لماذا خلق الله الشرّ
ولو لم يكن في الدنيا شرّ، لما تحققت أسماء الله تعالى وصفاته! فالله الغني يغني من الفقر، والكريم يعطي من الحاجة، والغفور يغفر الذنب، والرحيم يرحم الضعيف، والمنتقم ينتقم من الظالمين، ويعاقب على الظلم.
يبرّر الملحد إنكار وجود الله بوجود الشّرّ، ويقول: لو كان في الوجود إله، لما سمح بالشّرّ!
لكن الملحد يناقض نفسه، حين يستنكر وجود الشرّ، مع أنه لا يستنكر القوانين التي شرعها الإنسان، وهي لا تكفي لمنع الجريمة والشرّ! بل ما أكثر الشرّ الذي يُرتكب باسم الفضيلة!
وحرية الاختيار تقتضي وجود الخير والشر، حتى يختار الإنسان أحدهما بمحض حريته الكاملة! فلا قيمة للاختيار الحر والإرادة الإنسانية إذا لم يكن في العالم شرّ! وفي هذا المعنى ترد الآيات القرآنية التي تفيد بأن لو شاء الله تعالى لهدى الناس جميعا، أو جعلهم أمة واحدة!
أضف إلى ذلك، أنه لا تصح ربوبية الله وهيمنته على الكون مع وجود شيء من غير خلقه! فهو المتفرّد بالخلق؛ خلق الخير والشرّ، ومنح الإنسان حرية الاختيار!
وتتمثل حكمة الله في خلق الكون، في اختبار الإنسان وابتلائه بالخير والشرّ، فلا تتحقق حكمة الله، دون مكافأة الإنسان على تجنب الشرّ، وامتثال الخير!
والمنطق يقتضي أن الخير لا يُعرف إلا بالشرّ. فلو لم يكن الشرّ مخلوقا، لما عرفنا الخير! ولما كان للخير فضيلة! ولما كان لاختياره جائزة مستحقة!
ولو لم يخلق الله الشرّ، لما كان لعبادة العباد ميزة! فالله تعالى يُعبد في السراء والضراء، وفي الفتنة والرخاء! فلو كانت الدنيا دار خير محض، لما كانت لعبادة الله فضيلة أو حكمة!
ولو لم يكن في الدنيا شرّ، لما تحققت أسماء الله تعالى وصفاته! فالله الغني يغني من الفقر، والكريم يعطي من الحاجة، والغفور يغفر الذنب، والرحيم يرحم الضعيف، والمنتقم ينتقم من الظالمين، ويعاقب على الظلم.
والخير الصّرف في الدنيا يُطغي صاحبه ويُنسيه أن له رباً يعبده ويلجأ إليه عند وقوع الشرّ. فعندما يقع الشر بالإنسان، يلجأ إلى ربه متذللا متضرعا، يشكو له، يبكي بين يديه، ويسأله العفو والمغفرة على ما اقترف من شرّ.
- التصنيف: