثيمين – رحمه الله – إلى أن الشعير إذا لم يعد قوتا فلا يخرج، وأما إن كان قوتاً فيخرج، ونقل عن الاستذكار لابن عبد البر 9/263: «وقال أشهب: سمعت مالكاً يقول: لا يؤدي الشعير إلا من هو أكله يؤده كما يأكله» . ا. هـ. 18/282

13. وقال الشيخ العثيمين – رحمه الله - :لو قدرنا أننا في منطقة لا يطعم أهلها إلا السمك هذا طعامهم، فهل يجزىء من السمك، نعم يجزىء، لأن العبرة بما كان طعاماً وهو يختلف باختلاف الأزمان، واختلاف الأحوال واختلاف البلدان. وعليه فالمدار على الطعام، وهذا جنس ما تخرج منه الفطرة. 18/558

14. وقال الشيخ الجبرين – رحمه الله - : وقد ذهب الأكثرون إلى أنها لا تخرج إلا من الأصناف الخمسة المذكورة، وهي: الطعام، أي: البر كما ورد مفسراً في بعض الروايات، والشعير، والتمر، والزبيب، والأٌقط؛ لأنها الأقوات المعتادة لغالب الناس، ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية جواز إخراجها من غالب قوت البلد، ومنه الأرز والذرة والدخن إذا غلب أكلها في إحدى الجهات، وهو الأقرب إن شاء الله تعالى. 32/2.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

______________________________________________
المصدر: موقع صيد الفوائد

  • 2
  • 1
  • 5,572

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً