صدق الرسالة المحمدية
الدلائل العقلية على صدق الرسالة المحمدية الشريفة، وإن مَن يتأمل سيرةَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لَيجِدُ الصدق يُطلُّ من كل حوادثها.
كنا قد ذكرنا - في مقال سابق - طرفًا من الدلائل العقلية على صدق الرسالة المحمدية الشريفة، وإن مَن يتأمل سيرةَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لَيجِدُ الصدق يُطلُّ من كل حوادثها.
ففي غزوة الخندق - مثلاً - أو الأحزاب:
كان الأمر بالنسبة للمسلمين محنةً من أشد ما قابلوه من المحن، ولشدة هذه الواقعة، فإنها تمحيص للمؤمنين؛ إذ ثبَّتت إيمانَ المؤمنين، وكشفتْ نفاق المنافقين، وكانت هذه الواقعة ثمرة خبث وحقد من اليهود، فبعدَ أن أُبعد بنو النضير عن المدينة، ونزحوا إلى خيبرَ، خرج زعماؤهم، وعلى رأسهم حُيَيُّ بن أخطب، يقوده الحقدُ الأعمى، ويسوقه الغِلُّ المرير، خرج إلى قريش يؤلِّبها ضد الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - ويتحالف معها على استئصال شأفة الإسلام والمسلمين، وقد صادف ذلك هوًى من قريش، بعد أن هاجت في نفوسهم مكامنُ ما أحدثتْه فيهم موقعةُ بدر، حتى قال أبو سفيان لهم: "مرحبًا وأهلاً، أحبُّ الناسِ إلينا مَن أعاننا على عداوة محمد".
بل بلغ من غدر اليهود، وسوء طويتهم، أن قريشًا قالت لهم: يا معشر اليهود، أنتم أهل الكتاب الأول والعلم؛ أخبرونا عن خلفنا مع محمد: أدينُنا خير أم دين محمد؟ فنحن عُمَّار البيت، ننحر الكوم (أي: النياق)، ونسقي الحجيج، ونعبد آلهتنا، فكذَبَ اليهود على أنفسهم، وعلى ربهم، وعلى دينهم، وعلى قريش، فقالوا: "اللهم أنتم أولى بالحق منه؛ إنكم تعظِّمون هذا البيت، وتعبدون ما كان عليه آباؤكم"، فنزل فيهم قوله - تعالى -: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء: 51، 52].
ثم لما ضمن اليهود قريشًا خرجوا إلى غطفان، وأغرَوْهم بثمر خيبر سنةً إن ناصروهم، فوافقت غطفان، كما راحت قريش تؤلب أتباعَها، كما ألَّبت يهودُ بني سليم، فخرجت وأتباعها في أربعة آلاف أو يزيد، منهم ثلاثمائة فارس، وخرجت سليم بسبعمائة، وخرجت بنو فزارة في ألف، وخرجت أشجعُ في أربعمائة، وكذلك بنو مرة، كما خرجت غطفان، حتى تكامل الجمعُ عشرةَ آلاف أو يزيد، أما المسلمون فكانوا نحو ثلاثة آلاف.
وقد كرب المسلمون لذلك كربًا شديدًا؛ فالأعداء أكثر عَددًا، وأوثق عُددًا، خاصة وأن الأعداء ينوون محاصرة المدينة؛ مما جعل النبيَّ - صلَّى الله عليه وسَلَّم - بمشورة سلمان - يخندق حول المدينة، وزاد الأمرَ كربًا شدةُ ما قام به يهود بني قريظة؛ إذ نقضوا عهدهم مع المسلمين، بعد أن ظنوا أن الدائرة دارتْ على المسلمين، وقد بعث لهم النبي - صلَّى الله عليه وسَلَّم - يُذكِّرهم بعهدهم، فازدادوا تنكرًا، ثم أخذوا يستعدون للحرب والقتال، وزاد من ضيق المسلمين ظهورُ نفاق المنافقين، ممن كانوا قد أظهروا الإسلام وأبطنوا غير ذلك، دام حصار الأعداء للمدينة عدة ليالٍ، حتى ضاق القوت بالمسلمين، واشتد الكرب، وعظُم البلاء، إلى حد يكاد يُنسي الإنسانَ نفسَه؛ وقد وصف الله – تعالى - شيئًا من ذلك الكرب أدقَ وصفٍ، بقوله – تعالى -:{إِذْ جَاؤُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب: 10 - 13].
وفي خضم هذا البلاء، وعنفوان ذلك الكرب، والموتُ يُطِلُّ على المسلمين من كل حدب وصوب - لا يزداد النبي - صلَّى الله عليه وسَلَّم - إلا تقربًا بربه، واعتصامًا بنصرته، وتشبثًا برجائه؛ إذ جعل يدعو ربه ويقول: «اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إنك إن تشأ لا تُعْبَد»، وذلك قاطع في نظر كل ذي نظر، في صدقه - صلَّى الله عليه وسَلَّم - وصدق رسالته العظمى.
ومن وقائع الغزوة نفسها - غزوة الأحزاب - ما أوردتْه أمهات كتب السيرة، من أن عمرو بن وُدٍّ، كان مقاتلاً فاتكًا في قريش، وكان بطلَها المغوار، وكان قد اشترك في بدر، ولكن أثبتته الجراح؛ فلم يحضر أحد، ووجد في غزوة الخندق فرصتَه ليستعيد مجده من جديد، وليؤكد بطولته، فنادى بالمبارزة، ولم يكن يجرؤ على الخروج له أحدٌ؛ إذ الخروج لمبارزته يعني الموت المؤكد، الذي ليس منه بد ولا مناص، ودعت الشجاعةُ ذلك الفارسَ الأبيّ، علي بن أبي طالب، أن يهم بالخروج له، لولا أن الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - منَعَه إشفاقًا؛ إذ قال له: «اجلس؛ إنه عمرو» فأخذ عمرو يتحدى المسلمين ويقول لهم: أين جنَّتُكم التي يعدكم بها ربُّكم، ألاََ يحب أحدٌ أن يدخلها، فهمَّ علي أن يخرج، لولا أن منعه الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - وفي المرة الثالثة أصرّ عليٌّ أن يخرج، فقال الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم -: «إنه عمرو»، قال: "وإن كان عمرًا يا رسول الله"، فلم يجد الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - بدًّا مِن تركه يخرج له؛ حرصًا على كرامة المسلمين، واستجابةً لرغبة عليٍّ وإن كان الموقف مخيفًا، فعلي شاب لم يَصل في تمرُّسه ومرانه تلك المرتبةَ التي تؤهله إلى مبارزة بطل فريد كعمرو، هذا الحرج لم يَزِدِ الرسولَ - صلَّى الله عليه وسَلَّم - إلا قربًا من ربه، إذ تطلع إلى الله - تعالى - وقال: «إلهي، أخذتَ مني عبيدةَ يوم بدر، وحمزةَ يوم أُحد، وهذا عليٌّ أخي وابن عمي، فلا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين».
وعبيدةُ هو عبيدة بن الحارث، ابن عم الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - تبارز يوم بدر مع شيبةَ بن ربيعة، فأصاب كلٌّ منهما الآخر، استشهد بعد ذلك متأثرًا بجراحه، وحمزةُ هو عمُّ الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - استشهد في أُحد، المهم أن الحرج كلما ازداد، والضيق كلما ألمَّ، والخطر كلما أحدق، فلا يزيد ذلك الرسولَ - صلَّى الله عليه وسَلَّم - إلا تقربًا لربِّه، وتلك آية قاطعة في صدقه - صلَّى الله عليه وسَلَّم.
هذا، ولو تأملنا حادثة أخرى وقعت في إحدى السرايا، لوجدنا مِن صدقه - صلَّى الله عليه وسَلَّم - ما يستقرُّ في قلب أي منصف:
ففي سرية تدعى سريةَ زيد بن حارثة إلى العِيص، وقع المغيرة بن معاوية أسيرًا، فسلَّمه الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - موثقًا إلى عائشة - رضي الله عنها - في رواية قوية - وذلك لمراقبته، وقال لها: «احتفظي بهذا الأسير، حتى أعود»، وخرج لشأن آخر، ولكن عائشة تلهَّت عنه مع امرأة بالحديث، فاستطاع الهرب، فلما عاد الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - ولم يجد الأسير، وسأل عائشة عنه، فقالت: لقد غفلتُ عنه، وكان هاهنا، فغضب الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - وقال لها: «قطع الله يدك»، وخرج فصاح بالناس، فجدُّوا في أثر الأسير حتى استطاعوا ضبطه، فدخل النبي - صلَّى الله عليه وسَلَّم - على عائشة، فوجدها في حالة من الذعر والذهول، تنظر إلى يدها وتقلِّبها، فعجب الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - وقال لها: «ما لك يا عائشة»؟، قالت: "لقد دعوتَ عليَّ بدعوتك، فأنظر كيف تقطع يدي"، فخشي الرسول نفسه أن تستجاب الدعوة، فتوجَّه إلى الله - تعالى - قائلاً: «اللهم إني بشر أغضب وآسف كما يغضب البشر، فأيما مؤمن أو مؤمنة دعوتُ عليه بدعوة، فاجعلها له رحمة».
فتأملْ كيف أنه خاف على زوجته مِن دعوته، وابتهلَ إلى ربه أن يجعلها بردًا وسلامًا عليها، معتذرًا ببشريَّته التي قد تجعله يغضب أحيانًا، إن كان غضبه دائمًا لله، ولحرمات الله؛ بل وتأمل كيف أن عائشة - وهي التي تعاشر الرسول، وتلم بكل أحواله وخصائصه - أيقنت أن الدعوة سوف تجاب، وأخذت تترقب احتمال تحقُّقها، أليس ذلك كله دليلاً واضحًا على صدقه - صلَّى الله عليه وسَلَّم.
وثمة دلائل من الحديبية:
منها:
ما رأى النبي - صلَّى الله عليه وسَلَّم - في نومه، إذ رأى أنه دخل البيت الحرام معتمرًا، ومحلِّقًا رأسه معرِّفًا مع المعرِّفين (أي: واقفًا بعرفة)، ومن المعروف أن رؤى الأنبياء إنما هي من قبيل الوحي؛ ولذلك فإن أبا الأنبياء إبراهيمَ - عليه السلام - عندما رأى في نومه أنه يذبح ولده - أدرك أن ذلك وحي من السماء، لا بد له أن يصدع به؛ لذا جدَّ في تنفيذه، لا تثنيه عن ذلك عاطفةٌ، ولا ضعف وتعلة، وقال لولده: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} [الصافات: 102]، ولما كان ولده يدرك هذا المعنى، ويعلم أن رؤيا الرسول أمر من السماء؛ فإنه قال: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102].
عندما رأى الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - أنه دخل مكة معتمرًا، أدرك أن ذلك وحي من السماء، فاستنفر الصحابةَ إلى العمرة، وطلب بعضهم أن يتسلَّحوا حرصًا وحذرًا، ولكنه - صلَّى الله عليه وسَلَّم - لعمق ثقته بربِّه وبما أمره به، رفض ذلك، وقال: «إنما خرجنا معتمرين، ولسنا محاربين»، وذلك على الرغم من العداء المستحكم آنذاك بين المسلمين وبين قريش، فتأمل كيف أنه - صلَّى الله عليه وسَلَّم - يثق بكل ما يأمره به ربُّه، ولو كان الأمر رؤيا مناميةً، مما يقع في صدق صلته بربِّه - تعالى.
ومنها:
أن قريشًا تصدَّت للمسلمين، ومنعتهم من الاعتمار، وانتهى الأمر بعقد اتفاق بين الطرفين، هو صلح الحديبية، وعندما جعلوا يحررون الصلح، أبدت قريش كثيرًا من العنت؛ إذ رفضت أن يُعنوَنَ الصلحُ بعبارة: (بسم الله الرحمن الرحيم)، وقال ممثلهم: أنا لا أعرف الرحمن، وإنما باسمك اللهم، كما رفضوا عبارة (بين محمد رسول الله)، وقال قائلهم: لو عرفت أنك رسول الله ما خالفتُك، وإنما أنت محمد بن عبدالله، فشقَّ الأمر كثيرًا على المسلمين، حتى وثب بعضُهم مشهرين سيوفَهم؛ ذودًا عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسَلَّم - ولكن الرسول منعهم، وقَبِل ما طلبتْه قريش، كما تعنتت قريش في شروطها، حتى ضج المسلمون، حتى قال عمر - رضي الله عنه - للرسول - عليه الصلاة والسلام -: "ألسنا بالمسلمين"، قال: «بلى» قال: "فعلامَ نُعطي الدنيةَ في ديننا؟!"، فلنسمع جواب الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - إذ قال: «أنا عبد الله ورسوله، ولن أخالف أمره، ولن يضيعني».
وليس في هذا الأمر ضعفٌ كما ذهب إلى ذلك بعضُ ضعاف البصائر من المستشرقين، وإنما تفسيره الواضح أنه رأى في نومه أنه يعتمر، ولم يرَ أنه يحارب، فهو يريد تنفيذ الرؤيا كما رآها؛ باعتبارها وحيًا سماويًّا، وذلك قاطع في صدق صلته بربِّه؛ بل ونفى شبهةَ الضعف التي ثارت في نفوس أولئك الذين لا يتفهمون الأمور - أن النبي - صلَّى الله عليه وسَلَّم - في ذات الموقف وقَبْلَ عقد الصلح، كان قد بعث عثمان بن عفان إلى قريش للتفاوض، ثم سرت إشاعة أن قريشًا قتلوه، فبايع النبي أصحابَه على الموت في بيعة شهيرة في الإسلام، امتدح الله الصحابة فيها، في القرآن الكريم، إذًا لا ضعف، ولا شبهة، وإنما هو صدق وإيمان؛ ولذلك عندما ثار عمر كان قول الرسول له موضحًا لذلك المعنى، إذ قال: «أنا عبد الله ورسوله، ولن أخالف أمره، ولن يضيعني».
وثمة حادث آخر:
فقد روي في أمهات كتب السيرة - مثل "إمتاع الأسماع" وغيره -: أن الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - بَلَغَه أن جَمعًا من بني ثعلبة بن سعد من غطفان وبني محارب بن خصفة بن قيس - قد تجمعوا يريدون الإغارة على المسلمين، وتزعمهم دعثور بن الحارث، فابتدرهم الرسولُ - صلَّى الله عليه وسَلَّم - إذ خرج إليهم في نحو أربعمائة وخمسين مقاتلاً، وعسكر بجنده لدى أحد الجبال، فأمطرت السماء مطرًا ثقيلاً، وكان النبي - صلَّى الله عليه وسَلَّم - قد ذهب منفردًا لقضاء حاجته، فأصابه المطر فبلَّ ثوبه، فنزعه ونشره على شجرة، ليجفَّ، واضطجع تحتها، وكان دعثور يراقبه من طرْف خفي، فانتهز هذه الفرصة وباغت الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - مشهرًا سيفَه، وقال له: "يا محمد، من يمنعك مني اليوم؟"، قال: «الله»، فسقط السيف من يده، وانتابته رعدةٌ شديدة، فأخذ النبي - صلَّى الله عليه وسَلَّم - السيفَ، ثم قام فقال له: «مَن يمنعك مني الآن»؟، فقال: "لا أحد"، فخلى النبي - صلَّى الله عليه وسَلَّم - سبيلَه، فأسلم، وأعطاه النبي - صلَّى الله عليه وسَلَّم - سيفه.
فانظر: إنه في مَعْمَعَانِ تلك المحنة، التي يعاين الإنسان فيها الموتَ بعينه، فهو أعزل، وذاك عدو يكاد يملكه وهو مشهر سيفه، فلا يزيده ذلك إلا اعتصامًا بالله، ولجوءًا إليه، وهكذا كان كلما ضاق به الأمر، وأحدقت به المحن، وأحاطه الخطر - لا يزداد إلا تقربًا من ربه، وتسليمًا إليه، أفلا يدل ذلك لكل ذي بصيرة دلالةً واضحة قاطعة، على إيمان صادق، لا شبهة فيه، ولا تصنُّع.
- التصنيف: