النَّسوِيَّاتُ خَطرٌ يُهدِّدُ مُجتَمَعَنَا
فقد نشأت الحركة النسوية في الغرب قبل أكثر من قرن وتعريفها هي الاعتراف بأن للمرأة حقوقا وفرصا مساوية للرجل وقد كانت في الأساس تهدف إلى منح المرأة الحقوق الأساسية من التعليم والعمل التي حرمت منها في المجتمع الغربي قبل الثورة الصناعية..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد نشأت الحركة النسوية في الغرب قبل أكثر من قرن وتعريفها هي الاعتراف بأن للمرأة حقوقا وفرصا مساوية للرجل وقد كانت في الأساس تهدف إلى منح المرأة الحقوق الأساسية من التعليم والعمل التي حرمت منها في المجتمع الغربي قبل الثورة الصناعية ثم تطورت فكرتها إلى المطالبة بالمساواة بالرجل في جميع الحقوق السياسية والاقتصادية والجنسية والفكرية ومماثلته في كل شيء.
ثم تسللت هذه الحركة إلى المجتمعات العربية إبان الاستعمار وحققت مكاسب خطيرة من نشر الثقافة الغربية وضعف الولاء للإسلام ونزع الحجاب وانتشار الانحلال والتشكيك في الثوابت الدينية والهجوم على القدوات الحسنة في المجتمع الإسلامي تحت شعار العمل الحقوقي والنشاط الاجتماعي وكان ذلك عن طريق إنشاء الجمعيات النسوية ورسالة الفن الهابط والحركات الماسونية. وقد نصح العلماء الربانيون الأمة في تلك الفترة قال العلامة المحدث أحمد شاكر: (نريد أن نحفظ أعراض المسلمين. وأن نحارب ما أحدث (النسوان) وأنصار (النسوان) من منكرات الإباحية والمجون والفجور والدعارة، هؤلاء (النسوان) اللائي ليسن لهن رجال، إلا رجالاً (يشبهن) الرجال!! هذه الحركة النسائية الماجنة، التي يتزعمها المجددون وأشباه المجددين، والمخنثون من الرجال، والمترجلات من النساء، التي يهدمون بها كل خلق كريم، يتسابق أولئك وهؤلاء إلى الشهوات، وإلى الشهوات فقط).
وحركة إسقاط الولاية من قبل النسويات مما شاع في الفترة الأخيرة عبر قنوات التواصل تعني باختصار التحرر الجنسي والتمرد على عادات المجتمع وعقوق الآباء وحرية الإلحاد ونبذ الدين والانحلال عن أحكام الشرع والنتيجة هي تفكك الأسرة وذهاب الحاضنة الاجتماعية وفساد المجتمع والثورة على الوطن. وهذا هو دأب الزنادقة في كل زمان يقدحون في وجود الخالق ويطعنون في الشرائع وينشرون الإباحية قال ابن قدامة المقدسي: (الزنديق هو الذي يظهر الإسلام ويستسر بالكفر وهو المنافق كان يسمى في عصر النبي صلى الله عليه وسلم منافقا ويسمى اليوم زنديقا).
ومن تأمل في سلوك النسويات وارتفاع الأصوات وكثرة الدعوات علم أن هناك أجندة خفية تشجع هذا التيار من قوى غربية وأبواق مأجورة وكثير من الأسماء السعودية المستعارة هي شخصيات وهمية تدار من الخارج وهدفهم الرئيس إسقاط الدين والوطن.
والفكر النسوي سلاح فتاك يستعمله الغرب للقضاء على لحمة المجتمعات الإسلامية وإشاعة الفوضى والانحلال الخلقي تحت شعار حقوق المرأة ونبذ العنف. ودعم الإعلام الغربي للنسويات الثائرات على أنظمة الدولة السعودية زائرات السفارات من الشواهد على رعاية الغرب للنسويات ودعمهن في الوقت الذي لا تجد السعوديات المتفوقات حفاوة وتعظيم من قبل الغرب في مستوى الفريق الأول لأنهن لم يخرجن عن الولاء للوطن والدين.
وأما قصة الفتاة الملحدة الهاربة إلى تايلند وتبني دولة كندا لحمايتها ولجوئها وحفاوة رئيسة الوزراء في استقبالها وإبرازها في الإعلام إنما فعلوا ذلك لإظهار صورة اضطهاد واحتقار وتعنيف المرأة السعودية أمام العالم وهذا من أظهر الأدلة على هذا المشروع التغريبي الناقم على استقرار المملكة وتطبيقها للشريعة وهجماتهم الإعلامية قوية ومؤثرة لإن إعلامهم مهتم بتحقيق مبادئهم وأفكارهم.
وما حصل في الآونة الأخيرة من مطالبة رموز النسويات بإسقاط الولاية والهجمة الشرسة على الثوابت وهروب الفتيات لبلاد الكفار وإعلانهم الإلحاد لم يكن وليد الصدفة وإنما كان نتيجة عمل سنوات وجهد ممنهج وتخطيط ماكر قال تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
ويكذب الغرب ويدلس حين يهاجم الدولة السعودية ويتشدق بحقوق المرأة لأن واقع المرأة مؤلم في العالم الغربي في كثير من الصور بل حتى في أجور العمل مظلومة ومعدلات العنف الواقع على المرأة بكل صوره في ازدياد وأعظم الإحصائيات دونت في بلادهم وكثير من المشردات عندهم يتوسدن الطرقات لم يجدن رعاية بل كثير من ملايين نساء العالم المعنفات المضطهدات في الحروب والكوارث لم يجدن عناية من الدول الغربية وأقرب مثال ماتعانيه المرأة السورية في الفترة الراهنة وإنما مقصودهم في تهجمهم على دولتنا إسقاط أحكام الشريعة وتغريب بنات المسلمين والكيد لبلادنا لزعزعة قبلة المسلمين ومن طمست بصيرته لا ينتفع بالمواعظ والحقائق قال تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.
والحركة النسوية قائمة على الفكر الليبرالي وهو الحرية المطلقة للمرأة في جميع الممارسات ومساواتها مع الرجل في كل الحقوق وهذه الفكرة تناقض مبدأ العبودية لله والاستسلام لشرعه والانقياد له بالطاعة بفعل أوامره واجتناب نواهيه قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}. والمرأة التي تريد الحرية التي لا ضابط لها إلا القانون الوضعي فهذه متمردة على شرع الله لأنها تريد حكم الجاهلية. تقول إحدى النسويات: (الحرية الجنسية أساس من أسس الحركة الحقوقية النسوية ولا نخجل من ذلك ولا نخفيه بل نعلنه بقوة لن يقيدنا أحد بالكلمات ولا بالقوانين وبالتهديات والقتل نحن هنا حرائر فكريا وجنسيا).
والفكر النسوي مضاد للمبادئ الإسلامية التي أنزلها الله في كتابه وأخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم من التفريق بين الرجل والمرأة في الأحكام الشرعية والتمييز بين الجنسين في الخصائص فكل جنس له حقوق تلائم طبيعته ووظائفه وقد منح الشارع الرجل صلاحيات لتحقيق المصلحة وحفظ الحقوق كما في قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}. وقوله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}. وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}. وقوله تعالى: {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}. وقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ}. والأحاديث الصحيحة الواردة في هذا المعنى كثيرة.
ولذلك تصرح بعض النسويات فتقول: (النسوية والإسلام ما يحتمعون لمجرد كون النسوية هي المساواة بالحقوق والإسلام يفضل الذكر بأكثر من آية ويستنقص من المرأة ويأمر بضربها). وتقول أخرى: (قولي كيف تصلي المرأة لإله احتقر المرأة). وتقول أخرى: (مناهج التعليم تهين المرأة ويعود الفضل في ذلك طبعا للقرآن والأحاديث). وتقول أخرى مبررة للهجرة لنيل الحرية ولو كان على حساب العرض: (تمارس الدعارة ولا تقعد مستعبدة بالإسلام الذي يكذب عليها أنه مكرمها وقبيلة تقتلها إذا كشفت وجهها بس).
ومن أبشع أساليب النسويات لعن الرجال وتشويه صورتهم في أذهان المراهقات وتحطيم القدوة في حياتهن وتخوين أولياء الأمور عن طريق سرد قصص التعنيف وإبراز التناقضات وتوجيه الإشارات السلبية لعلماء الدين مع لمحات من الاستهزاء بالنصوص الدينية حتى تتكون حالة التمرد لدى الفتاة وتتشكل شخصيتها المنحرفة فتثور على دين ربها وتنزع طاعة ولي أمرها وتتمرد على أسرتها.
ومن رسائلهم الماجنة التشنيع على الزواج ورفضه بالكلية وتفسيره بالعبودية والذل للمرأة وإقناع البنات أن هذا المشروع مبني على العنصرية الذكورية والتأكيد على فشله وأنه سجن يقيد الحريات ويكبت المشاعر ويكرس الظلم الذكوري ويسخر المرأة خادمة وآلة للولادة تقول إحدى النسويات: (الزواج مقبرة والتي ستُدفن فيه طيلة حياتها هي المرأة). وتقول أخرى تائهة: (الزواج أفشل رابطه في الحياه خصوصا عندنا ونهايتها غالبا مأساوية للمرأه فما أتوقع وحده واعيه وبرغبتها بدون ضغط رح تتزوج بمجتمع ما كفل لها حقوقها البديهية وبخليها تتنقل زي العبيد بين الرجال من أبوها وأخوها لزوجها للقبر!). وتقول ثالثة: (طبعا نرفض وبقوة لأن الزواج عندنا قائم على قدسية الزوج بإعتبار أن الزوج لوحدة رب الاُسرة من دون الزوجة والزوجة أداة للإنجاب ولخدمة الزوج فقط !). وهذا الفكرة بيئة خصبة للانحلال الجنسي والعلاقات الغير مشروعة لأن حاجة الأنثى للجنس والإشباع العاطفي والمودة أمر فطري إن لم تحققه في العلاقة الشرعية بحثت عنه في العلاقات المحرمة لأنها ترى ذلك من أساس الحرية ومن أغلق على نفسه باب الحلال فتح عليها باب الحرام ولذلك شرعن النسويات العلاقات الشاذة بديلا عن الزواج نعوذ بالله من انتكاس الفطرة وسفاهة العقل.
ومن أغاليطهن الساذجة التي يروجونها بين الأغبياء ربطهن الرئيس بين الولاية والعنف ومعلوم أن العنف يقع على المرأة في جميع الأحوال حتى خارج العلاقات الشرعية وكثير من حالات العنف واقعة في المجتمعات العلمانية التي لا تؤمن بنظام الولاية وتعمل بقانون المساواة المطلقة بين الجنسين ومن تتبع حالات الاغتصاب والقتل للنساء في الغرب أيقن هذه الحقيقة. ووجود العنف في مجتمعنا حقيقة لا يمكن إنكارها لكنها ليست ظاهرة في مجتمعنا كما هو الحال في الغرب وكثير من القصص مفتعلة من قبل النسويات وقد لا تصنف من التعنيف أصلا وهذا العنف لا يرجع إلى فشل أحكام الشرع وإنما يرجع إلى التقصير وسوء المعاملة من بعض الرجال وضعف بعض الإجراءات الإدارية وقلة وعي المرأة في التمسك بحقوقها فليس الحل في إلغاء الولاية الشرعية وتعطيل الشريعة التي بنيت على تحقيق المصالح العامة وإنما الحل هو تطوير الأنظمة الرادعة التي تكفل حق المرأة فيما لا يتنافى مع الشرع ويرفع عنها الظلم وتكثيف الوعي لدى المرأة وتبصيرها بحقوقها الشرعية والحفاظ عليها.
ومن الأفكار السوداء لدى النسويات تفسير أي تصرف فردي أو جماعي مخالف لرغبة المرأة بأنه إهانة واستعباد للمرأة وعنف والتحسس من كل موقف تجاه المرأة فليس للأب الكفء مثلا منع ابنته من أي نشاط من زيارة أو سفر أو عمل لمصلحة الحفاظ عليها وليس للأخ رعاية أخته ومناقشتها في تصرفاتها الخارجة عن العرف المعتبر وليس للزوج منع زوجته من الخروج من المنزل مطلقا وليس له حق في الإذن لها بالخروج أو السفر أو المشاركة في أنشطة تؤثر على مسؤليتها في رعاية الزوج والأولاد وهكذا كل تصرف عندهم يفسرونه بأنه استعباد واحتقار وإهانة وتعنيف للمرأة وهذا تفسير مخالف للإسلام موافق للمبدأ الغربي.
وللفكر النسوي المنحرف عن جادة الإسلام روافد كثيرة وعوامل مؤثرة في مجتمعنا من أهمها القنوات الهابطة التي تغرب النشئ وتمسخ هويته الإسلامية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تدار في الغالب من قبل تافهين لا يحملون محتوى مفيد وقد يرسلون للفتيات رسائل سلبية وبيئة التعليم التي فقدت روح التربية وأصبح المعلم فيها ضعيف التأثير ولكن أخطر مصدر يهدد بناتنا هو القدوات السيئة التي تلمع الأنموذج الغربي وتبث ثقافة الحرية الغربية وتكرس مظلومية المرأة وسطوة المجتمع الذكوري على النساء. ولا ننسى دور الأسرة السلبي الذي فقد فيه التواصل والحوار والتناصح والتواصي بالخير بكلمة حانية فقد شكل بيئة خصبة للانحراف والهروب الروحي من محيط الأسرة حتى أصبح كثير من البنات ارتباطهم الروحي مع صاحباتهن قوي جدا مع فتور العلاقة بالوالدين ومع ضعف الرقابة الأسرية قد تقع البنت ضحية في بيئة سيئة فكريا وسلوكيا وتختطف من شياطين الإنس فتنحرف وتكون عدوة لأهلها ودينها.
ومن سمات الفكر النسوي الضال التهوين من انحرافات الآخرين العقدية والسلوكية فتجد المتحدث يحترم إلحاد الشخص الآخر أو انحلاله الجنسي أو شذوذه ويصرح ويقول هي حياته الشخصية وهو حر لا يحق لي انتقاده وإن كنت أخالفه وهذا رضا بالرذيلة وسكوت عن المنكر وهو من صفات المنافقين قال تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ}.
ومن أخطر رسائل النسويات وأشد إفسادهن بنساء المسلمين تحريض المرأة على التمرد على قوامة الرجل والثورة على الرجال ونعته بالقذر والكاذب والمستبد والتعامل معه بالندية ومخاطبته بلغة القوة والانتقام وقد لعبت الروائيات النسويات دورا رئيسيا في هذا الأمر وأصبحن مصدر إلهام للنساء عن طريق حكاية القصص والمشاهد التي تكرس ظلم الرجل وخيانته وبراءة المرأة وصدق عاطفتها.
والمرأة النسوية التي تزعم أنها متمسكة بالإسلام وهي تطالب بإسقاط الولاية والتعدد والإرث والحرية في الحجاب والاختلاط و.... هي متناقضة وانتقائية في الفكر والمنهج لأن المسلمة حقا لا تعترض على أحكام الشريعة وترضى بحكم الله وتسلم به قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}. وهي في الحقيقة لم تلتزم المنهج الرسمي للحركة النسوية لأنها تختزل الحرية في أمور معينة وتتقيد في أمور أخرى بالدين أو العرف أو النظام بالتشهي واتباع الهوى.
وهناك طائفة منهن متسترات بالإسلام يقمن بدور خطير مضلل في قراءة المصادر الإسلامية وتفسير النصوص الدينية بناء على التفسير السياسي والتاريخي والعقلي فيبطلون الأحكام الشرعية الثابتة في القرآن والسنة والإجماع وآثار الصحابة ويردون فقه الأئمة الأخيار بحجة أنها تفاسير وشروح ذكورية قامت على اضطهاد الفقهاء واحتقارهم للمرأة فيقومون بعملية رد النصوص عن طريق تحريف معاني القرآن والطعن في رواة الحديث ومعانيه كما صنعوا في رد حديث: (لن يفلح قوم). وغيره من النصوص التي وردت مخالفة لأهوائهم ومبادئهم. ولكل فريضة شرعية عندهم لها تفسير منحرف يبطلها فالحجاب لم يأت توصيفه في القرآن والمراد به ستر العورة المغلظة أو الاحتشام على حسب العرف وهو عادة اجتماعية في مجتمع ذكوري عربي, والنقاب عادة يهودية، والتعدد شرع للتكافل الاجتماعي وكان أمرا طارئا، والحديث الوارد في الولاية العامة لا يثبت، وتنصيف الإرث للمرأة كان على حسب ظرفها الاجتماعي والتاريخي، وتنصيف دية المرأة من دية الرجل باطل لم يرد في القرآن، وشهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل هذا خاص بحال المرأة في الزمن الأول ووضعها الاجتماعي حيث لم تكن تشارك في المعاملات الاقتصادية، وهكذا يعطلون أحكام الشريعة اتباعا للهوى وتأثرا بأطروحات المستشرقين الذين يشككون في مسلمات الدين وكثير منهم تلقوا تعليمهم وتمت برمجتهم في جامعات الغرب قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}. وهؤلاء يصدق فيهم قول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (وإنكم ستجدون أقواما يزعمون أنهم يدعونكم إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم فعليكم بالعلم وإياكم والتبدع وإياكم والتنطع وإياكم والتعمق وعليكم بالعتيق). وقال شيخنا عبد العزيز ابن باز: (وقد أجمع العلماء كافة على أنه لا يجوز لأحد التكذيب بشيء مما أنزل الله أو دفعه، وعدم الرضى به أو العدول عما شرع، وذكروا أن ذلك كفر صريح، وردة عن الإسلام؛ لما سبق من الأدلة، ولقوله سبحانه في هذا المعنى: {ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}. ولو اطمأنت قلوبهم بالإيمان وصدقوا نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وتبرأوا من شرور أنفسهم وطاعة الشيطان لقالوا سمعنا وأطعنا.
ورد النصوص الشرعية والفرائض المحفوطة بالرأي العقلي وسيلة شيطانية استعملها قديما أهل البدع كما ورد في الصحيحين عن معاذة قالت: سألت عائشة: (فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة. فقالت: أحرورية أنت. قلت: لست بحرورية ولكني أسأل. قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة). فأمنا عائشة رضي الله عنها أنكرت الاعتراض على السنة وبينت أن هذا مسلك الخوارج الذين يعملون بظاهر القرآن وينكرون السنة اعتمادا على عقولهم الفاسدة وأفهامهم القاصرة.
ومن المراوغة والخداع من بعض النسويات تعويم الخطاب بحيث تقرر أن النسوية تيار عام يدخل فيه العلماني والإسلامي واللاديني و....ثم تنكر بشدة محاربة هذا المصطلح ونبذ هذا التيار ومحاكمته للنصوص الدينية وتقرر أنها محافظة ملتزمة بالقيم ثم تناقض نفسها وتقول أن كل إنسان حر في اختيار حياته ومبادئة الفكرية والجنسية وله حق الاختيار وليس لأحد أن ينكر عليه ويصادر حقوقه الشخصية وهذه الفكرة مناقضة للإسلام ولا يمكن أن يكون معتنقها سائرا على منهج النبي صلى الله عليه وسلم الذي ربانا على وجوب النصيحة للمسلم وإنكار الباطل والغيرة على الحرمات وتعظيم الشعائر كما روت أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: (ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم بها لله). متفق عليه.
وسلوك المرأة في الغرب في حريتها الدينية والجنسية والحقوقية وتساويها مع الرجل في جميع الأمور هذا هو المفهوم الكامل والتفسير الصحيح للحركة النسوية فهي تقيم وتسافر وتمارس الجنس على حسب رغبتها وتختار ما تشاء من الفكر الديني أو تنبذ الأديان وتؤمن بشرعية الإلحاد وحقوق المثليين وتعيش مستقلة بكامل حريتها تقول الناشطة النسوية الأمريكية تي جريس أتكينسون: (لو كانت النسوية النظرية فالسحاق هو التطبيق). وتقول كاثرين هيبورن الأمريكية: (لم أعش كامرأة بل عشت كرجل أقدمت على فعل ما أريد وجنيت ما يكفي من المال لأدعم نفسي ولا أخاف من أكون وحيدة).
والمتأمل في طرح وثقافة أشهر النسويات العربيات يجد أنهن سارن على المنهج الغربي في الطعن في أحكام الشريعة من إنكار التعدد وإرث المرأة وديتها وعصمة الطلاق وإسقاط الولاية العامة والخاصة للرجل والدعوة إلى التبرج والاختلاط وإنكار حد الردة و...كنوال السعداوي وفاطمة المرنيسي ومنجية السوايحي وأحلام مستغانمي وغيرهن وقد استخدمهن الغرب في تشويه مفهوم الإسلام الصحيح في نفوس الجيل وزعزعة الثوابت. وإذا وجدت الغرب يثني على امرأة في نشاطها الاجتماعي والحقوقي ويمنحها الجوائز فاعلم أنها تسير على منهجهم وتنافح عن أفكارهم بامتياز تقول نوال السعداوي: (إن الزواج في مجتمعنا أصبح نوعا من البغاء المقنع لأن الفتاة لا تتزوج برجل تريده وتحبه فتكون العلاقة بينهما شريفة). وتقول نوال أيضا في دفاعها عن المثليين: (لم نتربى على حرية الجنس والعلاقات الجنسية شخصية). وتقول أيضا في التعدد: (إن تعدد الزوجات ليس حلا إنسانيا وأن الأديان التي تبيح تعدد الزوجات هي أديان نشأت في مجتمع طبقي أبوي عبودي لتتساءل لماذا نفرق بين الرجل والمرأة).
وتقول فاطمة المرنيسي: (الحجاب أداة لاستعباد المرأة وتقزيم لدورها الاجتماعي والسياسي وهو أكبر عائق أمام مشاركة النساء في الحياة الفاعلة). وتقول فاطمة أيضا: (وحيث يرى الله أن المرأة عنصر هدام فيقتضي الأمر عزلها مكانيا وإبعادها عن كل الأمور باستثناء تلك الخاصة بالأسرة). وأما إلحاد النسويات وطعنهن في الشرائع واستخفافهن بالشعائر وإسائتهن بالذات الإلهية ومقام النبوة فمشهور يطوى ولا يروى لخبثه ولا حاجة لذكره تنزيها لأسماع المؤمنين والمؤمنات.
وبعض النساء المغيبات تنتسب للفكر النسوي وهي لم تلتزم الخط الرسمي لهذه الحركة ولم تدرك حقيقة هذا التيار الفكري الخارج عن الإسلام فلا تجهر بحرية الإلحاد ولا تنصر قضية المثليين الجنسية وتظن أنها على الحق وهي بلا شك أسائت لنفسها في انتسابها للباطل وهي تخدم هذا التيار حين ترفع شعارهم وتكثر سوادهم ولو لم تشعر بذلك وتفرق جماعة المسلمين والواجب عليها التوبة عن الانتساب لطريق الشيطان والرجوع إلى طريق الرحمن واستعمال الألفاظ الشرعية الصحيحة للمطالبة بحقوقها والتميز عن أهل الباطل تقول إحدى النسويات وهي ترد على امرأة تنتسب للنسوية وتنكر المثلية الجنسية: (حبيبتي إنتي شلون نسوية وضد المثليين ؟ يبيلك تراجعين النظرية من أول وجديد). وتقول نسوية أخرى: (الأخوات الحقوقيات المسلمات اللي يرفضون تقبل الملحدين والمثليين وهم ما سببوا لهم أي ضرر بحجة أننا مجتمع مسلم مدري ايش شفتوا من المجتمع المسلم غير القمع والاضطهاد والتهميش والتقليل وعدم الاحترام والعنف والسب والقذف باقي بس يدفنونكم أحياء رغم ذلك متعايشين مع كل هذا الخراء).
ولا يوجد في الإسلام نسوية ولا إسقاط ولاية ولا تطوير وتغيير للأحكام الشرعية ولا لبرالية إسلامية فكل هذه الأفكار دخيلة على ديننا وإنما الذي جاء في شريعتنا هو احترام حقوق المرأة الشرعية ورفع الظلم عنها وقد وردت نصوص كثيرة في هذا الحق الموروث وقد أوصانا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم باحترام المرأة وحفظ كرامتها فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا» (متفق عليه). وقد ورد في الصحيحين عن عبد الله بن زمعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم». وفي مسند أحمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة». ومعناه أضيق على الرجال تضييع حقوق المرأة وحقوق اليتيم وأشدد عليهم في ذلك. وقد سبقنا الكفار بهذا العدل منذ زمن بعيد في سائر حقوق الإنسان وحقوق الحيوان.
ومطالبة المرأة بحقها ورفع الظلم عنها وحمايتها من العنف حق مشروع لها في الدين وفي أنظمة بلادنا المباركة ولا يلومها أحد على ذلك إذا كانت معها بينة وقد كان النساء يترافعن للنبي صلى الله عليه وسلم لينصفهن ممن ظلمهن ويرد لهن حقهن المسلوب. أما أن تطالب المرأة بحرية الغرب وتثور على هيمنة الشريعة والآداب العامة وتحرض على الأنظمة وتلعن الرجال وتقدح في المجتمع المسلم وتتظاهر بالمظلومية في أمور جاء بها الشرع فهذا مسلك شاذ مخالف لدين الإسلام خارج عن الأدب يسير وراء سراب الحرية الزائفة.
ووقوع الظلم على المرأة وامتهان كرامتها في صورة من الصور لا يسوغ لها بحال أن تتخلى عن دينها أو تسيء الظن بربها أو تعارض حكما شرعيا أو تعمم الذم والانتقاص والكراهية على جميع الرجال فليس ذلك من الحكمة والعدل وستخسر آخرتها ومهما استمعت بحريتها فالحياة قصيرة والنهاية مؤلمة ومستحيل هذا السلوك يصدر عن امرأة تؤمن باليوم الآخر والحساب والجنة والنار.
وفي قصة الفتاة التي ألحدت وهربت من بلاد المسلمين وآثرت بلاد الكفار وجعلت تطعن في بلادها عبرة وعظة وشاهد على صحة دعوة علمائنا الكبار حين كانوا يحذرون المسلمين منذ عقود من تقليد الكفار والانفتان بثقافتهم وترك النشء يتلقى عنهم بلا رقيب وضوابط مما يزين لهم الانحراف الفكري والأخلاقي وقد وقع هذا وظهرت نبتة الإلحاد في جيلنا وقد كانت العامة تنكر حدوث هذا لغفلتهم وضعف بصيرتهم.
وأخيرا هذا التيار الفكري خطير ويهدد أمن المجتمع ويهدد ثقافة بناتنا وهو كالسرطان ينتشر في أوساط المراهقات بصورة سريعة لا سيما عند ضعف الوازع الديني وضعف التربية الاجتماعية وغياب الرقيب وإذا سقطت الأسرة ضعفت البنية الداخلية وقل الولاء للوطن وتفككت اللحمة بين المجتمع وكانت العاقبة وخيمة.
وأسال الله العظيم أن يحفظ ديننا وبلادنا وأمننا وولاتنا وعلمائنا ويقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن ويوفق أبنائنا وبناتنا لكل ما يحبه الله ويرضاه ويبطل كيد أعدائنا وينصرنا عليهم ويهدي ضال المسلمين ويرده إلى الحق ويجعله ذخرا لدينه ووطنه وأسرته.
_______________________________________
الفقير إلى ربه: خالد بن سعود البليهد
- التصنيف:
- المصدر: