وماذا بعد رمضان؟

منذ 2021-05-16

من ذاق حلاوة الطاعة لا يتركها أبدا، وأن من علامات قبول العمل المداومة عليه.

وماذا بعد رمضان؟

حَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوعٍ بعنوانِ: «وماذا بعد رمضان؟».

 

فَأَرِعُونِي قلوبكم، وأسماعكم جيدا، والله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هدى الله، وأولئك هم المفلحون.

 

أيها الإخوة المؤمنون وماذا بعد رمضان؟؟!!

هنيئا لك يا من صمت رمضان إيمان واحتسابا.

 

روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [1].

 

وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ»[2].

 

هنيئا لك يا من قمت رمضان إيمان واحتسابا.

 

روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [3].

 

هنيئا لك يا من كنت تحافظ على صلاة التراويح مع الإمام إلى آخرها.

 

روى أبو داود بسند صحيح عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» [4].

 

أي من قام مع الإمام حتى ينتهي من صلاته كأنما قام تلك الليلة في الفضل والثواب.

 

هنيئا لك يا من أكثرت من الصدقة في رمضان.

 

روى البخاري ومسلم عَنِ عبد الله بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»[5].

 

هنيئا لك يا من أكثرت من قراءة القرآن في رمضان.

 

روى الإمام أحمد بسند صحيح عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ»[6].

 

ولكن إن أردت أن يتقبل الله منك الصيام والأعمال، ويغفر لك فعليك أن تفض الخصام والشحناء بينك وبين إخوانك.

 

هل تعلم أن الخصام، والشحناء سبب من أسباب حجب مغفرة الله عنك.

روى مسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللهُ عز وجل فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا إلَّا امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَخِّرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَخِّرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا»[7].

 

والخصام والهجران سبب من أسباب دخول النار.

 

روى أبو داود بسند صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ»[8].

 

وروى مسلم عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ» [9].

 

وإن أردتَ أن يتقبل الله منك الصيام والأعمال، ويغفر لك فعليك أن تبرَّ والديك.

هل تعلم أن عقوق الوالدين سبب من أسباب عدم قبول العمل.

 

روى ابن أبي عاصم بسند صحيح عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: « «ثَلاثَةٌ لا يَقْبَلُ اللهُ لَهُمْ صَرْفًا[10]، وَلَا عَدْلا[11]: عَاقٌّ، وَمَنَّانٌ[12]، وَمُكَذِّبٌ بِالْقَدَرِ»[13]».

 

أيها الإخوة المؤمنون هل تعلمون أن من ذاق حلاوة الطاعة لا يتركها أبدا، وأن من علامات قبول العمل المداومة عليه.

 

أخي الكريم احرص على أن تملأ أيامك كلها بطاعة الله.

1- لا تحرم نفسك من الصيام بعد رمضان.

روى البخاري ومسلم عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ، عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» [14]»[15].

 

2-لا تحرم نفسك من القيام بعد رمضان:

روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضى الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَ اللهِ لَا تَكُنْ بِمِثْلِ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ» [16].

 

وروى الإمام أحمد بسند صحيح عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه، قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ»[17].

 

3-لا تحرم نفسك من الصدقة بعد رمضان:

روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا» [18].

 

4-لا تحرم نفسك من قراءة القرآن بعد رمضان:

روى الترمذي بسند صحيح عن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ: الم حرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ»[19].

 

5-لا تحرم نفسك من صلاة الفجر بعد رمضان:

روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى المُنَافِقِينَ الْعِشَاءُ وَالْفَجْرُ» [20].

 

لا تحرم نفسك من صلة الرحم بعد رمضان:

روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ [21] فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» »[22].

 

فيا من ذقت حلاوة الصيام، احذر من عدم الصيام بعد رمضان.

يا من ذقت حلاوة القيام، احذر من عدم القيام بعد رمضان.

يا من ذقت حلاوة الصدقة، احذر من عدم التصدق بعد رمضان.

يا من ذقت حلاوة قراءة القرآن، احذر من عدم قراءة القرآن بعد رمضان.

يا من ذقت حلاوة الطاعة، احذر من المعصية بعد رمضان.


[1] متفق عليه: رواه البخاري (38)، و مسلم (1817).

[2] صحيح: رواه مسلم (574).

[3] متفق عليه: رواه البخاري (37 )، و مسلم (1815).

[4] صحيح: رواه أبو داود (1377)، و صححه الألباني في صحيح الجامع (2417).

[5] متفق عليه: البخاري (6)، و مسلم (6149).

[6] صحيح: رواه أحمد في مسنده (6626)، و صححه الألباني في صحيح الجامع (2882).

[7] صحيح: رواه مسلم (6711).

[8] صحيح: رواه أبو داود (4916 )، و صححه الألباني في صحيح الجامع (7659 ).

[9] صحيح: رواه مسلم (6697).

[10] صرفا: أي فريضة. [انظر: النهاية في غريب الحديث (3/ 24)].

[11] عدلا: أي نافلة. [انظر: النهاية في غريب الحديث (3/ 24)].

[12] منان: المنان هو الذي لا يعطي شيئا إلا مِنَّة. [انظر: النهاية في غريب الحديث (4/ 366)].

[13] صحيح: رواه ابن أبي عاصم (323)، و صححه الألباني في صحيح الجامع (3065).

[14] خريفا: أي سنة. [انظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 24)].

[15] متفق عليه: رواه البخاري (2840)، و مسلم (2767 ).

[16] متفق عليه: رواه البخاري (1152)، و مسلم (1159).

[17] صحيح: رواه أحمد في مسنده (24193)، و صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 109).

[18] متفق عليه: رواه البخاري (1442)، و مسلم (1010).

[19] صحيح: رواه الترمذي (3158)، و صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 267).

[20] متفق عليه: رواه البخاري (130)، و مسلم (651).

[21] ينسأ: أي يؤخر. [انظر: النهاية في غريب الحديث (5/ 44)].

[22] متفق عليه: رواه البخاري (5985)، و مسلم (2557).

_________________________________________________
الكاتب: د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني

  • 2
  • 0
  • 2,660

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً