لا يسأل عما يفعل
ثم العدل ثانيًا وهو مبني على العلم الصحيح ولهذا فنحن غير مؤهلين للحكم على مثل هذه الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الخالق سبحانه وتعالى
من التساؤلات التي تلاحق أذهان المؤمنين أحياناً وتسبب لها الكثير من الحيرة مثل التساؤل عن الناس التي خلقها الله وقد سبق عليها الكتاب أنهم من أهل الجنة وآخرين أنهم من أهل النار ،أو أن بعض الناس خُلق طيبًا نقيًا محبًا للخير في حين أن آخر هو مزيج من سوء الأخلاق والطباع ،أو أن أشخاصًا بهم سماحة في الطبع وحسن المعاملة ومع ذلك هم من أهل النار لأن عقيدتهم فاسدة، وكذلك الحكم بالخلود في النار على بعض البشر مع كل هذا الضعف فيهم.
وهذه الأفكار تراود الكثيرين بدرجات متفاوتة ،بل أنها المدخل الشيطاني الأوسع كان ولا زال يتعلل به أهل الشرك عبر الأمم والأزمنة كما في قوله تعالى :” « يَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّـهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍۚكَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗقُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَاۖإِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ» " ( سورة الأنعام: 148 )
وهنا القول الفصل في المسألة وهو أول الدليل على صحة إيمان المرء هو الإيمان المطلق بأسماء الله وصفاته وأفعاله، و يلزمنا هنا بالتحديد بأن الله هو العدل المطلق لم يكن ليظلم أحدًا ولم يكن يعذب أحدًا لا يستحق العذاب ومن سلامة الإيمان كذلك الإيمان بأن الله هو العليم ،فالله يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور وكما يقول تعالى :" {وَلَوْ عَلِمَ اللَّـهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْۖ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ ﴿٢٣﴾} "(سورة الأنفال:23) ،فالمؤمن عليه أن يحصر الأمر في ذاته فإذا هداه الله للإيمان بفضل الله ورحمته ولا يلقى بالًا بمن آمن ومن كفر فحكمة الله في ذلك أمر محسوم غير أنه مطالب بالدعوة إلى الله فى كل وقت وحين .
فهناك شيء لا ندركه نحن البشر ولا نعلمه عن الآخرين يجعل المرء جديرًا برحمة الله وبأن يكون من أهل الجنة فيلهمه الله ويشرح صدره للإسلام ،فمهما بدا سمحًا رفيقًا فالله هو الوحيد الأعلم بسريرته وهذه هي القناعة التي يجب أن يصل إليها كل مؤمن وهي عدل الله وعلمه.
فحكمنا لا قيمة له إلا إذا تحقق فيه هذان الشرطان العلم أولًا وقد قال تعالى :"وَ {مَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} " (سورة الإسراء:85)
ثم العدل ثانيًا وهو مبني على العلم الصحيح ولهذا فنحن غير مؤهلين للحكم على مثل هذه الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الخالق سبحانه وتعالى
قال تعالى : " {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} ( سورة الملك :14)
أما الشيء الذي ندركه تماما أن هناك من البشر من ارتكب من جرائم في حق الإنسانية ما يجعله جديرا تماما بالخلود في النار ولا يناسب ما اقترفه سوى هذا المصير.
- التصنيف: